تحل اليوم ليلة المولد النبوى الشريف، والتى ينتظرها الكثيرون من أجل الاستمتاع بالأصوات العذبة، والبيئة المصرية فى صعيد مصر عامرة بالأصوات العذبة والجميلة، لاسيما مجال الإنشاد الدينى، والذين لهم ملايين المحبين والعاشقين، وخاصة الصوفية وآل بيت النبى، والذين يتنقلون ما بين الموالد المختلفة التى تقام فى أضرحة كبار الصالحين فى مصر.
وتزخر مصر بالعديد من الأصوات المميزة والرنانة، التى تشدو بالأناشيد والابتهالات والتواشيح الدينية، لتمتع آذان مستمعيها بين الحين والآخر، ورغم أن بعض أصحاب هذه الأصوات فارقوا الحياة، فإن أصواتهم لا تزال حاضرة تجسد روعة ونقاء فن الإنشاد الديني.
نصر الدين طوبار
هو صاحب "جل المنادى" الابتهال الشهير الذى استقى أذن العاشقين بسحر كلماته وروعة صوته، القارئ الذى رتل القرآن بصوته، وكأنه صوتا من السماء، ودخل عالم الإنشاد والابتهالات، فكان أميرا بين المنشدين، إنه الشيخ نصر الدين طوبار.
ولد بالمنزلة بمحافظة الدقهلية عام 1920، وبعد أن حفظ القرآن الكريم ذاع صيته فى مدن وقرى محافظة الدقهلية لحلاوة صوته، ونصحه أصدقاؤه أن يتقدم لاختبارت الإذاعة وبالفعل تقدم إلى اختبارات الإذاعة لكنه رسب 6 مرات وظل مثابرًا ومصرًا على النجاح إلى أن تحقق له النجاح فى المرة السابعة.
قدم الشيخ ما يقرب من 200 ابتهال أشهرها «يا مالك الملك، ومجيب السائلين، وجل المنادي، والسيدة فاطمة الزهراء، وغريب، ويا سالكين إليه الدرب، ويا من له فى يثرب»، وتوفى الشيخ «طوبار» فى 6 نوفمبر عام 1986.
محمد الكحلاوي
مداح الرسول، المنشد الذى أبكى القلوب، دخل عالم الإنشاد وأبى أن يغنى لشىء سوى نبينا الكريم، فكان منشده ومداحه صلى الله عليه وسلم، وغاب عن عالمنا وهو مداح الرسول الكريم، إنه المطرب والمنشد الكبير محمد الكحلاوى.
ولد بمنيا القمح بمحافظة الشرقية عام 1912 يتيمًا، بعدما توفيت والدته أثناء ولادته، ثم لاقى والده ربه بعدها بفترة قصيرة وهو لا يزال طفلاً، بدأ مشوار حياته بإنشاد المواويل الشعبية ثم ترك وظيفته والتحق بفرقة «عكاشة» وعمل بالإذاعة من نشاتها عام 1934 انتخب نقيبا للموسيقيين عام 1945 لكنه تنازل للموسيقار محمد عبد الوهاب.
اتجه لعالم الإنشاد، وخاصة مدح النبى محمد صلى الله عليه وسلم، أشهر أغانيه «لاجل النبي، يا قلبى صلى على النبي، خليك مع الله، نور النبي، وخللى السيف يجول»، وكان يحب أن يُنادى بـ «مداح الرسول»، وتوفى فى 5 أكتوبر 1982.
أحمد التونى
هو شيخ المنشدين، وسلطان المداحين، وهو أشهر وأكبر منشدى صعيد مصر يطلق عليه لقب "ساقى الأرواح"، استطاع بأدائه المتميز الخروج بالغناء الصوفى من المحلية إلى العالمية، إذ دعى للمشاركة فى العديد من المهرجانات الموسيقية الروحية.
ولد الشيخ أحمد التونى فى قرية الحواتكة بمحافظة أسيوط، فى سنة 1932، وغاب عن عالمنا فى 17 مارس عام 2014، وكان يقدم الشيخ "التونى" التراث القديم كما هو كما جاء على ألسنة الأولياء والعارفين بالله والسالكين فى مدارجهم ومنهم: «البدوى والرفاعى والدسوقى والجيلاني» وغيرهم من أهل الله –على حد تعبير الشيخ- وعن الموالد التى تشتهر بها "مصر" والتى يعتبر الشيخ "التوني" نجمها الأول منذ سنواتٍ عديدة قال الشيخ: «ما زال مولد السيد البدوى بمدينة "طنطا" شمالى "مصر" المولد الوحيد الذى يحافظ على تقاليده الأًصلية لا سيما "الدورة" وهى نوع من الحركات تتبع فى الحضرات الصوفية» ويؤكد الشيخ "التوني" أن مولد السيد "البدوي" هو الأكبر والأشهر فى "مصر".
سيد النقشبندي
صاحب أيقونة "مولاى"، المنشد الذى غار منه كبار المطربين، وتسابق من أجله الملحنين والمبدعين.
ولد النقشبندى فى قرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، عام 1920م، ولكنه لم يمكث بها طويلاً حيث انتقلت أسرته إلى مدينة طهطا فى جنوب الصعيد ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره آنذاك، وحفظ فى طهطا القرآن الكريم، وتعلم الإنشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة «النقشبندية».
حصل على لقب النقشبندى نسبة لجده محمد بهاء الدين النقشبندى الذى نزح من «بخارة» بولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر الشريف.
ومن أهم أعماله «مولاي، جل الإله، أغيب، ربّ هب لى هدى، أقول أمتي، أى سلوي، يارب دموعنا، حشودنا تدعوك، بدر الكبرى، ربنا، ليلة القدر، أيها الساهر، سبحانك يا رب، رسولك المختار»، وتوفى إثر نوبة قلبية فى 14 فبراير 1976.
طه الفشني
أستاذ المقامات، المنشد الذى تلاعب بجميع المقامات الصوتية بإنشاده ومدحه البديع، بداياته كانت مع قراءة القرآن واتجه إلى عالم الإنشاد فأصبح "أستاذا" بين المنشدين.
ولد الفشنى بمركز الفشن بمحافظة بنى سويف عام 1900 ومن هنا جاءت تسميته بالـ «الفشني»، فى بداية حياته حفظ الشيخ طه القرآن الكريم ثم تعلم القراءات، وتدرج فى دراسته الدينية والعامة وحصل على كفاءة المعلمين من مدرسة المعلمين عام 1919، التحق بالإذاعة المصرية عام 1937، وعين قارئاً لجامع السيدة سكينة عام 1940، واختير رئيساً لرابطة القراء خلفاً للشيخ عبدالفتاح الشعشاعى عام 1962، وكان على علم كبير بالمقامات والأنغام، وانتهت إليه رئاسة فن الإنشاد فى زمنه فلم يكن يعلوه فيه أحد، وهو أشهر أعلام هذا الفن بعد الشيخ على محمود، ومن أشهر أعماله «ميلاد طه، يا أيها المختار، وتوفى الشيخ فى 10 ديسمبر 1971.
الشيخ عليوة
سيد المداحين فى عشق النبى، حصل هو الآخر على لقب مداح الرسول، فلم يترك مناسبة حتى مدح فى سيد الخلق، وخاتم المرسلين، وأنشد بصوته قصائد العشق الروحى، فكان أميرا بين المتصوفين.
ولد بقرية بنى مر، محافظة أسيوط، وبدأ مطربا فى قصور الثقافة على مستوى أقاليم جنوب مصر، حيث لم يكمل دراسته الثانوية مثل الكثيرين فى قريته، ولكن بعدما أثنى الكثيرون على صوته قرر ترك الأغانى والاتجاه إلى الإنشاد الدينى فقط ولينطلق بفرقته منذ عام 1979 فى سماء الإنشاد.
لقب بمداح الرسول، من اشهر أناشيده حب النبي، وعلى باب الكريم، وقلبى إلى الحبيب، وحياتى أنا، ويعتمد إنشاد الشيخ عليوة على النهج الروحي، فقد تأثر بقصائد الحلاج ومحيى الدين بن عربى وعمر بن الفارض، وقرأ كثيرا فى كتاب "البساتين والجنات فى مدح سيد السادات" للشيخ أحمد أبوالحسن" المدرس للمنشد الكبير أمين الدشناوي.
أحمد برين
المنشد الذى اجتمع فى حبه المسيحى قبل المسلم، فاستحق عن جدارة لقب سيد المنشدين، حفظ الإنشاد القبطى وتغنى فى حب العذراء ويسوع المسيح، ورتل بصوته العذب قصائد الصوفين، وتغنى فى خاتم المرسلين، فكان كبيرا بين المداحين، إنه الشيخ أحمد برين.
ولد «محمد محمد أحمد برين» وفى قرية السلوى مركز كوم امبو بأسوان، عام 1939، رحل عنه والده وهو لم يتجاوز السنتين، وأصيب بحمى أفقدته بصره، وقد غاب عن عالمنا فى يوم 1 يوليو عام 2015،
أحيا الشيخ «برين» ليالى وحفلات فى مناسبات قبطية، مثل مولد السيدة العذراء فى الدير المسمى باسمها فى قرية «درنكة"، أراد الشيخ أن يرحل إلى مدينة الأقصر لإقامة حفلات مولد النبي، وكون فرقت الخاصة من بعض المنشدين مثل: «صالح حفني، عبد الرضى الحايق، محمود أحمد كلود».
ياسين التهامى
نشأ فى بيئة صوفية، منذ الصغر عاش فى أجواء من الروحانيات والشق الإلهى، فأصبح سلطانا للعاشقين ، وكبير وعميد للمداحين فى حب خاتم المرسلين النبى العربى الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.
ولد التهامى فى قرية الحواتكة بمركز منفلوط بمحافظة أسيوط بالصعيد فى السادس من ديسمبر عام 1949م، ونشأ فى جو دينى فى عائلة محافظة والذى كان يغلب على جو القرى المصرية بشكل عام، وحفظ القران وجوده مما ساعده على تقويم لسانه وتعريبه على الوجه الأمثل، وتلقى تعليمه بالمعاهد الأزهرية حتى السنة الثانية الثانوية ثم انقطع لظروف خاصة.
نظرًا لنشأة التهامى فى أجواء شب فيها على التصوف وحلقات الذكر، تأتى معظم القصائد التى ينشدها من تراث المتصوفة الذين تربطه بهم علاقة عشق، وأشهر من يُنشد لهم «ابن الفارض» الذى أنشد تائيته المشهورة المكونة من 537 بيتًا على حفلات متفرقة، وأيضًا أنشد للإمام عبد القادر الجيلاني، وعبد الكريم الجيلي، وغيرهم من شعراء الصوفية.
الشيخ أحمد عبد الفتاح الأطروني
هو موسيقار الإنشاد الدينى، وأحد فطاحل الإنشاد الدينى، الشيخ أحمد الأطرونى، الذى ولد فى بيئة ريفية فى 6/5/1955، وتأثر من خلالها بالإنشاد الدينى وتلاوة القرآن الكريم والإبتهالات الدينية ، وذلك منذ نعومة أظفارة.
كانت كل اهتماماته هو أن تصل رسالته الى كل القلوب والأذهان العامرة بالإيمان وهدفها : الإيمان بالله وحده لا شريك له والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى مدحا وحبا فيه صل الله عليه وسلم (الدعاء الذى لا يرد) والتخلق بأخلاقه (مكارم الأخلاق)، واشتهر بأنه قام بعرض عزف منفرد على آلة العود وكذا الموال والموشح، وكذا فى رحاب آل البيت الكرام بالجمهورية ملتمسة وفياضه.
الشيخ أمين الدشناوي
هو أمين تقى محمد أحمد، الشهير بأمين الدشناوي، من مواليد مركز دشنا بمحافظة قنا، لم يكمل دراسته حيث حصل على شهادة الثانوية العامة وانشغل بالمديح، لقبه محبيه بـ"ريحانة المداحين" و"مداح العصر"، نظرًا لصوته العذب وقصائده الرصينة والممتعة والتى عشقها محبى آل بيت النبي، وتجلت موهبته على يد معلمه الشيخ أحمد أبوالحسن ملهمه وأستاذه وكاتب قصائده التى تفيض بالمعانى الصوفية، ثم انطلق ينشد فى كل مصر والوطن العربى زمنها إلى العالمية.
ويعد الدشناوى ثانى عربى يعتلى خشبة مسرح شات ليه بباريس بعد كوكب الشرق أم كلثوم، وعُرضت صوره مؤخرا على واجهه مبنى معهد العالم العربى فى بورتريه من الحجم الكبير كرمز للتصوف الذى يعنى سماحه الاسلام ووسطيته وأنه دين السماحه والسلم والسلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة