أكرم القصاص - علا الشافعي

"فكم لله من لطف خفى".. ابن الشيخ محمد عمران يسترجع مع "اليوم السابع" ذكريات ميلاد عبقرى التلاوة والابتهال.. النقشبندى اكتشف موهبته فى الإنشاد ونصحه بالذهاب للقاهرة..ووفاته حالت دون إتمام عمل مشترك مع عبد الوهاب

الخميس، 15 أكتوبر 2020 03:30 م
"فكم لله من لطف خفى".. ابن الشيخ محمد عمران يسترجع مع "اليوم السابع" ذكريات ميلاد عبقرى التلاوة والابتهال.. النقشبندى اكتشف موهبته فى الإنشاد ونصحه بالذهاب للقاهرة..ووفاته حالت دون إتمام عمل مشترك مع عبد الوهاب الشيخ محمد عمران
الشرقية- فتحية الديب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"فكم لله من لطف خفي، سبحان من عنت الوجوه لوجهه فهو الكريم يجيب من ناداه، والله ربي للهدى يهديني، والليل أقبل والوجود سكون، أنا يا إلهي ما عبدت سواك".. ابتهال يحفظه الجميع عن ظهر قلب للمُبتهل عبقري التلاوة الشيخ محمد عمران، والذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، والذي يحتل مكانة خاصة في قلوب مُحبي الابتهالات رغم كونه لم يحظى بشهرة واسعة.

ولد الشيخ "محمد أحمد عمران" في 15 أكتوبر من عام 1944، بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج، وفقد بصره بعد عام من ولادته دون أسباب واضحة آنذاك، إلا أن البعض أرجع ذلك بسبب انتشار فيروس في مصر وقتها، وكان ترتيب "عمران" الرابع بين أشقائه الخمسة، ووهبته والدته لله بعدما فقد بصره، حيث أرسلته للكُتاب في سن الخامسة من العمر، وأتم حفظ القرآن الكريم عند بلوغه التاسعة من عمره على يد الشيخ "عبدالرحيم المصري"، وأعاد تسميعه وتجويده  على يد الشيخ "محمود خبوط" بمركز طما.

"اليوم السابع" أجرى مع نجله الأكبر "محمود محمد عمران" هذا الحوار في ذكري ميلاد الشيخ المعروف بـ"عبقرى التلاوة والابتهال"، والذي فتح خزائن زكريات وتراث والده الذي لا يعلمه إلا القليلون.

الشيخ محمد عمران (1)

"الشيخ النقشبندي هو من اكتشف موهبة والدي في الإنشاد".. قالها محمود محمد عمران، الابن الأكبر للشيخ "عمران"، موضحًا أن الصدفة لعبت دورًا كبيرًا في حياة والده، قبل أن يشير إلى أنه عندما انتقل الشيخ "السيد النقشبندي" للعيش في مدينة طهطا كان جارًا لأسرته، فتعلق والده بصوته، وعندما كان يغيب عن المنزل كانت جدته تقول بصوت عالٍ: "هتلاقوه موجود عند الشيخ النقشبندي".

وتابع: "هو من تنبأ بموهبته ونصحه بالذهاب إلى القاهرة، ومن حسن حظ أبي أن الشيخ النقشبندي أتى للعيش في مدينة طهطا بعد الزواج وكان والدي في سن الطفولة، فتعلق به وكان سبب في حبه للإنشاد، وشجعه وقال له موهبتك لازم تطلع للنور، فيما كان والدي يقضي يومه عند الشيخ النقشبندي، وذات يوم طلب الشيخ منه مغادرة طهطا والنزول إلى القاهرة فلم يتردد والدي في التفكير، وكان وقتها في سن العاشرة من عمره".

وأردف: "سافر والدي إلى القاهرة وأقام في حي مصر القديمة، ولحسن حظه  تعرف هناك على الحاج علي نوفل، والذي تولى هو ووالدته رعايته، حيث كانت والدة الشيخ نوفل بمثابة أم لوالدي وتولت تربيبته، فيما كان جارهما الشيخ سيد موسى الكبير، رئيس البطانة، فاحتضن والدي وعلمه الموشحات وعكف على تدريبه على فنون الإنشاد الديني حتى ألحقه بمعهد المكفوفين للموسيقى، في سن الحادية عشر، وهناك تعلم فن الإنشاد والموشحات الدينية".

الشيخ محمد عمران (2)

واستطرد الابن الأكبر للشيخ عمران: "من حسن حظ والدي سكنه بجواره الشيخ سيد موسى الكبير، والذي كان في ذلك الوقت من كبار مشايخ بطانة المنشدين، وتعلم والدي منه الكثير ثم التحق بمعهد المكفوفين لتكون البداية لتعلم المقامات الموسيقية، وذاع صيته في مصر القديمة من مسجد حسن الأنور، وكان عمره 13 عامًا آنذاك، وبعدها بدأ يقرأ في المآتم، والتحق بعد ذلك للعمل بشركة  حلوان للمسبوكات ليكون قارئًا للمسجد هناك، وفي أوائل السبعينات اعتُمد مبتهلًا بإذاعة القرآن الكريم فور تقدمه للاختبار مباشرةً".

وعن حقيقة اعتماده قارئا ووصوله خطاب الإذاعة بعد 20 يومًا من وفاته،  نفى نجل الشيخ عمران هذا الكلام بشدة، قائلًا: "والدي لم يهتم في حياته أن يعتمد قارئًا في الإذاعة ولم يتقدم للاختبار، بعكس ما أشيع عنه.

وعن مشاركة الشيخ "عمران" في حفلات بالعالم العربي والأوربي، قال نجله: "والدي لم يكن محبًا للسفر وكان يرفض كل العروض التي تُعرض عليه في الدول العربية والعالم، وكان يسافر فقط للسعودية لأداء فريضة الحج والعمرة، والمرة الوحيدة التي وافق فيها على السفر كانت لإحياء 30 يومًا في شهر رمضان بالمسجد الأقصى، لكن لم يتم ذلك لدواعي أمنية، وقد سجل العديد من البرامج الإذاعية والابتهالات، منها: أسماء الله الحسنى، وأدركنا يا الله، بالإضافة إلى تسجيل الابتهالات الدينية لبعض الدول العربية، وكانت تربطه صداقة حميمة بالموسيقار محمد عبدالوهاب، وتم الاتفاق على عمل مشترك لكن توفي عبدالوهاب".

الشيخ محمد عمران (3)

"والدى لم يكن ينظر للماديات مطلقًا، وكل عام كان يرفض العروض التي تأتي إليه من الدول الأوربية، ونال شهرة واسعة بعد وفاته إلا أنه لم يُكرم من الدولة فى الوقت الذي كرم فيه من العديد من الدول العربية مثل سوريا وإيران والعراق"، يضيف محمود: "تم عمل برامج تحكي حياة والدي، والذي كان قارئًا ومبتهلًا في ذات الوقت، وكان يحب يقرأ بالصعيد أكثر ويقول عليهم سميعة، وقرأ في مآتم كبار العائلات بالصعيد، وفي نهاية كل مرة يُصدق فيها وينتهي من التلاوة كانوا بيحلفوا عليه بالطلاق ما يصدق ويقرأ من جديد، وكانت سورة مريم أكثر السور المُحببة إلى قلبه، وكثيرًا ما كانت تُطلب منه في المآتم".

وعن علاقته بأهل الفن، أوضح نجله: "والدي كان سعيد أنه صديقا للموسيقار محمد عبدالوهاب، وتم الاتفاق على عمل مشترك بينهما من تلحين عبدالوهاب، لكنه توفاه الله قبل اكتمال العمل بعد ما تم اختيار الأشعار، كما لحن له الموسيقار حلمي أمين، وسيد مكاوي لحن له 7 ألحان، منها: أدركنا يا الله، كما كانت تربطه علاقة صداقة قوية بعمار الشريعي وهاني مهنا، وكان يزوره في منزلنا باستمرار عبده داغر، أشهر كمنجي فى العالم، وكان والدي القاريء الرسمي لجميع الفنانين في مصر،  فقرأ في عزاء الفنان عبدالحليم حافظ، وفي ذكرى رحيله كان يقرأ في منزله بالزمالك، كما قرأ في عزاء عبدالوهاب وبليغ حمدي ومحرم فؤاد، وغيرهم.

ويؤكد "محمود" أن والده كان يرى في نفسه امتداد لمدرسة الشيخ "علي محمود"  وتعلم منه الكثير، وكانت هوايته المفضلة السمع، ليس من مصر فقط ولكن من جميع أصوات العالم، فترك مكتبة من شرائط الكاسيت بها حوالي عشرة آلاف شريط كاسيت، وكان شغوفًا بالكاسيت، وقبل وفاته كان معه كاسيت لم يكن موجود في الإذاعة، اشتراه في أواخر الثمانينات بألف دولار من الخارج.

الشيخ محمد عمران (4)

وتطرق الابن للمواقف الطريفة في حياة والده: "الشيخ كان زملكاوي متعصب، وكان يحمل عضوية فخرية لنادي الزمالك، وذات يوم كان لديه امتحان الثانوية العامة وسمح له بمشاهدة مباراة الأهلي والزمالك في نهائى كأس مصر، أمام التليفزيون، ودخل هو غرفته يشجع معشوقه الزمالك عبر الإذاعة، فأحرز الأهلي الهدف الأول في الدقيقة 11 من وقت المبارة، فخرج من غرفته وقال له الأهلي هيفوز عشان تحل كويس وتنجح، وعندما أحرز الزمالك هدف التعادل خرج من غرفته مهللًا وقال له: ثانوية إيه وبتاع إيه دا الزمالك".

وعن يوم الرحيل وآخر اللحظات في حياة سلطان دولة القوالة، يقول الابن: "والدي كان يقوم بإحياء الفجر بمسجد سيدنا الحسين، وبعدها عاد للمنزل في حالة إرهاق شديد وتم نقله إلى مستشفى المبرة، وتوفى في نفس اليوم الموافق 6 أكتوبر من عام 1994، بعد معاناة مع مرض الكبد قبل عامين من الوفاة، وحضر عزائه وقرأ فيه كبار قراء مصر، وفي مقدمتهم الشيخ الطبلاوي والشيخ نعينع، وتم دفنه بالمدافن الموجودة بجوار مسجد عمرو بن العاص.

الشيخ محمد عمران (5)
 

 

الشيخ محمد عمران (6)
 

 


 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة