"قد تكون الإعاقة سبباً فى عدم الحركة، ولكنها لم تكون مانعاً للتنقل أو الخروج من المنزل، لأن حينها يمكن لصاحب الإعاقة أن يستعين بمساعد يعينه على الحركة والتنزه فى حالة إذا ما أراد ذلك".. ولكن الوضع مختلف تماماً بالنسبة لـ"الحاجة حليمة" فهى لم ترغب فى الخروج من منزلها وظلت فيه ماكثة فيه طيلة 80 عاماً.
حليمة-80-سنة
"اليوم السابع" انتقل إلى منزل الحاجة حليمة حسين أحمد، بقرية أبو الريش بمحافظة أسوان، ليتابع قصة السيدة العجوز التى لم تخرج من منزلها طوال عمرها الذى قارب على الـ80 إلا سنتين، حياءً منها أن يراها الناس على هذه الحالة التى عليها منذ صغرها ، ورغبة منها فى عدم إلحاق المشقة بمن سيهتم بها.
الحاجة-حليمة-تؤدى-الصلاة
تعيش "حليمة" مع شقيقتها "كيره" التى تصغرها بسنوات قليلة، فى منزل ريفى بسيط بأحد نجوع قرية أبو الريش شمال مدينة أسوان، وتجلس الحاجة حليمة على "مصلاه" لها فى المنزل وتمسك بيديها حجر هو ملازم لها طالما رغبت فى التيمم وأداء الصلاة، ثم تجلس تسبح وتذكر الله فى معظم وقتها.
صحفى-اليوم-السابع-مع-الحاجة-حليمة
تحدثت المرأة القعيدة لـ"اليوم السابع" عن قصتها قائلةً: "منذ ولادتى وأنا أعانى من تقوس فى قدماى الاثنين، ولأن الوضع الطبى لم يكن بالمثالى قديماً خاصة فى القرى والنجوع فذهب أهلى بى إلى ما يسمى بالمجبراتى، والذى وضع الجبيرة على قدماى، وبعد فترة انتظرت فيها أسرتى أن أمشى على رجلى، ولكن النتيجة جاءت بالفشل وأصبحتُ قعيدة مدى الحياة".
وتابعت حليمة، قصتها قائلةً: توفيت والدتى وأنا فى سن صغيرة ولم أذكر الكثير عنها، وظل والدى يقوم على تربيتى بمساعدة شقيقتى "كيره"، وظلت المعاملة الحسنة حتى بعد ذلك مع زوجة أبى التى كانت تقوم على خدمتى، لأن والدى كان متعلق بى ويدافع عنى ولا يرضى لى بالأذى، وكان يوصيهم عليّ حتى فارق الحياة".
الحاجة-حليمة-تتيمم
وقالت: عِشتُ مع شقيقتى "كيره" وابنتها "هدى"، فى منزل الأسرة، ولم أتزوج ولكن اعتبرت ابنة شقيقتى بمثابة ابنتى لأنها تقوم على خدمتى ولا زالت تجاهد فى مساعدتى داخل المنزل.
وأضافت حليمة، أنها لم تخرج من منزلها إلا مرة واحدة فى حياتها، أدت فيها مناسك العمرة، لأنها لا ترغب فى أن يراها الناس بهذه الوضعية، رغم أنها تعلم أن هناك الكثير ممن يعانون من الإعاقة وليست وحدها، ولكن عفت نفسها هى التى تجبرها على عدم قبول ذلك، موضحةً بأنها لا ترغب أيضاً فى أن تحمل مشقة على من يحملها لخارج المنزل، حتى أن بطاقتها الشخصية تم استخراجها لها من المنزل، بواسطة خدمات المجلس القومى للمرأة.
الحاجة-حليمة
وأشارت إلى أن الجميع يحبها ويجب مجلسها، ويأتون إلى منزلها، لتبادل الحديث معها وسرد الأخبار والقصص، لافتةً إلى أنها لا تدرى شيئاً عن شكل العالم الخارجى، ولكنها تتابع جيداً الأحداث السياسية والاجتماعية التى تدور فى العالم عبر التلفاز، فهى مثقفة وملمة بأحداث الوطن، وتتابع جيداً خطابات الرئيس وقراراته، وتعلم حجم المجهود الذى يبذله لبناء الوطن، وتقول: "لا أزال أدعو له بأن يستكمل مسيرته فى العطاء والتنمية".
ابنة-شقيقتها-تحملها-داخل-المنزل
وعن يومها، تحكى حليمة حسين أحمد، ابنة شقيقتها، بأن خالتها اعتادت على أن تقضى يومها داخل المنزل، فبعد أن تؤدى الصلاة المكتوبة تجلس فى المنزل تذكر الله بمسبحتها ولا تمل من الجلوس على الأريكة لفترات طويلة، وتحب تجمع الأطفال حولها وتوزع عليهم الحلوى والنقود وتعتبرهم أطفالها رغم أنها لم تتزوج ولم تنجب.
ويقول هيثم سعد صالح، أحد جيرانها، أن الحاجة حليمة، من الشخصيات المحبوبة فى القرية رغم أنها لم تخرج ولكن الجميع يأتى إليها ويتبادل معها الحديث ويسأل عن أخبارها ويخبرها بما يدور حولها، مشيراً إلى أن أهالى القرية يعتبرونها جدتهم بحكم سنها الذى وصل إلى الثمانين، كما أنها حالة فريدة بحكم أنها لم تخرج من منزلها طيلة حياتها.
وعن أمانيها، أكدت السيدة القعيدة العجوز، بأن كل أمانيها أن تزور بيت الله مرة أخرى، لتختم حياتها بطاعة الله.