مفاجآت ونتائج غير متوقعة تطالعنا بها الانتخابات التونسية التى أنهت جولتها الأولى الأحد الماضى وسط مشاركة كبيرة من النساء والشباب، ومثلت النتائج التى أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مفاجأة من العيار الثقيل، فتقدم فى المرتبة الأولى قيس سعيد مدرس القانون بتونس بنسبة 18.4% والبعيد عن عالم السياسة والإعلام، وجاء فى المرتبة الثانية نبيل القروى الموقوف منذ الـ26 من أغسطس الماضى بسجن العاصمة التونسية مورنجيه على ذمة قضايا غسيل أموال وتهرب ضريبى، بنسبة 15.58% .
حملت النتائج العديد من علامات الاستفهام التى حاولنا إيجاد أجوبة عنها لدى المسئولين عن الهيئة العليا للانتخابات والفائزين أيضا بالجولة الأولى من الانتخابات وعدد من التونسيين لتفسير الأسباب التى قادت إليها.
"تصويت عقابى"
فاروق بوعسكر نائب رئيس الهيئة العليا للانتخابات
وفى تفسيره قال لنا فاروق بو عسكر نائب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، إن الناخب التونسى قام بنوع من "التصويت العقابى" تجاه النخبة السياسية التى حكمت تونس منذ ثورة الياسمين فى 2011 وحتى الآن، فجاء اختياره لاثنين من المرشحين بعيدان تماماً عن عالم السياسة تعبيرا عن غضبهم وعدم رضائهم عن أداء من كانوا فى السلطة الحاكمة طوال هذه المدة.
ونوه بأن هذه النتائج رغم أنها رسمية لكن مازالت أولية كونها قابلة للطعون أمام المحكمة الإدارية حتى غد الخميس.
وأضاف بوعسكر، أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صادقت خلال اجتماع مجلسها على محاضر الفرز والتجميع التى وردت إليها، وتم التأكد بدقة من احترام المترشحين اللذين يحتلان المرتبين الأولى والثانية القوانين الخاصة بالحملات الانتخابية قبل إعلان النتائج الرسمية.
"سعيد" الأقرب للفوز
فاروق بوعسكر
وقال بوعسكر، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن فوز قيس سعيد ونبيل القروى فى الجولة الأولى لم يكن مفاجأة بل جاء متسقا مع استطلاعات رأى أجريت فى مايو ويونيو الماضيين.
رسالة من الشعب للنخبة
ومن جانبه، أكد عبدالوهاب الريسى منسق الهيئة العليا للانتخابات عن دائرة مصر، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن عدد الناخبين التونسيين من أبناء الجالية بالإسكندرية بلغ 104 ناخبين من إجمالى 185 مسجل، آى ما نسبته حوالى 70 %.
وأضاف الريسى، أن عدد من ادلوا بأصواتهم فى القاهرة بالجولة الأولى للانتخابات الرئاسية بلغ 96 ناخبا ، من 982 مسجلين بالقوائم الانتخابية .
أشار الريسى إلى أن غالبية من شاركوا فى الانتخابات من الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما، وهذا سبب تقدم المرشح قيس السعيد مدرس القانون المحافظ، موضحا ان تقدمه يحمل رسالة من التونسيين للنخبة السياسية مفادها:"إننا سئمنا الوجوه القديمة والوعود بلا تنفيذ ونريد الأقرب للشارع التونسى" .
سعيد: النتيجة مفاجأة
وعقب الفوز بالمرتبة الأولى فى الجولة الأولى قال قيس سعيد: "لدى شعور عميق بالمسئولية، وأتقدم للشعب التونسى بالشكر وأتعهد أن أكون رئيسا لكل التونسيين" .
وأكد أن المؤشرات كانت مفاجأة ولكن تؤكد أن هناك تحول إيجابى فى تونس، وقال: "أثناء حملتى ناشدت التونسيين أن يشاركوا بكل حرية أعطيت مساحة للشباب لإدارة الجلسات الخاصة بى، لأنهم هم من يقودون المستقبل".
وأكد أنه لن ينتمى إلى أى حزب أو أى انتماء سيساسى بل سيظل مواطن تونسى يتحمل المسئولية تجاه الشعب والوطن وسيبقى مستقلا.
فوز "القروى يخلى سبيله
وأضاف فاروق بوعسكر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، إنه فى حال فوز المرشح نبيل القروى فى الجولة الثانية من الانتخابات فسوف يتمتع بحصانة رئيس الجمهورية وبناءً عليه سيخلى سبيله من القضايا المحتجز على ذمتها بموجب القانون التونسى، خاصةً أنه مازال محتجزا ولم يصدر بحقه حكم قضائى نهائى.
وعن نسبة المشاركة فى الانتخابات قال، النسبة بلغت 49 % أى اقتربت من النصف وهى نسبة مقبولة والشباب كانوا الأكثر مشاركة، وكان المتوقع أن تكون 40 % لأن آخر انتخابات أجريت فى عام 2018 وهى الانتخابات البلدية لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها الـ 36 % .
وعن موعد الجولة الثانية قال قد يكون فى 6 أكتوبر فى هذه الحالة سوف يتزامن مع الانتخابات التشريعية مما سيعطى نسب مشاركة أفضل، ولن يتجاوز موعدها 13 أكتوبر.
حملة "القروى" تتقدم بطلب الإفراج عنه
ومن جانبه قال المتحدث الإعلامى بالحملة الانتخابية للمرشح التونسى نبيل القروى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن محاميه تقدم بطلب أمس لدائرة الاتهام بالقطب القضائى المالى والاقتصادى (المحكمة الاقتصادية) للإفراج عن نبيل القروى، عقب إعلان النتائج وفوزه بالمرتبة الثانية، ليمارس حقه الدستورى ويتواصل مع ناخبيه فهو حرم من خوض المناظرات التليفزيونية مثل باقى المرشحين.
أضاف هيكل، أن فريق الدفاع الخاص بالقروى يحاول الضغط لإطلاق سراحه خاصة انه موقوف بشكل تحفظى بدون حكم قضائى وموضوع بسجن المورنجيه فى العاصمة.
وأكد ان عقب إعلان النتائج بعث القروى رسالة تهنئة لقيس سعيد، وكان سعيدا بالنتائج لأنها تعبر عن إرادة التونسيين وعبر عن تمنياته أن تمر الجولة الثانية بشكل من التنافس المحترم والشريف بين المتنافسين .
وأكد هيكل أن توقعاتهم كانت بتصدر نبيل القروى قائمة الفائزين فى المرتبة الأولى، وليست الثانية لأنه يرتكز على قاعدة شعبية كبيرة حصدها من خلال جمعيته "خليل تونس" التى ساعدت الكثيرين.
وأشار إلى أن استطلاعات الرأى التى أجرتها مراكز أبحاث "سيجما كونسيه" و"إمرود كونسيلتنج" وإليكا" فى مارس الماضى أظهرت تقدم القروى على منافسه سعيد بفارق أربع نقاط تقريبا .
وعن احتجاز "القروى" ، قال هيكل "تقدمت منظمة "انا يقظ" وهى إحدى منظمات المجتمع المدنى بشكوى ضد القروى فى 2016 تتهمه بتبييض الأموال والتهرب الضريبى، وقدم ما يثبت عدم صحة التهم لموجهة إليه، وفى أغسطس الماضى تم باستدعاؤه واستجوابه مدة 16 ساعة، ثم أخلى سبيله و26 من الشهر نفسه فوجئنا بإيداعه فى الحبس .
وعن الجولة الثانية قال هيكل، نتوقع مشاركة أكبر من الناخبين والتنافس سيكون على قوة البرامج المقدمة من المرشحين ونثق فى الشعب التونسى.