تحظى كل شعوب العالم بقوائم احتفالات و كرنفالات شعبية متنوعة على مدار العام، ورغم اشتراك البلدان بمختلف القارات فى كثير من تلك الاحتفالات، إلا أن كل شعب تبقى له احتفالات التقليدية الخاصة المرتبطة بتراث البلد وتقاليده المتوارثة عبر الأجيال، ما يجعل كل دولة لها ما يميزها من احتفالات ومهرجانات دون غيرها من الدول.
وفى بولندا، وسط ضجة قوية ناجمة عن طبول وأجراس وأناشيد وأنغام راقصة، تحتفل شخصيات ملونة تمثل الشياطين والموت والأحصنة والدببة بحلول السنة الجديدة من كل عام خلال مراسم تقليدية قديمة لا تزال تتواصل فى الجبال البولندية، ولعدة قرون، تقاطع الرجال مع القرى الثلجية التى تقع فى سفوح سلسلة جبال بيسكيد الجنوبية فى بولندا بالقرب من العام الجديد، متمنين السعادة والازدهار مقابل الهدايا من الطعام أو مبالغ مالية صغيرة، وتمارس عادات شعبية مماثلة بمناسبة الانقلاب الشتوى فى الدول المجاورة ويمكن إرجاعها إلى العصور الوثنية.
الشيطان في احتفالات فولكلورية ببولندا
الاحتفال الذى يمارسه البولنديون خلال شهر يناير من كل عام، هو تقليد يعود إلى زمن غابر، ويقوم فيه أبناء البلدات من الرجال فقط المقيمين على طول نهر سولا، بالانتقال من مزرعة إلى أخرى خلال ليلة رأس السنة واليوم التالى، لتذكير السكان بمسار الطبيعة الأبدى، وليتمنوا لهم السعادة والازدهار خلال السنة الجديدة.
ومنذ نصف قرن تقريباً، يتوج السكان هذا الموسم بمهرجان وعروض سنوية تستقطب جمهورًا من هذه المنطقة الجميلة فى جبال بسكيدى المحيطة بمنطقة جيفيتس المعروفة بحرفها اليدوية، ومن جهته، أوضح أندريى ماسيجوفسكى، الذى يقف وراء ملتقى الأجداد السنوى كما يسمى فى ميلوفكا جنوب جيفيتس: "مع كل هذه الجلبة ومن خلال هذه الشخصيات بألوان صارخة والضجيج والأجراس والأسواط، نطرد الأرواح التى تريد النزول إلى الأرض"، وأضاف: "كل شخصيات العرض تمثل ما كانت تشهده يوميات الأرياف سابقاً من كائنات غريبة، تمثل الشياطين والموت والأقليات الوطنية، مثل غجر الروما، والمهن القديمة مثل البائعين الجوالين والمعالجين التقليديين"، وذلك وفقًا لما نقلته "العين الإخبارية"، عن وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب".
الموت ضيف بولندا فى احتفالات العام الجديد
وللحيوانات دور أساسى فى طقوس عودة الحياة هذه، فالأحصنة ترمز إلى العافية والدببة إلى القوة، لتخصيب الأرض حتى تحمل المزيد من الثمار فى السنة الجديدة، وقالت باربرا روسييك، العالمة بالأعراق، إنه "فى التقليد الشعبى الموت ليس أبديا بل يشكل محطة انتقال باتجاه مرحلة جديدة وأرقى من الحياة".
وخلال مسيرة صاخبة عبر البلدة، وفى باحة دارة جبلية جميلة، تنتظم الأمور مع تأدية كل مجموعة على طريقتها حلقة الحياة الأبدية، فالأحصنة تعدو والشياطين تتشاجر فيما بينها وتهزأ بالحضور، بينما يعرض الباعة الجوالون سلعهم والموت يقوم بدورته الاعتيادية، وتندرج هذه الاحتفالات ضمن التراث الثقافى غير المادى فى بولندا.
احتفالات العام الجديد فى بولندا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة