نسمع يوميا عبارات وتصريحات حول ماكينات جديدة لمترو الأنفاق، تعمل من خلال كروت ذكية يستطيع خلالها الراكب أن يستخرج التذاكر آليا بكل المحطات، وهذا تطور محمود وجيد ويساعد على تقليص الوقت، إلا أنه سيخلق أمرين، الأول زحام على الماكينات الجديدة يجعلها تفقد الهدف الأساسى من تركيبها، خاصة أن الكل سيحاول اكتشاف هذه الآلة التى تقدم لها المال فتمنحك التذكرة، الأمر الثانى كيف يتم استغلال الماكينات القديمة الموجودة، هل سيتم إحلالها واحدة تلو الأخرى؟ هل ستباع خردة؟ هل سيتم تكهينها فى مخازن شركة المترو والسكة الحديد؟!
لا أحد يرفض التطوير أو يعارض التقدم التكنولوجى الذى يفرضه الواقع فى هذا العالم الصغير، الذى باتت الهواتف الذكية والتطبيقات الإلكترونية تتحكم فى مصيره وقراراته، لكن يجب أن تكون لدينا دراسات فنية عن كل قطعة حديد موجودة فى مؤسساتنا وشركاتنا ومصانعنا، فهى ثروة قومية، مولتها خزينة الدولة، التى تتحسس طريقها نحو التنمية والإصلاح وليس لديها أى رفاهية لإنفاق أموال فى غير محلها، فيمكن توجيه هذه الأموال على القطاعات المزمنة مثل التعليم والصحة، التى تحتاج إلى وقت طويل حتى يتم إصلاحها بالصورة التى تليق بمستقبل مصر.
لا يمكن أن يكون السعى خلف الحداثة والتطوير فقط هو الدافع لدينا، يجب أيضا أن نضع فى اعتباراتنا أن شركة مترو الأنفاق مثقلة بالديون والأعباء، ومازالت تقدم خدمة أقل من التكلفة الفعلية للتذكرة، ولديها مشكلات ضخمة مع وزارة الكهرباء حول فواتير الاستهلاك، وكذلك بها كم هائل من العمال والفنيين والموظفين، لذلك يجب أن تكون هناك دراسات عملية أولا عن كيفية استغلال الموارد المتاحة، خاصة إن كانت فى حالة فنية جيدة، وعلى درجة من التطور التكنولوجى اعتادها الناس وتساير العصر.
وإذا أردنا أن نطبق برامج جديدة أو نشترى ماكينات حديثة يمكن أن يتم ذلك فى المحطات والخطوط الجديدة، التى يتم تأسيسها فى الوقت الراهن، بحيث يكون كل الاعتماد على نظام واحد فى استخراج التذاكر، فالتجربة العملية أثبتت دائما أن وجود نظامين فى مكان واحد لن يكون ناجحا بالصورة المأمولة كما ذكرت فى السطور السابقة.
لو كانت شركة المترو تخطط لإحلال كل الماكينات الموجودة لديها لاستبدالها بالجديدة فعليها أن تخبرنا بمصير الماكينات القديمة الموجودة حاليا، هل ستباع إلى مصانع الخردة، هل سيأكلها التراب فى مخازن وزارة النقل؟ فيجب أن تكون هناك حلول عملية وواقعية للتعامل مع هذه الماكينات، التى تعتبر بمثابة ثروة قومية كبيرة يجب الحفاظ عليها وتوظيفها بالصورة المثالية، حتى نضمن أن الأموال التى دفعت فى هذه المعدات كانت فى المكان الصحيح، فنحن لا نملك رفاهية عمليات الإحلال والتجديد العشوائية، التى تقدم نفس الحلول ولكن بتكلفة مضاعفة.
ما رصدته فى السطور السابقة ليس من قبيل التشكيك فى الزمم أو إثارة الشبهات هنا أو هناك، ولا لتخرج علينا شركة المترو أو وزارة النقل ببيانات النفى "المخصوصة" التى غالبا ما تكون جوفاء فارغة، ولكن من منطلق المصلحة العامة والمشاركة فى بناء هذا الوطن والإيمان بأن الرأى والرأى الآخر يمكن أن يصنع واقعا مختلفا لهذا البلد الذى نحلم له بمستقبل أفضل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة