تصريح صادم للغاية صدر من وزير الدولة للإعلام الزميل أسامة هيكل، نشره عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وجاء نصه: الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلوا حوالى 60 أو 65 % من المجتمع، لا يقرءون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، وبالتالى من المهم التفكير فى نمط حياة هذه الفئات.
وليسمح لى معالى الوزير حين أقول بأن تصريحه كارثى وغير منضبط ولا يعبر عن الخبرة التى من المفترض أن يكون امتلكها من خلال عملة على مدار عقول فى الصحافة، ومن مناقشاته لقضايا تخص الاعلام وتأثيراته عندما كان رئيسا رئيس للجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان.
والحقيقة أننى مندهش للغاية حتى ظننت أن أكاونت الوزير تعرض لـ"هاكر" أو أنه فقد هاتفه وحصل عليه أحد أعداء الوطن أو شخص لا يعرف خطورة ما يبشر.
بماذا يبشر السيد أسامة هيكل؟ ما الذى يريده من تصريحه؟، ماذا يستهدف؟ هل قال لنا ما البديل؟ هل يعرف خطورة ترك المنتمين للفئة العمرية الأقل من 35 عاما؟ ولمن نتركهم؟.
تساؤلات لا تنتهى حتى أننا بتنا نخشى من انحراف تفكيرنا إلى منطقة لا تليق بالرجل، منطقة الشك فى الولاء والانتماء، لكن ذلك أمر مستبعد فلا المنطق ولا تاريخ الوزير الوطنى يسمح لنا بالاقتراب من هذا النمط من التفكير.
لكن دعونا نناقش الزميل الوزير أسامة هيكل، وهو صحفى يقبل النقد والنقاش بطبيعة الحال، هو فى البداية والنهاية زميل نكن لشخصه قدر هائل من الاحترام، لكن دعونا نطرح عليه رؤيتنا وتساؤلاتنا علنا نجد تفسيرا مريحا.
قلت يا سيادة الوزير أن ثلثى المصريين لا يقبلون على قراءة الصحف ولا يشاهدون التليفزيون، فهل انت متأكد من ذلك؟، وما مصدرك فيما نشرت؟، أنا أؤكد أن ما قلته غير صحيح، فهذه الفئة العمرية تقؤأ الصحف، وتشاهد التليفزيون بشكل كبير جدا، وإلا بما تفسر التفاعل الشعبى الرهيب مع الأعمال الدرامية ونشرات الأخبار، ألم يجمع المصريون على مشاهدة مسلسل "الاختيار" مثلا ومن قبله فيلم "الممر"، ألم يتابع جموع المصريون تطورات ملف التصالح لحظة بلحظة حتى أن الرجل الأمى فى النجوع كان يخبرك بأحدث قرارات الحكومة فى الملف، ألم يلفت نظرك يا سيادة الوزير تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعى مع تصريح صدر من قناة أو أخرى، ألم يلفت نظرك ما قالته فنانة معينة أو ظهرت بملابس مثيرة، أمثلة كثيرة تكذب ما تقول مع خالص التقدير لشخصك.
وتعالى سيدى إلى حيث قلت، ولنفترض أنه صحيح تماما، فهل تعرف خطورته؟ أقول لك أنا ماذا يعنى، يعنى ببساطة شديدة وفى المجمل ضرب صناعة الإعلام فى مقتل سواء كان هذا الإعلام مقروء أو مسموع أو مرئى، وبالتالى تشريد العاملين فيه، فهل تقبل يا سيادة الوزير تشريد ما يزيد عن 40 ألف عامل فى ماسبيرو، وتشريد العاملين فى المؤسسات الصحفية القومية والخاصة.
وإذا حدث ذلك وتعرضت صناعة الإعلام للانهيار فهل قلت لنا بأى وسيلة نملأ فراغ شغب يواجه حروبا شرسة من الجيلين الرابع والخامس، حروب تستهدف العقول قبل الأجساد فتسيطر عليها وتغسلها وتوجهها إلى تدمير بلادنا دون أن تتكلف ثمن طلقة أو دانة مدفع.
لعلك يا سيدى تقصد الاعتماد على مخاطبة 65 % من شعب مصر العظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعى فتستقى القوى البشرية المصرية الضاربة معلوماتها وتشكل وعيها من خلال وسائل نشر عبثية تفتقد لأدنى مستويات المهنية والقيمية ونصبح صيدا سهلا للمغرضين والممولين والهادفين لتدمير مقدراتنا.
لكن إذا كان ثلثا الشعب المصرى لا يتابعون وسائل الإعلام فما حاجتنا لوزير إعلام أنت لم تنتبه لخطورة ما تقول حتى على نفسك يا معالى الوزير، اترك منصبك ولنفكك وسائل الإعلام ونصنع كتائب إلكترونية تتخصص فى فيس بوك وتويتر أو حتى تيك توك، والتيك توك روعة يا سيادة الوزير إنه ممتع للغاية ويسعد حياة المراهقين والمراهقات، إنه يحولنا إلى عالم مريض جنسيا تحركه شهواته ويسعده تمايل الراقصات والساقطات.
لعلك سيدى الوزير تدخر لنا مقترح رهيب وهو أن ننشئ قنوات على اليوتيوب، وكل منا يكون له إعلامه الخاص، ونتبادل السباب والشتائم ونعرض محتوى مدمر للقيم والمبادئ والثوابت الدينية والوطنية.
السيد أسامة هيكل، إذا كنت مقتنع بما قلت فلماذا لم تضع خطة لتطوير المحتوى والشكل فى وسائل إعلامنا لجذب غالبية الشعب إليها بدلا من الرضوخ للواقع – وهو ليس واقعا – وبالمناسبة دعنا نسألك: ما الذى قدمته منذ توليت حقيبة الإعلام من أفكار لتطوير المهنة والنهوض بها؟
أنت لم تقدم شيئا ونحن كنا متشوقين لأفكارك كنك صدمتنا حين خرجت علينا بما يدمر قيمنا حتى بات ينطبق عليك المثل القائل تمخض الجبل فولد فأرا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة