مع تصاعد زلزال فضيحة التعرية والتفتيش المهين لنساء أجنبيات فى مطار حمد الدولى بالعاصمة القطرية، اعتذرت السلطات القطرية، رسميًا عن الواقعة، واعترفت بحدوث تجاوزات فيما تعرضت له مسافرات في مطار حمد الدولي، والإجراءات التي تم اتخاذها عقب العثور على رضيع ألقى بأحد حمامات المطار وقدمت اعتذارها.
وتعود أحداث الواقعة إلى الثانى من أكتوبر، عندما أجبرت السلطات في مطار حمد الدولى، جميع النساء اللواتي كن على متن الرحلة المتجهة من الدوحة إلى سيدنى، على النزول من الطائرة، وأجبرتهن عن نزع ملابسهن، وفحصهن للتأكد من أن أيا منهن ليست والدة الطفل التى عثرت عليها السلطات فى أحد حمامات المطار.
وكانت الحكومة الأسترالية، قالت إن 18 امرأة على متن رحلة متجهة من الدوحة إلى سيدنى تعرضن لفحص طبى إجبارى، بينهن 13 مواطنة استرالية، كما أن هناك امرأتين بريطانيتين كانتا من بين المسافرات اللائي تعرضن لفحوص قسرية، وقد بادر دبلوماسيون بريطانيون إلى الاحتجاج على الدوحة.
وبعد إعلان قطر عن إحالة المسؤولين عن فضيحة الخطوط الجوية القطرية، للنيابة العامة، ما الخيارات القانونية أمام النساء الأجنبيات؟ وهل يمكن تعويضهم ماديًا بعد التفاصيل "المروعة" اللاتى تعرضن لها مطار حمد الدولي بالدوحة؟
أيمن سلامة: للسيدات الحق فى الحصول على تعويض أمام محاكم قطر أو أستراليا
الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، قال إن الحادث الأخرق الذى وقع فى مطار الدوحة يشكل حادثة خطيرة غير مسبوقة فى تاريخ النقل الجوى، وفى تاريخ الاعتداء على الحقوق الفردية والحق فى الخصوصية للأفراد بشكل عام وهي التى كفلتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وفى الصدارة منها العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية الذى صدر عام 1966 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقطر أحد الدول المنضمة لهذا العهد وتلتزم به بالتنفيذ الصارم لكل نصوصه وبحسن نية.
وقال فى تصريحات لـ"اليوم السابع": لقد روعت السلطات التنفيذية القطرية فى مطار حمد فى الدوحة، الركاب المسالمين الآمنين الأبرياء، وجميعهم من النساء اللاتى تعرضن لصدمة نفسية فظيعة ولم يسعفهم الوقت ولا الظرف لإدراك ما أجبروا عليه من قبل السلطات القطرية، مشيرًا إلى أن للأستراليات الحق فى الحصول على تعويض من قطر أمام المحاكم الوطنية القطرية أو الأسترالية.
كما كشف أستاذ القانون الدولى العام، أن للسلطات الأسترالية وتحديدًا البعثة الدبلوماسية أو البعثات القنصلية فى قطر أن تحضر كافة جلسات المحاكمات إن تمت بحق المسئولين التنفيذيين القطريين مستقبلًا.
الدكتور أيمن سلامة
وأضاف سلامة: صحيح أن قطر أدركت فظاعة الجرم الذى ارتكب بحق هؤلاء النسوة، ونتيجة فضح هذه الممارسات الشاذة لسلطات التنفيذية بمطار الدوحة، آثرت السلطات القطرية وحتى تخفف من وطأة هذا الجرم الاعتذار والإقرار بارتكاب الجرم، فضلًا عن إحالة المسئولين عنه إلى جهات التحقيق
وأشار إلى أن الدولة المضرورة وهى أستراليا لها الحق المطلق فى قبول هذه الأشكال من أشكال الجبر التى قامت بها السلطات القطرية، ولها أن ترفضها تمامًا وتطالب هى بالنيابة عن الرعايا الأستراليات ضحايا الجرائم القطرية بالتعويض المالى لهؤلاء، فضلا عن تعهد الدولة القطرية ذاتها إلى أستراليا بعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات فى المستقبل.
وفقا لـ"سلامة"، فإن النزاع القطرى الاسترالى لا يقتصر على ذلك الخرق الجسيم لقواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان، وذلك بالاعتداء على الحرية الفردية، والحق فى الخصوصية للمسافرين الأستراليين، ولكن يمتد أيضا إلى النزاع القانوني بين الدولتين؛ وسببه الرفض القطرى لتسليم أحد المتهمين الأفغان والذى لاذ باللجوء إلى قطر من أفغانستان بعد أن قتل ثلاثة من الجنود الأستراليين العاملين في القوات الدولية متعددة الجنسيات فى أفغانستان.
وأشار الدكتور أيمن سلامة، أيضًا إلى رفض العديد من النواب الأستراليين، دعوة العشاء الرسمية للسفير القطرى يوم 9 نوفمبر القادم.
الخطوط القطرية
فيما رأى الدكتور محمد عطا الله، خبير القانون الدولى، أن أى انتهاك لحقوق الإنسان يستوجب قيام دولة قطر بمعاقبة مرتكبى هذا الجرم أمام المحاكم القطرية، بما أن المكان الذى حدث فيه انتهاك أرض قطرية، أما إذ تقاعست الحكومة القطرية أو المحاكم القطرية أو حدث تهاون أو لا مبالاة فى القيام بواجبها، أو كان هناك استحالة للقيام بهذا الدور، ينتقل الاختصاص هنا من القضاء الوطني إلى القضاء الدولى.
وأوضح فى تصريحات لـ "اليوم السابع"، أن حكومات تلك الدول الأجنبية تقوم بنقل هذا الاختصاص إلى المحاكم الدولية ويتم تقديم شكاية في الجهات المختصة بالمحاكم الدولية، ربما تكون هذا الشكاية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ويتم الحكم على هؤلاء الأشخاص مرتكبى هذه الجرائم وتسليم أسمائهم إلى الإنتربول الدولى، مشيرًا إلى أن القضاء الدولي هو اختصاص تكميلى وليس أصيل، لأن الاختصاص الأصيل هو المحاكم الوطنية القطرية وعليها أن تقوم بواجبها.
ولفت إلى أنه إذا ما قامت الحكومة القطرية بالاعتذار وتعويض هؤلاء السيدات وقبلت السيدات ودولهم هذا الاعتذار والتعويض، يعتبر الأمر منتهى، فإذا لم تقبل ذلك وطالبت بالتصعيد هذا الأمر إلى قضاء دولى سيتم تصعيده، وليس أمام الحكومة القطرية إلا الانصياع لطلبات هؤلاء السيدات ودولهم.
صحيفة الجارديان تبرز خيارات قانونية أمام الأستراليات
فى السياق ذاته، ووفق صحيفة الجارديان البريطانية، قال نيك كوفمان، المدعي العام السابق بالمحكمة الجنائية الدولية ، إن النتيجة الفورية قد تكون استخدام النساء للقنوات الدبلوماسية والتهديد بالتقاضي للحصول على تعويض مباشرة من حكومة قطر.
وقال كوفمان: "إن حكومة قطر في رأيي ستكون حريصة على تسوية هذا الأمر بسرعة وبطريقة من شأنها تعظيم أوراق اعتمادها في مجال حقوق الإنسان".. قطر حساسة للغاية تجاه الانتقادات الدولية المتعلقة بسجلها في مجال حقوق الإنسان، كما يتضح من محاولتها التعامل مع مزاعم استغلال العمال الأجانب".
وأشار إلى يمكن استخدام أي ضغط دبلوماسي أو إجراء قانوني كوسيلة ضغط لفرض التعويض المناسب، لافتًا إلى أنه يمكن للسيدات رفع دعوى مدنية ضد الخطوط الجوية القطرية من أستراليا، قائلا إن "معظم المحامين ينصحون النساء بعدم متابعة دعاواهم في قطر".
فيما قال ديفيد كينلي، رئيس قسم قانون حقوق الإنسان في جامعة سيدنى، إنه قد يكون من الممكن متابعة دعوى إهمال ضد الخطوط الجوية القطرية.
كما لفت إلى خيار آخر بتقديم شكوى بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة أن قطر صادقت على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في 2018.
ويرى كينلي، أنه يمكن لأستراليا رفع دعوى ضد قطر نيابة عن النساء، لكن ذلك سيمثل حادثة دبلوماسية كبيرة ومن المرجح أن هذا "لن يكون ذو خطورة كافية للبلد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة