سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 يناير 1955.. عبدالناصر يقدم المساعدات للمقاومة فى كينيا ضد الاحتلال البريطانى ويبث إذاعة «صوت أفريقيا» للناطقين باللغة السواحلية

الإثنين، 27 يناير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 يناير 1955.. عبدالناصر يقدم المساعدات للمقاومة فى كينيا ضد الاحتلال البريطانى ويبث إذاعة «صوت أفريقيا» للناطقين باللغة السواحلية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعا الحاكم الإنجليزى لكينيا «سير شارلون اليوت» عددا من العائلات الإنجليزية الغنية الأرستقراطية إلى الإقامة فى كينيا، وقدم لهم إغراء تملك ما يعرف بـ«الأراضى العالية»، وهى الأخصب فى البلاد، وكان يسكنها قبائل «الكيكويو والمساي» المعروفة بقدرتها الفائقة على القتال، ويذكر محمد فايق رئيس دائرة الشؤون الأفريقية برئاسة الجمهورية مع الرئيس جمال عبد الناصر، ورئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان حاليا، فى كتابه «عبدالناصر والثورة الأفريقية»، أن الهدف الأساسى للحاكم الإنجليزى من استدعاء العائلات الإنجليزية كان حماية الخط الحديدى الذى قرر تشييده بين مدينة «ممبسة» على ساحل كينيا، والعاصمة الأوغندية «كمبالا» مارا بالعاصمة الكينية «نيروبى»، ثم أصدر الحاكم الإنجليزى أمرا بطرد القبائل الأفريقية من هذه المناطق، وأعلن أن كينيا أصبحت «الرجل الأبيض».
 
يكشف «فايق» الصورة المأسوية للحالة التى مارس فيها الاحتلال الإنجليزى أبشع السياسات الاستعمارية ضد شعوب القارة الأفريقية، قائلا: «كان الأفريقيون المطرودون من هذه الأرض «العالية» يذهبون للإقامة فى مناطق خصصت لهم أشبه بالمستودعات البشرية، وأصبح هؤلاء الذين لم يجدوا أماكن فى هذه المناطق المزدحمة جدا عبيدا فى الأرض التى يمتلكها البيض، وأصبح هناك حوالى ربع مليون منهم يسمح لهم بزراعة ما يقتاتون به فقط مقابل تسخيرهم هم وعائلاتهم للعمل فى أرض الملاك البيض، وكان عقد العمل لهؤلاء يحرر لمدة من سنة إلى خمس سنوات، وإذا بيعت الأرض ينتقل عقد العمل إلى المالك الجديد، ومن يهرب منهم يمكن اعتقاله وسجنه، ولزيادة سلطان أصحاب العمل على مستخدميهم كان مفروضا على كل أفريقى بحكم القانون أن يحمل تصريح عمل».
 
قامت حركة «الماو ماو» بزعامة «جومو كينياتا» لمقاومة هذا التوحش، وقبض عليه مع عشرين آخرين فى أكتوبر 1952، وقدموا إلى المحاكمة التى استمرت 90 يوما حكم عليه بعدها بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة، وشن الإنجليز حملة إرهابية تهدف إلى تحويل كينيا إلى بلد «الرجل الأبيض» على غرار جنوب أفريقيا، واستخدموا المدفعية والطيران فى ضرب عناصر «الماو ماو» فى الجبال التى تحصنوا بها، وفى يوم 27 يناير، مثل هذا اليوم عام 1955 «تم الإعلان عن إجمالى الخسائر، ومن واقع الإحصائيات الإنجليزية بلغت 7800 قتيل من أفراد الماو ماو، وتنفيذ حكم الإعدام فى 791، ولا تشمل هذه الخسائر القذف بالطائرات والمدفعية، كما كان هناك 7000 أفريقى فى معسكرات الاعتقال والسجون، وطرد 600 ألف من أفراد «الكيوكويو» من أرضهم، وتحطيم 150 ألف كوخ من أكواخهم.
 
كانت مصر على موعد مع هذه القضية حيث تبنتها، ويكشف «فايق» عن طبيعة المساعدات التى قدمتها.. يذكر أن الموقف المصرى كان تطبيقا لمقولة عبدالناصر فى فلسفة الثورة: «لن نستطيع بحال من الأحوال حتى لو أردنا أن نقف بمعزل عن الصراع الدامى الذى يدور فى أفريقيا بين خمسة ملايين من البيض ومائتى مليون من الأفريقيين»، عدد سكان إفريقيا وقتئذ».
 
يقول فايق: «تبنت مصر قضية الوطنيين فى كينيا، فقامت بحملة إعلامية ودبلوماسية مركزة ضد هذه الأعمال الوحشية، وخصصت إذاعة موجهة باللغة السواحلية باسم «صوت أفريقيا» إلى شعب كينيا، وشعوب المنطقة الناطقة بهذه اللغة هاجمت فيها الاستعمار البريطانى بعنف شديد وحملته مسئولية كل أعمال العنف والإبادة، وكشفت عن مخطط بريطانيا لجعل كينيا وطنا للرجل الأبيض، وبدأت هذه الإذاعة كإذاعة سرية فى أول الأمر، وكان مقرها فى احدى الثكنات بمنشية البكرى، وتتبع رئاسة الجمهورية مباشرة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الإذاعات الموجهة بالإذاعة المصرية ولكن تحت إشراف الشئون الإفريقية برئاسة الجمهورية».
 
يضيف فايق: «كانت تصلنا منذ البداية أخبار دقيقة عن أعمال القمع والتفرقة التى يقوم بها الإنجليز فى كينيا، وتحصل عليها المخابرات المصرية، الأمر الذى جعل من البث الحى من إذاعة «صوت أفريقيا» لهذه الأخبار شيئا بالغ التأثير، فقد كانت أول إذاعة باللغة السواحلية تصدر من أفريقيا، وتتبنى قضية الأفارقة، وتتكلم باسمهم، وتهاجم الاستعمار والتفرقة العنصرية، وتدعو إلى الثورة الشاملة باسم أفريقيا وشعوبها».
 
يكشف «فايق»: «استطاعت هذه الإذاعة أن تقدم العديد من الأناشيد الحماسية باللغة السواحلية، بعد أن وضعت فى ألحان جيدة يؤديها ويؤلف كلماتها بعض الطلبة الكينيين الموجودين فى القاهرة، وجعلت مصر من قضية «الماو ماو» والإفراج عن «جومو كيناتا» قضية أفريقيا كلها، وربما كانت هذه أول قضية أفريقية تأخذ هذا الطابع على مستوى القارة، وكان الفضل لمصر».
 
كانت القاهرة بهذا الوضع هى أول عاصمة تفتح أبوابها لزعماء الحركة الوطنية فى كينيا، وتقوم بتوصيل صوتهم إلى العالم الخارجى فى الوقت الذى كان الإنجليز يحرمون أى نشاط سياسى فى كينيا، وحسب فايق: «بعد أن سمح بقيام الأحزاب فى كينيا، كانت القاهرة أول مكان تفتح فيه هذه الأحزاب مكاتب دائمة لها، وتردد على القاهرة خلال هذه الفترة معظم زعماء كينيا المعروفين  للقاء عبدالناصر، ومنهم: أوجنجا أودنجا ونجالا، وتوم مبويا وجيمس جيشور، وجوزيف مورمبى وغيرهم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة