59 تابوتا أثريا تم استخراجها من بئر قديم في منطقة سقارة الأثرية بالجيزة، ومازال هناك عدد كبير من التوابيت لم يتم استخراجها، إلى جانب العثورعلى عدد كبير من التماثيل والأوشبتى والتمائم، التى تتراوح ما بين 40 و50 قطعة أثرية، كان ذلك حصيلة الاكتشاف الآثرى الجديد التي أعلنت عنه وزارة الآثار، والذى سيكون حديث العالم، نظرا لاكتشاف هذا الكم الكبير من التوابيت.
ويعد هذا الكشف أكبر الاكتشافات الأثرية فى 2020 بمنطقة سقارة، والذى يضم أكبر عدد من التوابيت بدفنة واحدة منذ اكتشاف خبيئة العساسيف، وجاءت البداية باكتشاف بئر عميق للدفن يبلغ عمقه نحو 11 مترا، وتم العثور بداخله على أكثر من 13 تابوتا آدميا مغلقا منذ أكثر من 2500 عاما.
التابوت هو أهم عنصر فى عملية الدفن لأنه المأوى أو المكان الذى يوضع فيه جسد المتوفى، وتختلف التوابيت فيما بينها من حيث الشكل والزخرفة والمواد التى تصنع منها حيث يتوقف ذلك على المعتقدات والعادات الدينية الخاصة بكل عصر.
وفى مصر القديمة اشتهر ما يعرف تاريخيا الآن بـ نصوص التوابيت هي مجموعة من النصوص الجنائزية المصرية القديمة، والتي بدأ ظهورها مكتوبة على النعوش في بداية فترة الاضمحلال الأولى، استمدت تلك النصوص من نصوص الأهرام التي كانت للاستخدام الملكي فقط، حيث تم استبدال بعض كلماتها لتصلح لاستخدام عامة الناس، حيث أصبح في قدرة بعض عامة المصريين أن يتملّكوا توابيت ينقش عليها نصوص جنائزية، أي أن حق الحياة الآخرة لم يعد محصورًا على الفرعون.
ووفقا لدراسة بعنوان "تكنيك صناعة وتشكيل التوابيت الخشبية في مصر القديمة" للدكتورة إيمان محمد نبيل، نشرت في دورية " دراسات في آثار الوطن العربي" التابعة لاتحاد الآثريين العرب، كان الفن المصرى القديم فن تطبيقياً ليخدم الحياة الدنيوية والحياة بعد الموت.
ومن الفنون التى برع فيها المصرى القديم وأجادها لتخدم متطلباته فن النجارة تلك الحرفة التى أصبحت من أهم الحرف والمهن فى الحضارة المصرية ويظهر براعة المصرى القديم فى فن النجارة أول ما يظهر فى صناعة التوابيت وتعد التوابيت الخشبية انعكاس لتطور الفن المصرية القديمة عبر العصور.
وقد اختلف تصميم وبنية التابوت من فترة تاريخية إلى أخرى ليعكس التسلسل الزمني للفترات التاريخية والمستوى الاجتماعي لصاحب التابوت والمعتقدات الدينية، فظهر بعضها مستطيلا والبعض الآخر مربعا.
أما الأخشاب المستخدمة فى صناعة التوابيت فقد اختلفت باختلاف درجة ثراء المتوفى فكانت التوابيت الملكية وتوابيت النبلاء تصنع من الخشب المستورد بعكس توابيت الطبقة المتوسطة أو الفقراء التى كانت تصنع من الخشب المحلي.
وتشير الدراسة سالفة الذكر، أن التابوت يعد من أهم أولويات الديانة المصرية كونه يجهز لحماية الجسد بعد الموت، وكان الجسد المحفوظ أحد أهم العناصر الضرورية لتحويل المتوفى إلى روح فعالة في العالم الآخر عالم الخلود.
وقد أعتبر التابوت مكون رئيسياً فى مجموعة الدفن فى فترات ما قبل الأسرات إلى العصر اليوناني الروماني وما بعده، ولم تكن الوظيفة الوحيدة للتابوت هى حماية جسد المتوفى فقد كان له العديد من الوظائف الدينية والرمزية التى تغيرت مع مرور العصور، وعلى الرغم من تعدد اشكال التوابيت على مر العصور الفرعونية وتعدد اسلوب تشكيلها وزخرفتها فقد ظل المصرى القديم محتفظ بالتخطيط العام للتوابيت وطرق التجميع المعتمدة على استخدام التعاشيق الخشبية التى برع المصرى القديم فى استخدامها لتجميع الألواح الخشبية مع بعضها البعض فكان التابوت يتكون من الغطاء الذى يمثل السماء و القاع الذى يمثل الأرض بالإضافة إلى الجوانب الأربع التى تمثل الجهات الأصلية.
وقد اختلفت التوابيت فيما بينها من حيث الشكل وأسلوب الزخرفة والمواد التى تصنع منها ويتوقف ذلك على المعتقدات والعادات الدينية الخاصة بكل عصر، وأخذ التابوت الشكل المستطيل أو البيضاوى أو الآدمي وكان الباعث الأساسي لاختلاف أشكال التوابيت هو البحث حول توفير الراحة للمتوفى باعتبار التابوت السكن الأساسي له داخل القبر، وتعد صناعة التوابيت الدليل المادى على حدوث تحولات اجتماعية فى التجارة والعلاقات الدولية والاقتصادية بالإضافة إلى النواحى الاجتماعية التي مر بها المصرى القديم خلال فترات التاريخ.