"قصة كفاح كبيرة بدأها مواطن من أرياف الشرقية، من الصفر فقد تحدى الجميع وقهر الظروف الصعبة التى واجها من الفقر وكان لديه إرادة قوية وعزيمة أن يهزم الجهل بداية من عمله عامل بالأوقاف، حتى انتهت بحصوله على مؤهل عال ودراسات عليا وسجل رسالة الماجستير، ليثبت للجميع أن العلم هو طريق النور.
صاحب قصة الكفاح هو "إبراهيم القبانى" يبلغ من العمر 92 سنة، ولد بقرية العواسجة محافظة الشرقية "اليوم السابع" زاره بمنزله ليروى لنا قصة كفاحه من طفل صغير حرم من التعليم بسبب الفقر، نهاية بحصوله على مؤهل عال، روى الشيخ "محمد إبراهيم القبانى" قصة كفاحه قائلا: ولدت لأسرة فقيرة أب يعمل منشد دينى وأم ربة منزل، وأتم تعليمه الابتدائى بمدرسة القرية الريفية وهى التعليم الإلزامى فى ذلك الوقت، وكانت تعادل الابتدائية، حيث إن قرية العواسجة هى من أقدم بلاد الشرقية فى التعليم، وكان بها مدرستين للتعليم الإلزامى منذ أكثر من مائة عام وهما مدرسة النهضة المصرية والمدرسة الريفية، وكان من يحصل على الشهادة الإلزامية فى هذا الوقت يذهب لمدينة الزقازيق لاستكمال التوجهية.
وأضاف الشيخ القبانى "أنه فؤجئ بوالده يرفض ذهابه إلى مدينة الزقازيق لاستكمال تعليمه، بسبب الفقر وقال له: "يا بنى لو أنت عايز تكمل تعليمك يبقى أمك هتبيع الـ8 قراريط اللى ورثتهم من أسرتها"، مضيفا أنه كان ينظر بحسرة إلى أبناء جيله وزملائه، الأقل نبوغا منه ونالوا تعليمهم فى الزقازيق، وتمكن والده من خلال معارفه فى ليالى الإنشاد الدينى، من تعينه عاملا فى الأوقاف حتى ثم تزوح ورزقه الله بستة أبناء ثلاثة ذكور وثلاثة إناث، وظل حلمه فى خياله يداعبه فى استكمال دراسته، وكان ينظر لأبنائه بحب وإعجاب وهم فى المدرسة إلى أن ذهب ذات يوم لشيخ المعهد الدينى وأبدى رغبتة فى استكمال التعليم بالأزهر فقدم للالتحاق بالأزهر المرحلة الإعدادية وهو فوق سن ٤٧ سنة، واشترط الأزهر اجتيازه فى امتحان القرآن الكريم شرط لقبوله فوافق على الفور، لأنه كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب قراءة وترتيل وتلاوة فنجح إلى أن التحق بالأزهر وظل به حتى حصل على الشهادة الأزهرية.
وسرد الشيخ القبانى: أنه ذهب إلى مكتب تنسيق الأزهر بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، وسط سخرية بعض الشباب منه، وعند التقديم كاد موظف الشباك أن يجهد هذا الحلم فى مكتب التنسيق، حيث سأله عن نموذج التجنيد مع أنه قارب على الستين، فتدخل عميد الكلية وجعل موظف التنسيق يقبل الأوراق، وبعدها تم إبلاغه فى خطاب رسمى من التنسيق يعلنه قبوله بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة القاهرة، ففرح كثيرا لأنه سيجاور أضرحة آل البيت الحسين والسيدة زينب، وهنا كانت بداية رحلة معاناة جديدة بين التزامة، بإطعام صغاره والصرف على تعليمهم وبين السفر للقاهرة ومصروفات الدراسة وثمن الكتب.
وتابع الشيخ: أنه تعرض لضغينة من بعض زملائه فى الأوقاف، لتحريضه رئيسه فى العمل ضده لكثرة غيابه لسفرة للكلية، وتم إرغامه على الاختيار بين استكمال عمله أو البقاء فى عمله، فلم يتردد واختار التعليم وحصل على إجازة بدون مرتب، وزادت عليه المعاناة المادية، وكلما زادت عليه المحنة زاد إصرار على تحدى الكون فى سبيل تحقيق حلمة وعاد يطوف فى الموالد من أجل قراءة القرأن والإنشاد الدينى والذكر، إلى أن أتم كليته بتقدير جيد جدا، وكان عمره وقتها 59 سنة، قبل بلوغه سن المعاش بسنة وسبق أولاد فى التعليم، وتوفق عليهم حيث لم يحصل أى منهم على مؤهل عالٍ.
وتابع: أنه حصل على الدراسات العليا بنجاح وقام بتسجيل رسالة الماجستير، إلا أن المرض ألم به فضلا عن نفقات المراجع والسفر للقاهرة لم يعد يقدر عليهما سواء المرض أو مصاريف الماجستير، فجلس فى قريته ووهب نفسه للخطابة على منابر مساجدها والدعوة والإنشاد الدينى، دون مقابل وتعلم العزف على العود وتقديم الإنشاد الدينى مع العزف على العود.
وأضاف: أنه يشعر بالحسرة والمرارة، عندما يسمع دعوات التكفير التى ينادى بها بعض الجماعات، وأن الإسلام برىء منهم وأن الإسلام يدعو إلى السلم والتسامح وظل يدعو الله، أن ينجى مصر منهم وأن يوفق الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى حرر مصر من جماعه كانت ستقوم بإرجاع مصر إلى القرون الوسطى وتمنى مقابلة الرئيس ومصافحته.