فى القرآن الكريم
يعترف القرآن بولادة المسيح من العذراء، وقد سجلت هذه الحقيقة فى القرآن فى سورة مريم "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا.. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا.. قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا.. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا.. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا.. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا.. فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا".
التراث الإسلامى
يؤمن التراث الإسلامى ببتوليّة مريم ونقائها حين أتاها الملاك يبشّرها بغلام زكى (أى طاهر) يولد منها: "قال (لها الملاك) إنّما أنا رسول ربّكِ لأهب لكِ غلاماً زكيّاً، قالت (مريم) أنّى يكون لى غلامٌ ولم يمسَسْنى بشرٌ ولم أكُ بغيّاً" (سورة مريم، 19-20). القرآن ينكر كلّ تدخّل بشرى فى حمل السيّدة مريم للمسيح، فهو وُلد منها بصورة معجزة. حتّى أنّ القرآن يلعن اليهود الذين شكّوا بحبل مريم البتولى فاتّهموها باطلاً بالزنا، فيقول: "وَبكُفرهم (أى اليهود) وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً" (سورة النّساء، 156). هنا تجدر الإشارة إلى أنّ التلمود اليهودى يحتوى على الكثير من الروايات والقصص الملفّقة على السيّدة مريم وابنها نخجل من إيرادها هنا أو الاستشهاد بها.
يقول أحد مفسّرى القرآن إنّ مريم حملت بالمسيح بمجرّد نفخ الملاك فيها، وطبيعى أنّها قد مرّت بجميع أدوار الحمل إلى أن ولدته. ويقول مفسّر آخر إنّ مدّة الحمل كانت تسعة أشهر أو سبعة أو ستّة أو ثمانية "ولم يعش مولود وُضع لثمانية إلاّ هو"، وقيل ساعة واحدة حملته وولدته. هذا الخلاف بشأن مدّة الحمل يعود إلى عدم تحديد القرآن لهذه المدّة. أمّا ولادته فتمّت بمعجزة يرويها القرآن كما يأتي: "فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت (مريم) يا ليتنى متُّ قبل هذا وكنتُ نسياً منسيّاً. فناداها من تحتها ألاّ تحزنى قد جعل ربّك تحتك سريّاً (جدولاً صغيراً يجرى ماؤه). وهزّى إليك بجذع النخلة تساقط عليكِ رُطباً (تمراً طازجاً) جنيّاً (طريّاً ناضجاً). فكُلى واشربى وقرّى عيناً" (سورة مريم، 23-26).
تناول التفسير الإسلامى هذه الرواية القرآنيّة عن ولادة المسيح بكثير من التفاصيل. فقيل إنّ زمن الولادة كان زمن شتاء وكانت النخلة يابسة فهزّتها فجعل الله لها رأساً وأنبتها ثمراً لتأكل منها. ويشير المفسّرون إلى أنّ النساء العربيّات اللواتى كنّ يلدن كنّ يأكلن الرُّطب لأنّه "أوفق طعام للوالدة". أمّا الذى نادى مريم من تحتها، فثمّة روايتان: الملاك جبريل الذى "كان فى مكان أسفل من مكانها"، أو السيّد المسيح الذى سنراه بعد قليل يتكلّم فى المهد. أمّا جدول الماء فلكى تشرب بعد أن تأكل الرُّطب فتقرّ عينها، ولكى تعلم أيضاً أنّ الله الذى أوجد لها الرُّطب من النخلة اليابسة وأنبع لها الجدول فى الصحراء قادرٌ أن يردّ عنها عيب العائبين وتعييرات المعيّرين.
ثمّ يذكر القرآن أنّ الله طلب من مريم أن تصوم عن الكلام حتّى تأتى معجزة كلام المسيح فى المهد لتبرّئها من تهمة الزنا التى يلاحقها بها اليهود: "فإمّا ترين من البشر أحداً فقولى إنّى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلّم اليوم إنسيّاً" (سورة مريم، 26). فلمّا سألها قومُها لماذا فعلتِ ما فعلتِ؟ أتاهم الجواب من المسيح "فأشارت إليهِ (إلى المسيح المولود) قالوا كيف نكلّم مَن كان فى المهد صبيّاً"؟ فأجابهم المولود الجديد: "إنّى عبد الله أتانى الكتاب (أى الإنجيل) وجعلنى نبيّاً وجعلنى مبارَكاً... والسّلام على يوم وُلدتُ ويوم أموتُ ويوم أُبعثُ حيّاً" (سورة مريم، 29-33).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة