نتفق جميعا على أن الشعراء أكثر الناس تأثرا بما يجرى حولهم، وليس هناك أصعب من الحروب وويلاتها، ومن الشعراء الذين تأثروا بالحرب العالمية الثانية الشاعر "جورج تراكل" فما هى قصته.
يقول كتاب "سيجئ الموت.. وستكون له عيناك" لـ الكاتبة جومانة حداد، والذى يعرض ترجمة لـ 150 شاعرا انتحروا فى القرن العشرين، والصادر عن الدار العربية للعلوم – ناشرون ودار النهار، تحت عنوان "المسنى أيها الموت أنا رجل مكتمل" جورج تراكل شاعر نمساوى، ولد فى سالزبورج فى 3 فبراير عام 1887، وانتحر بجرعة زائدة من الكوكايين فى كراكوفيا فى 3 نوفمبر 1914.
كان والده بائع خردوات وأمه ربة منزل، تابع دراسته فى مدرسة كاثوليكية، رغم كونه بروتسانيا، لكنه ترك الثانوية عام 1905 وعمل لدى صيدلانى طوال ثلاثة أعوام فتعلق بالمهنة وقرر تاليا التخصص فيها، وانتقل إلى فينا لدراستها.
بدأ بكتبة المسرح لكن عروضه لم تشهد أى نجاح، ثم شرع ينشر قصائده فى عدد من المجلات الشعرية. تطوع فى الجيش وخدم كصيدلانى فى أينزببروك.
عند اندلاع الحرب العالمية الأولى، أرسل لمعاينة الجنود الجرحى فى جروديك، وعانى جراء ذلك اكتتابا حادا، حتى أنه حاول مرة أن يطلق النار على نفسه، لكن رفاقه أنقذوه من محاولة انتحاره الأولى. أدمن باكرا الكحول والمخدرات. كان يكره المدن ويعتبرها معقلا لدمار القيم.
شعره الرمزى مهد لظهور الحركة التعبيرية فى آداب اللغة الألمانية، ومن أعماله "خريف الرجل الوحيد، سيباستيان فى الحلم، قصائد، وأغنية الراحلين".
يقول فى قصيدة "حضور الموت":
آه من المساء الذاهب إلى قرى الطفولة
المعتمة
المستنقع تحت أشجار الصفصاف
ينتفخ بتنهيدات المالنخوليا
النتنة.
آه من الغابة التى خفية تخفض عينيها
البنيتين
عندما يغرق الرجل الوحيد أرجوان
أيامه
المنتشية بيديه
العظيمتين
آه من حضور الموت
لنص
فى هذا الليل تنحل أعضاء العشاق
الهزيلة
على وسائد دافئة صفرها البخور