سرية الحسابات البنكية من المسائل الشائكة من الناحية القانونية حيث تعتبر سرية تلك الحسابات المصرفية هى الضمانة الرئيسية للمستثمرين والتُجار والمتعاملين مع البنوك، و أي عملية إخلال بهذه المنظومة الإدارية والقانونية قد تُنذر بموجة من سحب الأموال تهدد الاستثمار في المقام الأول وهو الأمر الذي تصدى له المشرع المصري.
ومسألة سرية حسابات البنوك والكشف عنها تُعد من أبرز الموضوعات التى ترتبط بالعديد من القضايا في المحاكم والنيابات المتعلقة بالقضايا المدنية أو الشرعية أو الجنائية حيث أن حق سرية حسابات العميل لدى البنك هو بمثابة حق قانوني نص عليه القانون بمعنى أدق لا يستطيع أى شخص معرفة حساب العميل ولا أي معلومات خاصة خاصة بالحساب سواء كان «قروض – سحب – إيداع» وغيرها.
فى التقرير التالي «اليوم السابع» يلقى الضوء من الناحية القانونية على مسألة سرية الحسابات البنكية الضامن الرئيسى للمستثمرين والتُجار والمتعاملين مع البنوك الذى يعمل بشكل كبير على كسب ثقة العملاء وزيادة أعداد المدخرين فى البنوك – بحسب الخبير القانوني والمحامى حسام الجعفرى.
فى البداية، البنوك لا تستطيع بأى حال من الأحوال كشف سرية الحسابات البنكية لـ«شخص أو جهة» أو أى معلومات عن حساب أي عميل لديه إلا بموجب مسوغ قانوني، فضلاَ عن أن هذا المسوغ القانوني يجب أن يكون له مبررات للكشف عن حساب العميل، بمعنى أدق لكى يتم الكشف عن حساب العميل لابد من آمرين:
الحالة الأولى للكشف عن الحساب
الحالة الأولى: لو النيابة العامة بتحقق في جنحة أو جناية واتضح للنيابة من التحقيق أن هناك «دلائل قوية»، ولابد من الأخذ فى الاعتبار من لفظة «دلائل قوية»، لأنها تُعتبر الحاكم الرئيسى فى تلك المسألة، المهم أنه اتضح للنيابة العامة من الدلائل القوية أن الكشف عن حساب المتهم سيفيد بشكل كبير وعاجل في مصلحة التحقيق.
إجراءات الحالة الأولى
وفى تلك الحالة المسئول عن إصدار قرار الكشف عن حساب المتهم أو العميل الموجود فى البنك هو النائب العام نفسه أو المحامي العام - على الأقل – وذلك الإجراء يكون بعد تقديم طلب لمحكمة استئناف القاهرة «بمعنى الطلب يُقدم من النائب العام أو المحامي العام بنفسه».
الحالة الثانية للكشف عن الحساب
الحالة التانية: إذا كان هناك دائن للشخص صاحب الحساب وهذا الدائن له مصلحة فى الإطلاع على حساب مدينه، تلك المصلحة هنا يُطلق عليها من الناحية القانونية «توقيع حجز ما للمدين لدى الغير» والغير هنا هو البنك، بمعنى أدق الدائن سوف يحجز على الأموال الموجودة فى حساب المدين تحت يد البنك لحساب الدائن، ولكى يتم هذا الإجراء يجب فى البداية الكشف عن سرية حساب المدين الموجودة فى البنك كى تتم عملية الحجز، ومن الناحية القانونية لكي يتخذ هذا الإجراء سالف الذكر لابد للدائن أن يكون لديه «دين ثابت» على المدين.
كيفية صدور قرار الكشف عن سرية الحساب؟
مسألة الكشف عن سرية الحسابات البنكية ليس لها سوى جهة واحدة فقط، لكن الأمر يختلف من حيث مقدم الطلب بمعنى أن الجهة الوحيدة التى يحق لها إصدار القرار هى محكمة استئناف القاهرة، تصدر قرار أو إذن قضائي أو أمر إلى البنك للكشف عن سرية حساب شخص معين، ولكن الاختلاف يكون في الشخص الذى يقدم الطلب كالتالى:
أ-يعني في الحالة الأولى «تحقيقات النيابة» الذى يقدم الطلب إلى محكمة الاستئناف هو النائب العام أو المحامي العام مباشرة، ومضمون الطلب يكون عبارة عن صدور قرار للكشف عن سرية حسابات الشخص الفلاني.
ب-وفي الحالة الثانية «الدائن»، والدائن هو الذى يقدم الطلب ولكن يقدمه للنائب العام أو المحامى العام الأول ثم يقوم أحدهما بتقديم الطلب لمحكمة استئناف القاهرة، و يجب الأخذ فى الاعتبار أنه حتى لو «الدائن» موجود فى أى مكان لابد أن يتقدم الطلب في محكمة استئناف القاهرة.
ملحوظة مهمة:
لو افترضنا أن بعد أن قدمت الطلب «كدائن» إلى النائب العام أو المحامي العام حتى يقدمه لمحكمة استئناف القاهرة ولم يقدمه، فذلك الإجراء يحق للنائب العام أو المحامي العام لأن سلطته تقديرية في رفض الطلب وعدم تقديمه إلى محكمة استئناف القاهرة أو قبوله وتقديمه، وفي كل الحالات قرار النائب العام أو المحامي العام في هذه الحالة لا يجوز الطعن عليه.
مواد القانون المنظمة لسرية الحسابات البنكية
البنك المركزى ضمن الهيئات والأجهزة المستقلة التى نص الدستور في مادته ٢١٥ على أخذ رأيها في القوانين المتعلقة بعملها، نصت المادة على: يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفنى والمالي والإدارى، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها، وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزى والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية.
القانون رقم 91 لسنة 2005
وينظم القانون رقم 91 لسنة 2005 عملية الكشف عن الحسابات المصرفية، ولا يجوز الإطلاع عليها إلا في حالتين اثنتين فقط، إذن النائب العام أو خطاب من رئيس محكمة استئناف القاهرة.
القانون رقم 88 لسنة 2003
ونص قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ وتعديلاته فى المادة ٩٧ على أن: «تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم فى البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الإطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر، إلا بإذن كتابى من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة، أو من أحد ورثته أو أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذه الأموال، أو من النائب القانونى أو الوكيل المفوض فى ذلك أو بناء على حكم قضائى أو حكم محكمين»، ويظل هذا الحظر قائما، حتى لو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأى سبب من الأسباب.
القانون رقم 91 لسنة 2005
أما بشأن تسريب البيانات من خلال المديرين أو الموظفين بالبنوك، فحظرت المادة ١٠٠ من ذات القانون ذلك على رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك وشركات التمويل العقاري وشركات التأجير التمويلي وشركات الاستعلام والتصنيف الائتماني ومديريها والعاملين بها إعطاء أو إفشاء أية معلومات أو بيانات عن العملاء أو حساباتهم أو ودائعهم أو الأمانات أو الخزائن الخاصة بهم أو معاملاتهم في شأنها أو تمكين الغير من الإطلاع عليها في غير الحالات المرخص بها بمقتضى القانون.