تمر اليوم الذكرى الـ1340، على وقوع معركة كربلاء، والتى انتهت بمقتل الإمام الحسين بن على بن أبى طالب وأهل بيته وأصحابه، على يد جيش يزيد بن معاوية، ضمن أحداث ما يعرف تاريخيا بـ"الفتنة الكبرى"، إذ وقعت المعركة فى فى 10 محرم سنة 61 للهجرة والذى يوافق 12 أكتوبر 680م.
اتفقت الأقوال فى مدفن جسد الحسين عليه السلام، وتعددت فى موطن الرأس الشريف، فمنها: أن الرأس قد أعيد بعد فترة إلى كربلاء فدفن مع الجسد فيها، ومنها: أنه أرسل إلى عمرو بن سعيد بن العاص والى يزيد على المدينة، فدفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة الزهراء، ومنها: أنه وُجِدَ بخزانة ليزيد بن معاوية بعد موته، فدُفِنَ بدمشق عند باب الفراديس، ومنها: أنه كان قد طيف به فى البلاد حتى وصل إلى عسقلان، فدفنه أميرها هناك، وبقى بها حتى استولى عليها الإفرنج فى الحروب الصليبية؛ فبذل لهم الصالح طلائع وزير الفاطميين بمصر ثلاثين ألف درهم على أن ينقله إلى القاهرة حيث دفن بمشهده المشهور.
قال الشعرانى فى طبقات الأولياء: "إن الوزير صالح طلائع بن رزيك خرج هو وعسكره حفاة إلى الصالحية، فتلقى الرأس الشريف، ووضعه فى كيس من الحرير الأخضر على كرسى من الأبنوس، وفرش تحته المسك والعنبر والطيب، ودُفِنَ فى المشهد الحسينى قريبًا من خان الخليلى فى القبر المعرف".
وقال السائح الهروى فى الإشارات إلى أماكن الزيارات: "وبها، أى عسقلان، مشهد الحسين، رضى الله عنه، كان رأسه بها، فلما أخذتها الإفرنج نقله المسلمون إلى مدينة القاهرة سنة تسع وأربعين وخمسمائة".
وفى رحلة ابن بطوطة أنه سافر إلى عسقلان "وبه المشهد الشهير حيث كان رأس الحسين بن على عليه السلام، قبل أن ينقل إلى القاهرة".
وذكر سبط بن الجوزى فيما ذكر من الأقوال المتعددة أن الرأس بمسجد الرقة على الفرات، وأنه لما جيء به بين يدى يزيد بن معاوية قال: "لأبعثنَّه إلى آل أبى معيط عن رأس عثمان" وكانوا بالرقة، فدفنوه فى بعض دورهم، ثم دخلت تلك الدار بالمسجد الجامع، وهو إلى جانب سوره هناك.
وبحسب الأديب الكبير الراحل عباس العقاد فى كتابه "أبو الشهداء الحسين ابن على" فالأماكن التى ذكرت بهذا الصدد ستة فى ست مدن، هي: المدينة، وكربلاء، والرقة، ودمشق، وعسقلان، والقاهرة. وهى تدخل فى بلاد الحجاز والعراق والشام وبيت المقدس والديار المصرية، وتكاد تشتمل على مداخل العالم الإسلامى كله من وراء تلك الأقطار، فإن لم تكن هى الأماكن التى دُفِنَ فيها رأس الحسين فهى الأماكن التى تحيا بها ذكراه لا مراء.
وللتاريخ اختلافات كثيرة، نسميها بالاختلافات اللفظية أو العَرَضية؛ لأن نتيجتها الجوهرية سواء بين جميع الأقوال، ومنها الاختلاف على مدفن رأس الحسين عليه السلام. فأيًّا كان الموضع الذى دُفِنَ به ذلك الرأس الشريف، فهو فى كل موضع أَهْلٌ للتعظيم والتشريف. وإنما أصبح الحسين — بكرامة الشهادة وكرامة البطولة وكرامة الأسرة النبوية — معنى يحضره الرجل فى صدره وهو قريب أو بعيد من قبره. وإن هذا المعنى لفى القاهرة، وفى عسقلان، وفى دمشق، وفى الرقة، وفى كربلاء، وفى المدينة، وفى غير تلك الأماكن سواء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة