سنة سودة عاشها الاقتصاد التركى فى 2019 وربما يستمر السواد بلغة الأرقام فى العام الجديد 2020 والسبب الوساوس والهلاوس والهوس والأحلام الزائفة والسراب الذى يجرى وراءه الأغا العثمانى رجب طيب أردوغان التى أودت باقتصاد بلاده إلى منحدر الهبوط وسط توقعات إلى استمرار الهبوط حتى حافة الهاوية فى حالة تمسك أردوغان بسياسات الجنون الخارجى فى الاعتداء على سيادة الدول الداخلية ودعم جماعات الإرهاب أو بممارساته القمعية الداخلية ضد كل فئات المجتمع من النخبة الإعلامية والقضائية والسياسية والعسكرية، علاوة على «العداء والغل» الذى مازال يحمله فى صدره ضد مصر التى حطمت أحلامه فى التوسع والإمبراطورية فى 30 يونيو 2013.
فأردوغان أشعل النيران فى غالبية علاقاته من دول الجوار العربى والأوروبى ولم يجد له منفذا سوى فتح علاقات مشبوهة ومريبة مع جماعات وتنظيمات الإرهاب على بعد آلاف الكيلومترات فى ليبيا، وضخ المئات من التنظيمات الإرهابية التى يرعاها فى سوريا إلى ليبيا عبر الطائرات المدنية.
الصراعات الخارجية والتوترات الداخلية كان لها أكبر الأثر على الاقتصاد التركى الذى يعد واحدا من أكبر خمس اقتصادات أوروبية، فمؤشرات الأداء الاقتصادى بدأت فى التراجع بشكل كبير.
وزاد الطين بلة.. قرار الرئيس التركى بالتدخل فى القرار الاقتصادى وأصدر منذ أيام قليلة قرارا فى منتصف العام الماضى بعزل محافظ البنك المركزى التركى دورموش يلماز، بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد الذى أصابه الركود والتراجع.
الليرة التركية تراجعت بعد التدخل السافر من أردوغان، وانخفضت السندات التركية الدولارية، وهى إحدى ملامح معاناه الاقتصاد التركى الذى يمر بظروف صعبة، فالعام الجارى يشهد أول ركود منذ 10 سنوات، وبلغت نسبة التضخم 15.7% حتى نوفمبر الماضى فقدت العملة التركية ثلث قيمتها أمام الدولار، وساهم ارتفاع التضخم فى تعميق الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالبلاد، فى وقت تحاول تركيا التراجع عن سياساتها النقدية لمواجهة الأزمة المالية.
وتمتلك تركيا حاليا سادس أعلى معدل تضخم فى العالم، وهو رقم يحيد بتركيا عن الاقتصادات النامية وحتى المتوسطة.
المحافظ المقال اتهم أردوغان وحكومته بقتل الاقتصاد، حسب تصريحه عقب الإقالة، بسبب المعلومات المضللة وانعدام الشفافية فى حكومة الرئيسى التركى.
الأوضاع الداخلية فى تركيا والعلاقات الخارجية المتوترة بين أنقرة وجيرانها فى الشرق الأوسط وأوروبا، وما يحدث الآن من أزمة بين تركيا أردوغان والاتحاد الأوروبى، بسبب عزم تركيا التنقيب عن الغاز فى المياه القبرصية يعكس الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تشهدها تركيا، وتتزايد يوما تلو الآخر، ووصلت إلى مستوى خطير من ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مبيعات السيارات بشدة واختفاء الأدوية من الأسواق مع تواصل نزيف العملة التركية مقابل العملات الأجنبية.
ووفقا لتقارير اقتصادية فقد بدأت رحلة انهيار الليرة التركية عقب فوز «أردوغان» بولاية رئاسية ثانية فى الانتخابات المبكرة، حيث انخفضت نحو 3% أمام الدولار عقب إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، وفى سبتمبر الماضى شهدت الليرة التركية تدهورا كبيرا أيضا، بعد قرار الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على أنقرة.
الوضع الداخلى المتوتر ضد المعارضة وحملة العزل والاعتقالات المستمرة فى صفوف المعارضة، وفشل أردوغان فى إيجاد الحلول للخروج من الأزمة جعلت الاقتصاد يزداد تراجعا وتدهورا يوما بعد يوم، خاصة مع اتساع عجز الميزان التجارى، وارتفاع تكلفة واردات الطاقة بعد قرار الولايات المتحدة بإلغاء الإعفاءات الممنوحة لتركيا بمواصلة شراء النفط الإيرانى، إضافة إلى تدهور قيمة العملة المحلية، وصعود معدلات التضخم، كما تضررت البنوك التركية بشدة من ارتفاع حجم الديون المتعثرة والمشكوك فى تحصيلها، وطلبت العديد من الشركات المدنية إعادة جدولة ديونها، وتلقت البنوك حتى أول مايو الماضى ديون قيمتها 28 مليار دولار فى أعقاب تراجع سعر صرف الليرة.
نتيجة ما حدث من تراجعات دفعت بوكالة موديز الدولية للتصنيفات الائتمانية تحذر من تراجع تصنيف تركيا، كما حذر بنك الاستثمار جولدمان ساكس من أن مزيدا من التراجع سوف يؤدى إلى انخفاض القاعدة الرأسمالية للبنوك التركية. وجاءت التصنيفات الائتمانية للاقتصاد التركى بنظرة مستقبلية سلبية ودرجة مخاطر عالية.
الأغا التركى لا يقر أو يعترف بتسببه فى بداية تدهور الاقتصاد، ولا يتحمل مسؤوليته عن تدهور الاقتصاد التركى، ويلجأ لخداع شعبه إلى نظرية المؤامرة الخارجية التى تحاول «طعن تركيا فى الظهر»، لكن ذلك لم ينطلِ على العقلاء من الشعب التركى، فالأزمة الاقتصادية ليست وليدة الشهور الأخيرة من العام 2019 وبسبب سياسات أردوغان الجنونية والمرتبكة فى الداخل السياسى والاقتصادى من تعسف، وسوء إدارة وتفصيل المشهد السياسى على مقاس طموحاته الشخصية، والانفراد بالسلطة، والتدخل السافر فى أزمات المنطقة ودعمه للميلشيات الإرهابية فى سوريا والعراق وليبيا ومعاداته للدول الجارة مثل قبرص وعدد من دول الاتحاد الأوروبى ودول كبرى فى الإقليم مثل مصر وسوريا والعراق.
الضغوط الاقتصادية والتراجع فى معدلات النمو والتضخم، أدى إلى قيام الشركات بالتخلص أو طرد آلاف العمال بلغ عددها 5 آلاف من اتحاد النقابات بالقطاع العام.
فالسياسات التى يتبعها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى تدمير كل المؤسسات الاقتصادية، خاصة فى ظل هيمنة حزب العدالة والتنمية الحاكم على جميع المؤسسات التركية، حيث تتزايد معاناة الأتراك فى تركيا، فى ظل استمرار الأزمة الاقتصادية التى تمر بها أنقرة منذ شهور، وعجز نظام الرئيس التركى فى إيجاد حلول لها، ليتسبب فى إعلان العديد من الشركات الإفلاس، بجانب طرد الشركات للعديد من العاملين، وهو ما يتسبب فى ارتفاع معدلات البطالة، حيث ذكر موقع تركيا الآن، التابع للمعارضة التركية، أن اتحاد نقابات عمال القطاع العام فى تركيا أعلن عن تقريره بشأن انتهاكات الحقوق فى الفترة ما بين أغسطس 2018 - ديسمبر 2019، والذى تضمن إقدام العديد من الشركات التركية على طرد العاملين بناء على قرارات من النظام التركى، وذلك فى إطار السياسات القمعية لأردوغان.
وقال الموقع التابع للمعارضة التركية، إنه تم طرد 4 آلاف و283 شخص بموجب مرسوم قانون، و487 شخصا بقرارات المجالس التأديبية العليا، من أعضاء النقابة التابعة لاتحاد نقابات عمال القطاع العام، فى آخر 3 أعوام، كما أكد تقرير اتحاد نقابات عمال القطاع العام فى تركيا أنه بينما تم إعادة 358 من أعضاء النقابة إلى عملهم بقرار من لجنة الطوارئ التركية، رُفض طلب 1023 شخصًا، وهناك حوالى ألفين و900 عضو منتظرين تقييم طلباتهم المقدمة للجنة.
وقال موقع تركيا الآن، إن شركة تيمسا التركية لتصنيع الحافلات والباصات والشاحنات الخفيفة بمدينة أضنا التركية أعلنت عن إيقاف الإنتاج بسبب معاملات الرهن، وتقدمت بطلب إفلاس، حيث يأتى ذلك فى ظل استمرار الأزمة الاقتصادية التركية التى تسببت فى انهيار عملة الليرة التركية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع الأسعار بشكل كبير، وتزايد معدلات الانتحار نتيجة زيادة معاناة الشعب التركى، بسبب الأوضاع السيئة نتيجة السياسات الخاطئة للرئيس التركى رجب أردوغان، وصرحت شركة تيمسا التركية، فى بيان لها، بأن الشركة تقدمت بطلب إفلاس، مبررة الطلب بأنه سيكون مؤقتا للحصول على قسط من الراحة. وإجمالا فإن معدل التراجع فى إنتاج السيارات عام 2019.
وقال موقع تركيا الآن، إنه فى خطاب من الشركة إلى البنوك، أعربت فيه عن رغبتها كعلامة تجارية عالمية فى متابعة طريقها عبر اتفاق متبادل عن إعادة هيكلة الديون.وأشار الموقع التابع للمعارضة التركية، إلى أنه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالى، بلغ المتوسط الشهرى للشركات التى تقدمت للمحاكم التجارية بطلبات تسوية إفلاس نحو 68 شركة، بينما فى عام 2018 كانت هذه النسبة شهريًا 48 شركة، أما فى عام 2017 فكان عدد الشركات التى تطلب تسوية إفلاس نحو 47 شركة شهريًا، وتعكس الأرقام الحالية زيادة 40% فى معدلات الإفلاس عن العام الماضى.
إذن الاقتصاد التركى يعانى وبدأ فى الأنين، ومع استمرار المعاناة سينحدر ثم يتهاوى مع استمرار أردوغان وجماعته وعشيرته فى الاندفاع نحو الانتحار السياسى ودعم الإرهاب ودفع القوات التركية إلى مغامرات عسكرية عبثية خارج الحدود، وبالفعل زادت النفقات العسكرية فى ميزانية العام الماضى بنحو 13%، والأزمة لا تعود فقط الاقتصاد التركى حاليا من أزمة لا تعود أسبابها فقط إلى تهديدات ترامب وتراجع قيمة العملة، بل إلى ركود طال معظم القطاعات الأساسية بسبب السياسة الاقتصادية المعادية للتعددية السياسية والاقتصادية التى يتبعها الرئيس أردوغان، فالصناعة التحويلية التى تشكل أكثر من 30 % من الناتج المحلى الإجمالى تعانى من ضعف الاستثمار والتراجع فى الطلب بنسبة 9 % خلال العام الماضى.
ويعانى قطاع البناء من وضع أسوأ بسبب تراجع قيمة الليرة وارتفاع أسعار المواد والمستلزمات التى أصابت الشركات الصغيرة والمتوسط بضربة موجعة، ولولا تماسك السياحة وتزايد أعداد اللاجئين الذى رفع الطلب على المواد الاستهلاكية لعانت صناعات المواد الغذائية والألبسة من وضع مماثل، وتأتى التطورات السلبية هذه لأسباب من أبرزها المخاطر السياسية الناتجة عن تعميق الانقسام السياسى الداخلى بسبب تقييد أردوغان للحريات وملاحقته لمعارضيه من ساسة ورجال أعمال، وجاء تدخله العسكرى فى سوريا والمعارضة العالمية القوية لذلك لتزيد الوضع سوءا وتؤجج الخلافات بينه وبين حلفائه فى الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى، وهو الأمر الذى ينعكس سلبا على التجارة والاستثمارات المتبادلة.
مؤشرات الانهيار للاقتصاد التركى سوف تعيده إلى الوراء كثيرا وبأرقام ما قبل عام 2002، ويشير صندوق النقد الدولى إلى أن الاقتصاد التركى يحتل المرتبة الخامسة أوروبيا بعد ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، إذ يصل الناتج المحلى الإجمالى التركى إلى 2.3 تريليون دولار من حيث معدل المقدرة الشرائية، فيما يرى خبراء اقتصاديون أن هذه الأرقام مضللة، فالناتج المحلى الإجمالى للفرد متواضع جدا وهو أفضل تقييم لثروة الشعب، وتصرح وزارة الخزانة والمالية التركية التى يديرها صهر الرئيس رجب طيب أردوغان بيرات البيرق بأن الناتج المحلى الإجمالى للفرد فى تركيا بلغ تسعة آلاف و632 دولارا وهو أقل بقليل عما كان عليه فى 2007، وأقل أيضا من دول أوروبية باستثناء دول البلقان.
ويسجل اقتصاد تركيا انحدارا حادا مقارنة بالسنوات الماضية، ما يدل على سياسات خاطئة تعتمدها تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه.
وفى الوقت ذاته يرتفع معدل البطالة بتركيا ليصل إلى 12.8 بالمائة خلال مايو الماضى، وهو الرقم الأعلى منذ وضع حزب العدالة والتنمية قبضته على الحكم فى العام 2002، إلا أن هناك أرقاما أخرى تقدر نسبة البطالة بـ26% بنحو 4.6مليون عاطل العام الماضى.
وفى سياق المؤشرات السلبية تكشف بيانات التجارة أيضا، صورة أوضح عن تركيا المتأزمة اقتصاديا، فقد تراجع حجم الواردات من الآلات والمعدات، ليعود لمستويات العام 2008 التى تعكس اضطراب قطاع الصناعات التحويلية.
وفى الوقت يشير وزراء أتراك إلى وجود فائض تجارى، فإن الفائض هو نتيجة لانخفاضات فى حجم واردات الطاقة والسلع الوسيطة سببه تراجع قيمة الليرة وليس جراء زيادة حجم الصادرات.
ويثير انخفاض حجم الاستثمار الأجنبى المباشر أحد مصادر القلق الأخرى للحكومة التركية التى بلغت باقتصاد البلاد مرحلة حرجة، فقد هبط الاستثمار الأجنبى إلى 13 مليار دولار العام الماضى بعد أن وصل مستوى ذروة عند 22 مليار دولار فى 2007.
ويرى خبراء بأن خطر إجمالى حجم الدين الخارجى المستحق يحوم حول تركيا، ما قد يزيد فى جرعة المشكلات الاقتصادية المتكاثرة.
وكان إجمالى حجم الدين الخارجى المستحق 130 مليار دولار عام 2002، إلا أنه وصل خلال العام الحالى إلى 453 مليار دولار منها 119 مليار دولار ديون مستحقة للدفع فى أجل قصير.
وبلغ مجموع الديون الخارجية المستحقة على القطاع الخاص فى العام 2019 نحو 334 مليار دولار، كما يصل حجم القروض القصيرة الأجل من الديون لمستحقة على القطاع الخاص، إلى 90 مليار دولار، فى وقت يصل إجمالى ديون القطاع العام القصيرة الأجل 24 مليار دولار.
واستدعت هذه الأرقام تساؤل وكالات التصنيف الائتمانى الدولية، عن كيفية تسديد تركيا ديونها الخرجية المتراكمة فى ظل استمرار معدل البطالة، وفى ظل عجز الموازنة الذى بلغ أكثر من 100 مليار ليرة ومتوقع له أن يصل إلى 139 مليار ليرة عام 2020 مع توقعات بنسبة نمو اقتصادى 0،2%.
ويمكن وصف السياسة الاقتصادية التركية فى الوقت الحالى بأنها طاردة للاستثمارات أكثر منها جاذبة لها، وهو أمر يشكل طعنة قاتلة فى ظهر الاقتصاد التركى الذى يحتاج لتدفق المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية بشكل حيوى. وإذا ما استمر الوضع على هو ما هو عليه فى الوقت الحالى، فإن أردوغان سيوصل اقتصاد بلاده إلى الهاوية، والتوقعات تشير إلى أن الصورة الاقتصادية التركية مظلمة وقاتمة وتداعياتها الداخلية ستكون فى غير صالح جنون العظمة الأردوغانية، بل ووفى غير صالح المستقبل السياسى للرئيس التركى نفسه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة