"لله قوم أخلصوا فى حبة.. فأحبهم واختارهم خداما".. أنشودة رائعة يحفظها الجميع ويتمنى أن يكون ضمن من أحبهم الله، لكن يتجلى حب الله لعباده في حب الناس لهم واختصاصهم بصفات لا يختص بها غيرهم، فينير الله بصيرتهم وتحل البركة أينما كانوا، فيناشدهم الجميع بالتواجد بينهم لتحل تلك البركات عليهم وعلى من حولهم، وكان لهم نصيب كبير من اسمهم، فهم أصحاب أسماء خالدة.
"الشيخة أمينة".. هكذا يلقبها أهالى قرية الدير التابعة لمركز ومدينة طوخ بالقليوبية، صاحبة الـ 78 عاما، والتى حفظت القرآن الكريم وهى ابنة الـ 8 سنوات، واختتمته بالأحكام والتجويد وهي ابنة 9 سنوات، على الرغم من فقدانها البصر إلا أن الله أنار لها بصيرتها، فكانت خيرا وأحسن فضلا، فأصبحت أحد أعلام القرية والمحبوب الأول من قبل الجميع، وظلت تتابع قراءة القرآن الكريم بصوت شجى حتى هذه اللحظات.
انتقل "اليوم السابع" إلى منزلها للتعرف على قصتها، وسر حفظها للقرآن الكريم في هذه السن الصغيرة على الرغم من إعاقتها التى حولتها إلى دافع كبير لحفظ القرآن الكريم، وسر إنشاء حفيدها لصفحة لها على موقع التواصل الاجتماعى، وكذلك التعرف على سبب تسمية تلك الصفحة بـ "البركة"، والتفاعل الكبير من أبناء القرية والقرى التابعة لها على مشاهدة تسجيلاتها لقراءة القرآن.
في البداية قالت الشيخة أمينة إبراهيم محمد، مواليد عام 1942، ابنة قرية الدير التابعة لمركز ومدينة طوخ بالقليوبية، إنها ولدت لأسرة بسيطة الحال، وكانت فاقدة البصر منذ ولادتها، إلا أن الله أنار لها بصيرتها، ثم بدا والدها فى إرسالها لكتاب القرية، فحفظت القرآن الكريم وهى ابنة الـ 8 سنوات، على يد شيخ الكتاب حينها الشيخ محمد أبو ضوة، والشيخ فرحات النفرى.
وأضافت لـ "اليوم السابع"، "شيخ الكتاب بعد الولاد ما ينصرفوا يبدأ يتابع معايا هو وبنته وأجود وأقرأ القرأن الكريم عليه، وحفظت القرآن بأحكام التجويد والترتيل وأنا بنت 10 سنوات، واستمريت في المتابعة مع شيخ الكتاب، لكن ضيق حال الاسرة حينها منعنى من التعلم أو الالتحاق بالمدرسة، واكتفيت بحفظ القرآن ومتابعة الحفظ حتى لا أنساه، وكان شيخ الكتاب إذا ما أرسل والدى أخى ليعيدنى إلى المنزل كان يرسل معى ابنته لتعيدنى وحفظت القرآن عن ظهر قلب".
وتابعت، أنها تزوجت وهى ابنة الـ 16 عاما، وكان زوجها متزوجا من قبل، إلا أنه أصر على الزواج منها، ودعمها وساعدها في مواصلة حفظ القرآن من شيخ الكتاب، على الرغم من أنه لم يكن حافظا للقرآن كاملا، مشيرة إلى أنها ظلت تحت كنف زوجها طيلة 22 عاما، حتى توفاه الله، موضحة أن الـ 22 عاما مرت كأنها 22 دقيقة، من معاملة زوجها الحسنة والطيبة لها، قائلة "من معاملته الطيبة لى كنت بقوله يا سيدى، وهو سيدى وتاج راسى، عمره ما بخل عنى بحاجة وساعدنى في متابعة القرآن".
وأشارت "الشيخة أمينة"، إلى أنها أصبحت ترتل القرآن بصوتها الشجى وحبها أهل قريتها "الدير"، فكانوا يأتون إليها ويطلبون منها الحضور إلى منازلهم لتلازة القرآن الكريم، لتحل به البركات والنفحات، موضحة "عمرى ما أتأخر على حد طلب منى أقرأ القرآن في بيته، وكنت بخرج في المناسبات لقراءة القرآن في المنازل".
واستطردت، أنها تتابع الآن قراءة القرآن من خلال الاستماع والترديد خلف قراء إذاعة القرآن الكريم، في كافة أوقات التلاوة، مشيرة إلى أنها تعشق سماع أصوات "الشيخ عبد الباسط عبد الصحمد، والشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى، بالإضافة إلى الأصوات الجيدة من أبناء قريتها، منهم القارئ أحمد عوض، والقارئ عبد العاطي ناصر".
وناشدت "الشيخة أمينة"، وزيرة التضامن الاجتماعى الدكتورة نيفين القباج وأهل الخير بأن تختتم حياتهم بزيارة بيت الله الحرام، وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، قائلة "دي أمنية حياتى نفس أحج بيت الله وتبقى دى حسن الخاتمة".
ومن ناحيته قال إكرامى أحمد، 19 عاما، وحفيد الشيخة أمينة، إنه خطر لها فكرة أن ينشئ صفحة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" يقوم من خلالها بنشر فيديوهات لتلاوة جدته للقرآن الكريم، موضحا أنه في البداية وقبل إنشاء الصفحة قام بتصوير فيديو لها أثناء تلاوة القرآن، وقام بنشره على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى، ولاقى هذ الفيديو رواجا كبيرا ودعما من أبناء القرية على مواصلة نشر مثل تلك التلاوات لجدته.
وأضاف "إكرامى" لـ "اليوم السابع"، أنه أنشأ الصفحة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، واطلق عليه اسم "البركة"، تيمنا ببركة جدته التى تحل بالمكان الذى تطأه قدماها، قائلا "هى فعلا بركة في أى مكان تقعد فيه، فعلى الرغم من بساطة الحل إلا أنها في أى مكان تجلس به تجد الخير يملأه ويعم بكل أرجائه، والجميع من اهل القرية يعلم ذلك، والجميع يحبونها حبا كثيرا، وأتمنى تحقيق حلمها بحج بيت الله".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة