مما لا شك فيه أن نظام البصمة الإلكترونية يضبط موعد حضور وانصراف العاملين إلا أنه لا يحدد مدى انضباطهم في عملهم ولا يحدد زيادة إنتاجيتهم، ولا يمكن زيادة إنتاجية الموظف بهذا الأسلوب الرقابى، بل يجب أن يكلف الموظف بالوظيفة التى يجيدها، ويملك قدرا من الرضا الوظيفى بها والمرتب المجزى عنها فهذا يزيد من إنتاجية وفعالية الموظف.
وجهاز البصمة أو جهاز تسجيل الحضور والانصراف بالبصمة يعتبر من أحدث الأنظمة التي تهدف فى الأساس إلى ضبط العمل، والتأكد من انضباط حضور وانصراف العاملين ويتم ذلك من خلال ضبط عملية تسجيل حضور وانصراف الموظفين ببصمة اليد أو بصمة الوجه أو الكارت الذكي – الممغنط - أو الرقم التعريفي السري لجهاز تسجيل الحضور والانصراف.
مدى حجية الدليل المستمد من جهاز أثبات الحضور والانصراف الإلكترونى
فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية حجية الدليل المستمد من جهاز أثبات الحضور والانصراف الإلكترونى من الناحية القانونية والعملية، حيث أن جهاز البصمة بمثابة تقنية حديثة وفريدة حيث يعتمد فى عمله على تغيير النظام الكتابى أو خط يد الموظف لإثبات حضوره أو انصراف واستبداله بتوقيع رقمى "إلكتروني" عن طريق البصمة ويكون إثبات حضور وانصراف العامل من خلال بصمة الاصبع او بصمة وجهه او الكارت الممغنط او الرقم السرى – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض فرج محمد على.
فى البداية – يجب أن نعلم أن تلك التقنية الحديثة والمتطورة وهى - جهاز أثبات الحضور والانصراف الإلكترونى - أثبتت كفاءتها ونجاحها وفاعليتها فى مختلف المؤسسات الحكومية، وكذلك المصانع والشركات والمحلات التجارية الضخمة وغيرها، فقد اعتمد عليها أصحاب الأعمال التجارية فى متابعة العمل وضمان انضباط العاملين، مما حقق فوائد ملحوظة منها تسجيل وقت حضور الموظفين وكذلك وقت انصرافهم زيادة الإنتاج حيث نضمن تواجد العاملين طوال ساعات العمل المقررة بداية من وقت الحضور وحتى وقت الانصراف.
النفس البشرية تأبى التقييد
وتساعد أجهزة البصمة فى تفادى الوقوع فى أخطاء كثيرة والتى تحدث عند التعامل بنظام التوقيع الكتابى مثل التوقيع لموظف لم يحضر أو عدم توقيع أحد الموظفين المتواجدين، وتجنب صاحب العمل أو المديرين مشاكل التلاعب فى كشف الحضور والانصراف وتتعدد فوائد جهاز تسجيل الحضور والانصراف والذى يتم استخدامه فى الأصل بهدف ضبط العمل، وقد انتشرت فى الآونة الأخيرة أجهزة اثبات الحضور الاليكترونية، وقد كانت لها حجية أمام القضاء فى إثبات تواجد الموظفين فى مكان العمل وقت أن كان الجهاز حديثا، ولكن نظرا لأن الطبيعة البشرية تأبى التقييد، والموظف هو أيضا لديه هذه الطبيعة لكونه بشر – وفقا لـ"على".
هل يستطيع الجهاز إثبات التواجد فى مكان العمل؟
لذلك ابتكر البعض من الوسائل ما يكفى للتحايل على هذا الجهاز بحيث يمكن للموظف التأخر، ورغم ذلك يكون ثابت تواجده والمواقع الإخبارية تحفل بأساليب عديدة يتبعها الموظفين لتحقيق هذا الغرض وهو ما يؤدي إلى اعتبار هذا الجهاز كدليل اليكتروني لإثبات التواجد ليس قاطعا ويجوز اثبات عكسه فهو قرينة بسيطة، حيث يستغل العديد جهاز أثبات الحضور والانصراف الإلكترونى فى التقليل من العملية الإنتاجية حال عدم وجود رقابة إنتاجية على عمله.
رأى محكمة النقض
محكمة النقض المصرية لم تترك الأمر دون أن تتطرق له فقد استقر قضائها فى الطعن المقيد برقم 3559 لسنة 81 جلسة 25/12/2012 س 63 ص 878 ق 160 على أن: "الأدلة فى المواد الجنائية إقناعيه ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى تثبت لديها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى، ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن المستندات التى قدمها الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وهو ما يؤكد أن هذه الأجهزة وأن كانت مفيدة من الناحية الإدارية لكنها من الناحية الجنائية ليست على ذات الدرجة من الكفاءة خاصة وأن القضاء الجنائى قضاء اقتناع، فإذا تطرق الشك إلى الدليل لم يجز الاعتماد عليه وأن الفقه استقر على أن: "الحقيقة التى يسعى القاضى الجنائى إلى إدراكها هى الحقيقة الواقعية والغاية التى تستهدفها الدعوى الجنائية وهى التجريم القائم على الحق والشرعية الذى يحترم جملة مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع والقاضى الجنائى هو الذى يدير الدعوى الجنائية بل أنه ملتزم قانونا بالبحث عنها واقامة الدليل عليها وتكملة النقص أو القصور الذى ينتاب الادلة التى نوقشت أمامه فى حضور الخصوم، ليس فقط فى صالح الاتهام ولكن فى صالح المتهم لأنه ملزم فى كل حال بأن يكون سعيه فى صالح الحقيقة.
وكذلك لا يخلو الأخذ بهذا الدليل من اعتباره اعتداء علي الحرية الشخصية حيث أن الموظف لم يرتضي استعمال الجهاز إلا اثباتا لحضوره إلى العمل وبقائه فيه وليس ليتخذ دليلا ضده أمام القضاء ويمكن القياس على تسجيل المحادثات الشخصية، وقد قرر الفقه بأنه: "رضاء الشخص بالاستماع إلي حديثه الشخصي مع غيره في وقت معين لا يعني رضاءه النهائي والدائم إلي جميع احاديثه الشخصية هي فرع من حرمة الحياة الخاصة التي تعد من الحقوق الشخصية وهي حقوق لا يجوز التنازل عنها".