هجوم وحشي جديد صدم الفرنسيين صباح اليوم الخميس، بعدما أقدم إرهابي لم تكشف السلطات عن هويته على ذبح سيدة وطعن 3 أشخاص داخل كنيسة نوتردام بمدينة نيس الفرنسية، قبل أن يتم القبض عليه وسط تأكيدات شهود عيان على ترديده هتافات "الله أكبر"، الهجوم الذي تزامن مع ذكري المولد النبوي الشريف، عكس بما لا يدع مجالاً للشك خطورة المراكز والجمعيات التي تمولها قطر وتركيا داخل فرنسا، والتي تتخذ من خدمة الدين الإسلامي ومعتنقيه ستاراً لأنشطتها المشبوهة من نشر للتطرف وتمويل للعمليات الإرهابية وأعمال العنف.
ووقع حادث الذبح الدامي، بعد أسبوعين من هجوم مماثل راح ضحيته أستاذ التاريخ صامويل باتي، وفى الوقت الذي يحاول فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغلال أزمة الرسوم المسيئة للهجوم على فرنسا، وسط إدانات عالمية واسعة وفضح للمخططات التركية في الشرق الأوسط والتأكيد على أن تحرك أردوغان يهدف إلى تصفية الحسابات مع باريس وليس الدفاع عن الدين الإسلامي.
وقالت مصادر أمنية لإذاعة مونت كارلو إن الجاني قطع رأس سيدة، وطعن 3 آخرين، داخل الكنيسة صباح الخميس، ما دفع السلطات لفرض طوق أمني بمحيط الحادث وسط حملة تمشيط واسعة ومناشدات للمواطنين بتجنب التواجد بالقرب من موقع الحادث.
مكان الحادث داخل الكنيسة
وأعلنت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب أنها تحقق فى وجود صلة للجاني بتنظيم القاعدة حيث جاء هذا الحدث بعد أيام قليلة من مطالبة وزارة الداخلية لقواتها، في قرار نشر في 25 أكتوبر، "بزيادة اليقظة بعد التهديدات التي وردت في بيان صحفي تابع لوكالة "ثبات" المقربة من القاعدة وتدعو صراحة إلى أعمال تستهدف فرنسا.
وقالت صحيفة لوفيجارو الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون توجه على الفور للمشاركة في اجتماع وحدة الأزمات المشتركة بين الوزارات ذات الطابع الأمني، وسط تأكيدات مصادر بوزارة الداخلية عدم التراجع عن الحملة التي تشنها السلطات ضد المساجد والجمعيات المرتبطة بالكيانات والتنظيمات المتطرفة.
بدوره، قال كريستيان استروسى، رئيس بلدية نيس الفرنسية، أنه تم إلقاء القبض على منفذ الهجوم بسكين قرب كنيسة نوتردام بمدينة نيس الفرنسية، موضحاً أنه تسبب فى مقتل شخص وأصابة 3 آخرون.
وقال استروسى: "كل شيء يشير إلى هجوم إرهابي.. منفذ حادث الطعن الذى شهدته المدينة"، ونصحت شرطة ألب ماريتيم الوطنية بتجنب المنطقة، والقيام بعمليات أمنية في محيط مسرح الأحداث.
وزير داخلية فرنسا
من جانبه، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين إنه سيفتتح "مركز أزمات في أعقاب الأحداث".
وتابع الوزير في تصريحات نقلتها وسائل إعلام فرنسية إن الأجهزة الأمنية مستعدة لأنماط مختلفة من الاعمال الإرهابية مثل الهجمات بالسكين أو استخدام السلاح النارى او سيارة تدهس حشود، وغيرها، وكل ذلك لن يقود البلاد للتخلي عن حربها ضد الفكر المتطرف.
وقالت وسائل إعلام فرنسية ان رئيس الوزراء الفرنسى جان كاستيكس قال اليوم خلال مشاركته في جلسة بالجمعية الوطنية، والتي كانت بالتزامن مع عملية هجوم بسكين في محيط كنيسة نوتردام في نيس الفرنسية، انه سيشارك في اجتماع الأزمة المشترك الذى سيعقد بين الوزارات باإضافة إلى رئيس بلدية نيس".
وأضاف: "انه بلا شك اختبار جديد خطير للغاية يضرب بلدنا، ادعو التمثيل الوطني كله إلى الوحدة والتماسك".
رئيس بلدية نيس يلتقى رجال الأمن
ووقفت الجمعية الوطنية (البرلمان) دقيقة صمت حداداً على ضحايا هجوم نيس، ثم قام رئيس الجمعية ريتشارد فيران بتعليق الاجتماع.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، جبريال اتال ، في وقت سابق صباح اليوم أن فرنسا "تتعرض لتهديد إرهابي في الأيام الأخيرة، تغذيه دعوات للكراهية"، لكن ذلك "يعزز إرادتنا في مكافحة الإسلام المتطرف وكل أوجهه بلا هوادة"، دون أن يضيف تفاصيل.
وحول الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع تركيا، قال أتال عقب اجتماع مجلس الوزراء إنه "رغم الترهيب، لن تتراجع فرنسا أبدا عن مبادئها وقيمها خاصة حرية التعبير وحرية النشر".
وقال الرئيس الفرنسى السابق فرنسوا هولاند أن نيس "ضربت مرة أخرى بالهمجية"، وكتب على حسابه الخاص بتويتر "مرة أخرى فرنسا تتعرض للهجوم من قبل الإرهاب والتطرف،" مضيفا "الديمقراطية هي سلاحنا وستظل دائما الأقوى ضد أعدائها".
جانب من حادث نيس
كما اعرب الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزي عن سخطه العميق بعد هذا الهجوم الإجرامي الجديد، مشددا على ان الخطورة الشديدة للوضع تتطلب قرارات قوية ، فورية وبدون عودة، ويضيف رئيس الدولة السابق، " فى مثل هذه اللحظات الحساسة التي تتعرض فيها حياة الأبرياء للتهديد ، الوحدة يجب ان تكون القاعدة وراء مؤسساتنا ومن يجسدها.
وختم قائلا:" ليس هناك وقت للجدل أو للسياسة، إنه الوقت الصحيح للعمل من أجل نضال الجميع ضد البربرية ومن أجل الحضارة".
ومن جابنها وصفت جمعية أساقفة فرنسا (CEF) الهجوم بالسكين الذي أسفر عن مقتل ثلاثة فى كنيسة نوتردام في نيس بأنه عمل "لا يوصف"، وتمنت ألا يصبح "المسيحيون هدفًا للقتل".
وصرح المتحدث باسم الجمعية الأب هيجيز دى ووليمونت: "لقد تأثرنا جدا ونعيش فى دهشة من هذا النوع من العمل الذي لا يوصف".
وأضاف: "هناك حاجة ملحة لمكافحة هذه الغرغرينا التى تتمثل فى الإرهاب والعمليات الإرهابية، بنفس الطريقة التي توجد بها ضرورة ملحة لإقامة أخوة في بلادنا بطريقة ملموسة".