مع اقتراب فصل الشتاء تصاعدت المخاوف عبر العالم، وعادت أشباح "كوفيد19" من جديد. وإن كانت المخاوف لم تهدأ طوال الشهور الثمانية الماضية منذ ظهوره في ووهان، وانتشاره من الصين لأوربا. وخلال هذه الفترة لم تتوقف التحليلات والتصريحات، والأوراق العلمية والطبية، حول طبيعة الفيروس وتركيبته، وخطورته، وطريقة العدوى وانتقال الفيروس ، وكيفية علاجه ومواجهته ومصير اللقاحات.
وبعد شهور من بداية إعلان ظهور فيروس كورونا، ما يزال يمثل لغزا من جوانب عدة، وكلما بدا أن العلماء أزالوا الغموض حول الفيروس، ظهرت بعض الأسئلة بلا إجابات، لتضاعف الحيرة! حيث ترتفع أعداد الإصابات فى دول، بينما تبقى فى إطار المتوسط بدول أخرى، بل إن أحد أهم الألغاز حول الفيروس، هو أن الدول التى اتخذت إجراءات إغلاق أشد، واجهت إصابات بنسب أعلى.
مثلا، الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا، «فرنسا، وإسبانيا، وبريطانيا، وإيطاليا» فرضت إغلاقا كاملا، وإجراءات احترازية، فى حين لم تقم السويد بإغلاق الأسواق والمطاعم والمدارس مثل بقية دول أوروبا، وفرضت إجراءات التباعد، ظلت السويد فى آخر قائمة الإصابات، بالطبع شهدت إصابات ووفيات، لكنها ظلت فى الإطار المتوسط، ولم تصل إلى الانتشار الواسع الذى جرى فى أوروبا ارتباطا بحالة من الرعب والخوف التى اجتاحت الدول الأخرى.
وفى كل من أمريكا الشمالية والجنوبية، ارتفعت الإصابات فى الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين، ووصلت فى أمريكا إلى الرئيس دونالد ترامب وزوجته وعدد من مساعديه، ونفس الأمر فى بريطانيا، حيث وصلت إلى ولى العهد ورئيس الوزراء، وفى أمريكا تحول التعامل مع كورونا إلى جزء من لعبة السياسة والانتخابات، وأمسك به الديمقراطيون ليتهموا ترامب بالتهاون فى المواجهة، بينما كانت الدول التى سارعت باتخاذ إجراءات مبكرة شديدة واجهت هى الأخرى أزمات صحية ضربت أنظمتها الصحية.
وفى دول المنطقة العربية والشرق الأوسط، ظلت الإصابات بين ارتفاع وانخفاض، وإن كانت تصاعدت بشدة فى إيران، بينما ظلت بين ارتفاع وانخفاض فى دول الخليج وبعض دول آسيا، فى الهند ارتفعت أيضا أكثر من الصين، وفى المملكة العربية السعودية ظلت الإصابات فى المتوسط، وتم الإعلان عن عودة العمرة بعد توقف لأكثر من 7 شهور، فيما بدا أنه نوع من العودة إلى الأنشطة جزئيا.
وفى مصر ظلت نسبة الإصابات أقل من المتوسط، بالرغم من أن مصر لم تلجأ إلى الإغلاق الكامل، وفرضت إجراءات احترازية تقلل من عدد العاملين، وارتداء الكمامات، واتخذت إجراءات وقائية مبكرا، وشهدت ارتفاعات بعد شهر رمضان، عادت إلى المعدلات المتوسطة. وهناك تفاوت بين المواطنين فى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، هناك من يلتزم بارتداء الكمامة، وهناك من يتجاهلها، وتتصاعد حالات التزاحم فى بعض الأسواق والتجمعات.
لكن بقيت الإصابات فى إطار محتمل، مع استمرار التوصيات الحكومية بضرورة الالتزام بالتباعد وغسيل الأيدى وارتداء الكمامات، وتراوحت الآراء بين ربط اختفائه بالأجواء الحارة، أو الإسراع بالمواجهة، أو التركيبة الجينية للشعوب والأفراد، باعتبارها أحد عناصر انخفاض العدوى.
هناك بالفعل اختلاف فى وجهات النظر وتفسيرات متعددة، ومتضاربة حتى بين العلماء، وحول هذا قال الدكتور مارتن مكارى الأستاذ بجامعة جونز هوبكنز أن هناك بالفعل جوانب غامضة ما تزال حول فيروس كورونا، وقال «مكارى»، وهو من أصل مصرى، لقناة فوكس نيوز الأمريكية: «هناك أشياء لم نفهمها فى كورونا»، وتحدث عن السويد وسياستها التى لم تصل للإغلاق، وقال: «إن اتباع سياسة السويد كان سيصبح كارثيا فى أمريكا، هناك أشياء كثير عرفناها عن الفيروس وأخرى غير منطقية لم نفهمها»، وتساءل: «لماذا لا توجد بمصر إصابات واسعة رغم عدم ارتداء الكمامات بين قطاعات عديدة؟!».
بالطبع فان مصر شهدت إصابات ووفيات ظلت فى إطار متوسط، وبالغ البعض فى الحديث عن إصابات أكثر فى مصر أو شفاء لمصابين من دون علاج أو فى المنازل، ومع كل هذا تظل هناك الكثير من الألغاز والأسئلة تنتظر إجابات.