أصدرت محكمة استئناف القاهرة الدائرة 112 أحوال شخصية، حكماَ نهائياَ فريداَ من نوعه برفض دعوى طلاق للضرر لزواج الزوج بأخرى حيث تم رفضها لخلو الأوراق من ثمة دليل على أن ضررا منهيا عنه شرعا قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل الزوج وعدم كونه ضررا حقيقيا واقعا ولاحقا على واقعة زواج المستأنف من زوجة أخرى، وأن المسألة مجرد "غيرة طبيعية" بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد.
صدر الحكم في الدعوى المُقيدة برقم 22212 لسنة 134 ق أحوال شخصية برئاسة المستشار محمد الفقى، وعضوية المستشارين هاني يسرى، وأحمد حافظ، ومحمد عبدالله، ومحمد المليجى.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن الضرر الواقع على الزوجة يعود إلى المشاعر الانسانية التي يعتمل في صدرها تجاه ضرتها مرجعها الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد وهو الأمر الذي تنتهي معه المحكمة إلى عدم توافر الشروط القانونية للضرر المنصوص عليه في المادة 11 من رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وتكون دعوى المدعية قد جاءت على غير سند من الواقع والقانون.
الوقائع
استئناف الحكم الصادر في الدعوى رقم 443 لسنة 2016 حيث أن واقعات الاستئناف وما قدم فيها من مستندات وأوجه دفاع سبق وأن أحاط بها الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 443 لسنة 2016 أسرة الدقي، والمحكمة تحيل إليه في هذا الشأن تلافياَ للتكرار بيد أن المقام يقتضي أشاره موجزة عنها ربطاَ منها لأوصال التداعي، فتخلص في أن المستأنف ضدها أقامتها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10 يوليو 2016، وأعلنت قانوناَ طلبت فى ختامها الحكم بتطليقها خلعاَ طلقة بائنة.
الزوجة تبغض الحياة مع زوجها
وذلك على سند أنها زوجة للمدعى عليه بصحيح العقد الشرعي، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلا أنها بغضت الحياة مع زوجها وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وقدمت أصل وثيقة عقد زواجها بالمدعى عليه وشهادة ميلاد الصغيرة "هنا"، وحيث تداولت الدعوى بالجلسات بحضور المدعية بشخصها وبوكيل عنها محام وبجلسة 4 ديسمبر 2016، قدمت أخطار بزواج المدعى عليه من أخرى تدعى ياسمين مصطفى، والحاضر عن المدعية طلب تعديل الطلبات إلى طلاق للزواج من أخرى ومثل المدعى عليه بوكيل عنه محام.
محكمة أول درجة تقضى بتطليق الزوجة لضررها
وفى تلك الأثناء – أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وأحضرت المدعية شهودها وانعقدت شهادتهم على أن المدعية تضررت نفسياَ من زواج المدعى عليه بأخرى، وأنها لا تقبل تلك الفكرة ومثل المدعى عليه بوكيل، وقررت بأنه ليس لديه شهود وبجلسة 24 يونيو 2017 حكمت محكمة أول درجة بتطليق المدعى عليه طلقة بائنة لزواجه بأخرى، وألزمته المصروفات.
وجاء الحكم تأسيساَ إلى أن المشرع أعطى للزوجة الحق في طلب الطلاق من الزوج- بمقتضى الفقرة الثانية من المادة "11" مكرر من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 – وذلك الحق في طلب الطلاق منه في حالة إذا تضررت من تلك الزيجة، ويتعين عليها أن تقيم الدليل على أنه قد أصابها من هذا الزواج ضرراً مادياً أو أدبياً، بمعنى أن الضرر هنا لا يفترض.
هذا ويكفي أن يلحق بالزوجة أحد صور الضرر المادي أو المعنوي حتى يكون لها الحق في طلب التطليق، كما يكفي أن تتفق شهادة الشهود على تضرر الزوجة مادياً أو معنوياً دون أن يشترط أن تنصب الشهادة على كل واقعة من الوقائع التي تشكل هذا الضرر، ومعيار الضرر في ضوء هذه المادة يعد معياراً موضوعياً وليس شخصياً.
لماذا الحكم جاء فيه خطأ فى تطبيق القانون؟
وجاء الحكم أيضاَ تأسيساَ على الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يتمثل في أن المستأنف ضدها أقامت الدعوى رقم 617 لسنة 2016 أسرة الدقي بالاعتراض على إنذار الطاعة الموجه إليهما من المستأنف وصدر حكماَ فيه برفضه، وكذا دعوى نفقة زوجية برقم 441 لسنة 2016 أسرة الدقي صدر فيها حكماَ لصالح المستأنف ضدها بمبلغ 600 جنية، والدعوى رقم 422 لسنة 2016 أسرة الدقي نفقة الصغيرة "هنا"، وقضت فيها بمبلغ 3 الأف جنية، والدعوى رقم 444 لسنة 2016 أسرة الدقي مصاريف مدرسية، وأن زواجه من أخرى كان من تاريخ لاحق لرفعها دعوى الخلع وعدم دخولها فى طاعته بالرغم من رفض الاعتراض على إنذار الطاعة.
وتداولت الدعوى بالجلسات بحضور المستأنف بوكيل عنه محام والمستأنف ضدها بشخصها وكيل عنها محام والحاضر عن المستأنف قدم حافظة مستندات طويت على صورة من الحكم الصادر في الاستئناف رقيم 11158 لسنة 134 ق أسرة عالي القاهرة، والقاضي بتأييد الحكم الصادر فى الدعوى رقم 617 لسنة 2016 أسرة الدقي، والقاضي بقبول الاعتراض شكلاَ وفى الموضوع برفضه – كما قدم مذكرة بدفاعه أطلعت عليها المحكمة وبجلسة المرافعة الختامية رفض الطرفان الصلح والنيابة فوضت الرأي والمحكمة قررت حجز الاستئناف للحكم.
علاقة المحكمة الدستورية بنص المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن الاستئناف قد أقيم في الميعاد القانوني مستوفياَ لشرائطه الشكلية وأوضاعه القانونية ومن ثم تقضى المحكمة بقوله شكلاَ - وعن موضوع الاستئناف فإن المحكمة تقدم لقضائها بأنه من المقرر أنه تعين في الضرر الذى تدعيه الزوجة أن يكون ما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثال الزوجين، ويتعين على المحكمة إذ ثبت الضرر أن تذكر في حكمها وصف هذا الضرر وبأنه يتعذر معه دوام العشرة بين أمثال المدعية والمدعى عليه – وقد حكمت المحكمة الدستورية العليا بأن نص المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929 دل على أنه يجب على الزوجة أن تقيم الدليل على أن ضرراَ منهياَ عنه شرعاَ قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون هذا الضرر حقيقاَ لا متوهماَ.
حق الزوج أن ينكح من الزوجات مثنى وثلاث ورباع
وبحسب "المحكمة" - واقعة الزوج اللاحق في ذاتها ليس مترتباَ عليها مما لا يفتقر لتجاوزه الحدود التي يمكن فيها شرعاَ منافياَ لحسن العشرة بين أمثالها ومن المقرر أنه لا بعد مجرد الزواج بأخرى في حدود ذاته ضرراَ مفترضاَ يجيز للزوجة طلب التطليق إذ أن حق الزوج أن ينكح من الزوجات مثنى وثلاث ورباع عملاَ بقوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا".
ووفقا لـ«المحكمة» - وما شرع الله حكماَ إلا لتحقيق مصالح العباد ومن المسلم به أن ما كان ثابتاَ بالنعي هو المصلحة الحقيقية التي لا تبديل لها وأن العمل على خلافها ليس إلا تعديل لحدود الله والمصلحة التي تعارض النصوص القرآنية ليست مصلحة معتبره، ولكن إلى أن تكون تسهياَ وانحرافاَ فلا يجوز تحكيمها – وقد أذن الله تعالى بتعدد الزوجات لمصلحة قدرها سبحانه وفقاَ لأحوال النفوس البشرية فأقره في إطار الوسطية التي تلتزم بالاعتدال دون جور باعتبار أن الأصل في المؤمن العدل فإن لم يستطع العدل فعليه بواحدة لا عزيز عليها حتى لا يميل إلى غيرها كل الميل.
لابد للزوجة أن تقدم دليل شرعى على ضررها
ومن ثم فإن حق الزوجة التي تعارض الزواج الجديد لا يقوم على مجرد كراهيتها لزوجها أو نفورها منه لتزوجه بأخرى فليس لها أن تطلب خصم علاقتهما به لمجرد الادعاء بأن اقترانه بغيرها يعد في ذاته أضراراَ بها وإنما عليها أن تقدم الدليل على أن ضرراَ منهياَ عنه شرعاَ قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون هذا الضرر حقيقاَ لا متوهماَ واقعاَ لا متصوراَ ثابتاَ وليس مفترضاَ مستقلاَ بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق في حد ذاتها وليس مترتباَ عليها مما لا يفتقر لتجاوزه الحدود التي يمكن التسامح فيها شرعاَ منافياَ لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها وتعد إساءة دون حق اتصلت أسبابها بالزيجة التالية.
الخلاصة:
وأكدت المحكمة أن الدعوى تم رفضها لخلو الأوراق من ثمة دليل على أن ضررا منهيا عنه شرعا قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل الزوج وعدم كونه ضررا حقيقيا واقعا ولاحقا على واقعة زواج المستأنف من زوجة أخرى، وأن المسألة مجرد "غيرة طبيعية" بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد، إن الضرر الواقع على الزوجة يعود إلى المشاعر الانسانية التي يعتمل في صدرها تجاه ضرتها مرجعها الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد وهو الأمر الذي تنتهي معه المحكمة إلى عدم توافر الشروط القانونية للضرر المنصوص عليه في المادة 11 من رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وتكون دعوى المدعية قد جاءت على غير سند من الواقع والقانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة