بعيدًا عن الشواطئ والإجازات الهادئة، هل فكرت فى رحلة تكون متعتها فى شقائها، أن تسلك دربا للمشى الطويل لمدة أيام، وسط الطبيعة الساحرة حيث جبال شاهقة على الجانبين، وطيور وحيوانات نادرة حولك هنا وهناك، فتنجو من صخب الحياة فى المدينة، وتعود بنفسك إلى صفائها وهدوئها.
هذا النوع من الرحلات البيئى أصبح له عاشقين يبحثون عنه ويقطعون الأميال من أجله، ومصر خطت بعض الخطوات نحو تطوير سياحة المغامرة حتى أوجدت لها مكانا مميزا على خريطة العالم فى هذا النمط السياحى الذى يشهد تطورا كبيرا.
ودروب المشى السياحية أو الـhiking هى أحد أوجه السياحة المستدامة، التى تسعى كل الدول حاليا إلى التوسع فيها وتنميتها، تماشيا مع توجهات منظمة السياحة العالمية ومع متطلبات السوق العالمية، ومصر دخلت هذا المجال فى العام 2014 بدرب سيناء الطريق الذى يأخذك إلى قمم جبال سانت كاترين مرورا بجبل موسى والوادى المقدس، هذا الطريق الذى سلكه الحجاج المسلمين منذ قديم الأزل إلى مكة، والمسيحيين إلى القدس، والذى حاز على جوائز عديدة وذاع صيته عالميا.
وبعد نجاح مشروع درب سيناء وقيام وزارة السياحة بالترويج له، تم تدشين درب جديد على طريق البحر الأحمر فى إبريل الماضى، وأطلق عليه درب البحر الأحمر والذى يعد أول مسار للمشى لمسافات طويلة فى مصر، والذى سيكون بطول 170 كيلومتر ويستغرق 10 أيام والذى يُظهر أفضل الجبال خارج الغردقة.
الطريق الجديد سرعان ما وجد له مريدين وزاع صيته فى الأوساط العالمية حتى اختارته مجلة التايم ضمن أفضل الأماكن السياحية التى توصى المجلة بزيارتها فى عام 2019 من بين 100 وجهة سياحية يجب أن تحظى بتجربة السائحين لها.
ومن جانبها أكدت وزيرة السياحة، على أن الثراء والتنوع والأصالة التي تقدمها مصر للعالم أصبحت تتصدر عناوين الصحف والمجلات العالمية، وأشارت الوزيرة، إلى أن مشروع درب البحر الأحمر هو مشروع سياحي مجتمعي يهدف إلى الحفاظ على البيئة وتنمية ودعم المجتمعات المحيطة به وخلق فرص عمل فى صناعات يعمل فيها سكان المنطقة، وهذا يتماشى مع رؤية وزارة السياحة لوضع مصر على طريق السياحة المستدامة، حيث ان التنمية الاقتصادية للمجتمعات المحلية هو جزء من الهدف الأشمل لوزارة السياحة.
كما أنه يقدم تجربة حقيقية للمغامر أو الرحالة للتواصل والتعرف على ثقافة المنطقة وهو ما يتفق مع مفهوم حملة People to People، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على التنوع الذي يتمتع به الشعب المصري، وتعريف السائح بالمناطق السياحية المختلفة لإبراز ميزاتها التنافسية وخصائصها Branding by Destination وهو أحد ركائز محور الترويج والتنشيط ببرنامج الإصلاح الهيكلى لتطوير القطاع.
وعرضته قناة CNN لأول مرة في فقرة (اتجاهات السفر) فى برنامج "غرفة الاخبار" وهو واحد من أهم وأكثر البرامج مشاهدة على القناة، فيلما للترويج لسياحة المغامرات في مصر، والذي قامت الشبكة العالمية بتصويره في "درب البحر الأحمر"، وهي المرة الأولى التي يتم التصوير فيها في هذا الدرب الجديد.
وقال مذيع قناة CNN خلال الفقرة أن هذا الدرب يقع بالقرب من مدينة الغردقة، مما يتيح للسائح فرصة المزج بين السياحة الشاطئية وسياحة المغامرات، وهو يمنح السائرين فيه فرصة لرؤية الطبيعية البرية المتنوعة في مصر، والتعرف على ثقافة المنطقة.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة إلى أن سياحة المغامرات أصبحت من أسرع الأنماط السياحية نموا في الآونة الأخيرة، وأكثرها انتشارا بين الشباب، وأصبحت تحتل نسبة كبيرة من حركة السياحة العالمية.
وأضافت الوزيرة أن دروب المشى السياحية أو الـhiking هى أحد أوجه السياحة المستدامة، حيث تشرف قبيلة "المعزة" البدوية على هذا الدرب وهي المسئولة عن تنظيم رحلات المشي به، حيث أنهم اكثر الناس دراية بالمنطقة ودروبها، ويهدف المشروع الى الحفاظ على البيئة وتنمية ودعم المجتمعات المحيطة به، وهو ما يتماشى مع رؤية برنامج الإصلاح الهيكلي التي ترتكز على النهوض بقطاع السياحة من خلال تحقيق تنمية سياحية مستدامة، كما انه يهدف إلى خلق فرص عمل لسكان المنطقة وهو ما يأتي اتساقا مع الهدف الأشمل لوزارة السياحة وهو "توظيف واحد على الأقل من كل أسرة مصرية في قطاع السياحة والأنشطة المرتبطة به".
كما أن دروب المشى السياحية تسلط الضوء على سكان المناطق المحيطة مما يأتي في إطار محور الترويج والتنشيط ببرنامج الإصلاح الهيكلي لتطوير قطاع السياحة، وحملة People to People احد ركائز هذا المحور والتي تهدف إلى تسليط الضوء على التنوع الذي يتمتع به الشعب المصري، وتعريف السائح بالمناطق السياحية المختلفة لإبراز ميزاتها التنافسية وخصائصها Branding by Destination.
الفيلم يتحدث فيه الرحالة والمغامر البريطاني بن هوفلر وهو أحد الذين شاركوا في تأسيس الدرب، والذي قال أنه على الرغم من أن هذا الدرب جديدا، إلا أنه عبارة عن شبكة من الطرق القديمة التي استخدمها البدو في مصر لقرون بهدف السفر والتجارة والصيد، وأشار الى أهمية جبال البحر الأحمر تاريخيا، موضحا أن الحضارات المتعاقبة مرت بهذه الجبال وشقت طرقا بينها منذ العصور الفرعونية وحتى عصور البطالمة والرومان، وقال أن هذا المشروع يعطي للبدو الذين يقطنون المنطقة الفرصة لتقديم بلدهم وتراثهم للعالم.
وأشاد الرحالة الإنجليزي بن هوفلر بدور وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط، و ما تقوم به لتطوير سياحة المغامرات فى مصر، والتركيز علي دمج المجتمعات في تجربة السائح كجزء من حملة People to People.
وقال هوفلر فى تغريدة له اليوم "أشكر دكتورة رانيا المشاط على رؤيتها الثاقبة والدعم الذى تمنحة لتطوير سياحة المغامرة فى مصر، فمصر من افضل الدول لى وهذا النوع الجديد من السياحة يمكن ان يغير حياة الناس فى مصر وحياة السائحين أيضا".
والمسار خضع لتطوير كبير بالتعاون مع الجهات المختصة، وبدايته قريبة من مطار الغردقة تيسيرا على الراغبين فى خوض المغامرة، والوصول إلى واحدة من أجمل مناطق الحياة البرية فى مصر والشرق الأوسط، ويتم إدارته بالكامل من قبل بدو المنطقة، وهدفه هو تعزيز نوع جديد من السياحة فى المنطقة تحديداً سياحة المغامرات المستدامة التى تخلق فرص العمل والفرص التى يمكن من خلالها معرفة البدو التقليدية ومهاراتهم وسبل عيشهم فى المنطقة.
الطريق يوفر فرصة للباحثين عن المغامرة التمتع بأجمل بقاع مصر حيث جبال البحر الأحمر المتنوعة الأشكال والألوان، حيث يمر بجبال شايب البنات وقمة جبل أبو دخان، وجبل أم عناب ومشاهدة حياة برية نادرة التنوع، ومن الأشجار الشائعة فى وديان المنطقة الســـنط، وشجيرات الســــواك؛ وشجرة (هجليج، أو إجليج )، وثمارها عبارة عن توت قرمزى صغير الحجم، عصيرى، مقبول كطعام.
ومن الطيور اللصيقة بالمنطقة الجبلية، الرخـمـــة المصرية، أو (أنــــوق)، وتعرف أيضا باسم (دجاجة الفرعون)؛ وطائر (حجل الصخر). أما الوديان، فهى ملتقى أنواع عديدة من الطيور المهاجرة، تتخذها محطة للراحة، ولالتقاط الغذاء.
ومن الحيوانات المتميزة التى تعيش فى جبال الصحراء الشرقية، التيس البري؛ ويُعَـــدُّ ملك الجبال حقاً، وهو أيضا معرَّض لخطر الانقراض. إنه لا يبارح أعالى الجبال إلا مرة واحدة باليوم، ليشرب من مياه الوديان.
أما عن القيمة التراثية للمنطقة فبطول الطريق تلاحقك حكايات التاريخ عمن سبقوك إلى هذا الدرب، فهنا أثار الرومان فى كل ما حولك، حيث أول مدينة رومانية المونس كلوديانوس، والتى كانت عبارة عن محجر للرخام فى الإمبراطورية الرومانية، وضمت العديد من المبانى والمنازل الخاصة بالملك، إضافة إلى الغرف والبيوت الخاصة بالعمال الذى كانوا يعملون على استخراج وتقطيع الرخام، كما ضمت المدينة معبدا رومانيا كبيرا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة