واحد من الكتب المهمة فى تاريخ الثقافة العالمية هو كتاب "وليمة متنقلة" للكاتب العالمى "إرنست همينجواى" صاحب جائزة نوبل والذى مات منتحرا فى عام 1961، وقد حول الفرنسيون الكتاب إلى أيقونة فى حياتهم حتى أنه لا يزال من الكتب الأكثر مبيعا فى العالم.
ويهدف الكتاب إلى بعث رسالة حب إلى مدينة باريس، وقد ترجم إلى اللغة الفرنسية بعنوان "باريس بتوقيت شرق الولايات المتحدة".
وفى الكتاب يقول "همنجواى" إذا أتاك الحظ بما فيه الكفاية لتعيش فى باريس وأنت شاب، فإن ذكراها ستبقى معك أينما ذهبت طوال حياتك، لأن باريس وليمة متنقلة.
ويتحدث الكتاب "وليمة متنقلة" عن مدينة باريس التى عاش فيها همنجواى فى أوائل العشرينات كما لو كانت امرأة جميلة أغرم بها وحفظ خريطتها وتضاريسها.
وتناول الكاتب قصة حياته فى باريس ما بين 1921-1926، وهى السنوات التى يسميها الفرنسيون بالحقبة الجميلة أو بسنوات الجنون، يحكى "همنجواى" عن التسكع على شاطئ نهر السين، والوصول إلى مكتبة شكسبير لاستعارة الكتب واقتراض النقود من صاحبتها، مؤكدا أن باريس عاشت أجمل أيامها بعد الحرب العالمية الأولى، موضحا أن باريس كانت مقصدا للعديد من الحركات الفنية، والمدارس الأدبية، والمذاهب الفلسفية الجديدة.
ووصف "همنجواى" أن الخمس سنوات التى عاشها فى فرنسا لم تكن حالته المادية ليست ميسورة، موضحًا أن الفقر لا يقف فى طريق محبة الحياة، كما أنه استطاع أن يدخل القارئ فى خفايا تجربة الروائى الشاب الذى يعشق الكتابة فى المقهى ساعات الصباح الباكر ليتفرغ بقية اليوم للتنزه فى بارس والالتقاء بأصدقائه الذين يشاركونه تجربة الكتابات الأولى.
كما يتحدث الكتاب عن الأدباء والفنانين والشعراء الذين كانوا يعيشون فى باريس فى تلك الأيام والذين ربطته معهم صلات مودة وصداقة، ولهذا قصدها للإقامة فيها كثير من أدباء إنجلترا وأمريكا مثل الشاعر الأمريكى الكبير عزرا باوند، والشاعر الأمريكى البريطانى تى إس إليوت صاحب قصيدة " الأرض اليباب " التى تعد نقلة نوعية كبرى فى الشعر الإنجليزى فى القرن العشرين، والروائى الإيرلندى جيمس جويس صاحب رواية "يوليسيس" التى توصف بأنها أعظم رواية فى الأدب العالمى فى القرن العشرين، والروائى الأمريكى الشهير سكوت فتزجيرالد، صاحب رواية " جاتسبى العظيم " أفضل رواية أمريكية فى القرن العشرين، والناقدة الروائية الأمريكية جيرتيتيود شتاين، والرسام الأمريكى باسين، والكاتب البريطانى فورد مادوكس فورد، وغيرهم كثير، فهذا الكتاب يشكل جنساً أدبياً جديداً فهو عبارة عن ذكريات سيرة ذاتية صيغت بشكل روائى.
وإضافة إلى كل هذه التفصيلات، يكشف الكاتب فى هذا الكتاب عن تقنياته السردية والأسلوبية، وبث المعلومات بطريقة ذكية يشعر بها القارئ العادى.
ليست هذه هى المرة الأولى التى تزاحم فيها الباريسيون إلى المكتبات ففى أعقاب الهجوم الإرهابى الذى حدث فى 13 نوفمبر الماضى، عندما قتل 12 شخصا فى مكاتب المجلة الساخرة "شارلى إبدو"، ومن بعد هذا الحادث الإرهابى تزاحم البارسيون لقراءة مقالة للكاتب الفرنسى الشهير "فولتير "التى ترجع تاريخها إلى القرن الـ 18 عن "التسامح"، وروجت هذه المقالة بنسبة كبيرة وحققت نسبة مبيعات عالية فى مكتبات فرنسا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة