مقال توفيق الحكيم الذى تحول إلى أغنية شادية «عبرنا الهزيمة».. لماذا طلب السادات من عبد الحليم حافظ عدم ذكر اسمه فى «عاش اللى قال»؟
- شريفة فاضل تصاب بالإغماء فى أغنية «أم البطل» لابنها الشهيد سيد بدير.. وسعاد حسنى تتوسط عند مسؤولى الإذاعة لغناء أغنية أحمد فؤاد نجم «دولا مين ودولا مين»
- يوسف شاهين يتصل فجر7 أكتوبر بوجدى الحكيم لتسجيل أغنية «رايحين رايحين شايلين فى إيدنا سلاح»
مع بشائر النصر فى أول أيام معركة الشرف والفداء فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.. كان الفن فى طليعة الصفوف الأولى خلف جنودنا فى المعركة وردد خلفه الشعب أغانى النصر ليصل صوته الهادر إلى سيناء لرفع الروح المعنوية لجنودنا على جبهات القتال فى أرض الفيروز.. كانت الألحان والكلمات سلاحا آخر فى معركة تحرير الأرض والثأر والكرامة.. وقاد كبار الملحنين، وفى المقدمة منهم بليغ حمدى، كتيبة الفنانين شادية ووردة وحليم ورشدى وشريفة فاضل وعليا التونسية، والمجموعة، للاحتفال بالنصر وحشد الشعب خلف جيشه فى المعركة. حوالى 55 أغنية لانتصارات أكتوبر أكدت أهمية دور الفن فى معركة الوطن والأمة ووثقت لتلك اللحظات المجيدة وكلنا نعرف هذه الأغانى الوطنية التى جاءت من وحى الانتصارات ومازال يرددها، ومعظم هذه الأغانى الوطنية كانت وراءها قصة وحكاية نرصدها هنا للتذكير بتلك الأيام وروائحها العطرة.وعلى جانب آخر من بين هذه الإبداعات الغنائية، أغان نادرا ما تذاع مثل أغنية «أهو كدا ربك عدلها اجعلها رضا».. للفنان الجميل الراحل محمد رشدى ولا أعرف السبب وسمعتها لأول مرة فى احتفال الأوبرا بانتصارات أكتوبر العام الماضى بأداء المطرب المتميز ياسر سليمان وهى من كلمات الشاعر كمال عمار وألحان بليغ حمدى.
بليغ يلحن تكبير المصريين فى الشارع..
«الله أكبر.. بسم الله»
قاد العبقرى المبدع بليغ حمدى مدفعية الفن فى حرب أكتوبر المجيدة بعوده وألحانه فبعد لحظات من سماع بيان القوات المسلحة بالعبور كانت باكورة الأغنيات الوطنية أغنية «بسم الله.. الله أكبر» التى كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور ولحنها بليغ فى مبنى الإذاعة والتليفزيون، وغنتها المجموعة، وكانت أول أغنية أذيعت فى ذلك الوقت.
وللأغنية قصة ذات دلالة على عشق هذا الفنان اللامحدود لمصر، حيث ذهب بليغ على الفور وزوجته فى ذلك الوقت الفنانة وردة الجزائرية لمبنى الإذاعة والتليفزيون ومعه صديقه الشاعر عبد الرحيم منصور ومنعهم الأمن من دخول المبنى نظرا لظروف الحرب إذ لم يكن مسموحا دخول مبنى الإذاعة لغير العاملين فيه، بكى بليغ وصاح «عاوز أدخل» وطلب صديقه الإذاعى الكبير وجدى الحكيم قائلا له «هعملك محضر فى القسم يا وجدى عشان مش عايز تخلينى أدخل أعمل أغنية لبلدى»، وكان بليغ يتكلم بمنتهى الجدية، وعندما علم رئيس الإذاعة وقتها محمد محمود شعبان «بابا شارو» أمر الأمن بالسماح لوردة وبليغ ومعهم الشاعر عبد الرحيم منصور بالدخول، ولكن بعد أن كتب بليغ حمدى تعهدًا على نفسه بتحمل أجور جميع الموسيقيين بسبب وجود ميزانية لتسجيل أغانى النصر وقتها، وتم تسجيل أغنيتى «بسم الله» التى غنتها المجموعة، وقام الثلاثة بتسجيل الأغنية وإذاعتها فجر اليوم التالى.
استلهم بليغ العبقرى، كعادته، أغنية الله أكبر من الناس فى الشارع المصرى الذى انفجر بالتكبير والتهليل بعد لحظات من بيان العبور «الله أكبر.. الله أكبر»، وهى قصة تداولها المقربون منه، حيث استيقظ بليغ حمدى على أصوات وزغاريد تأتى من سكان العمارة ومن البيوت المحيطة به ومن المارة بالشارع، يهتفون «الله أكبر الله أكبر مصر انتصرت.. انتصرنا»، وعرف من الإذاعة نجاح القوات المسلحة فى عبور وتحطيم خط بارليف، وبمجرد أن سمع بليغ البيان الصادر من القوات المسلحة، انطلق مسرعا وفى يده العود وبعض الأوراق إلى مبنى الإذاعة واتصل تليفونيا بالشاعر عبد الرحيم منصور ليلحق به، وفى الطريق كان بليغ يسمع هتافات الناس فى الشارع، وهم يرددون «الله أكبر الله أكبر بسم الله الله أكبر»، الأمر الذى جعله يلتقط هذه الكلمات وبدأ بها مقدمة الأغنية، وقام بتسجيل الأغنية وأخذ المخرج محمد سالم نسخة من الأغنية وانطلق مسرعا ليعرضها بالتليفزيون مع لقطات حية مصورة من عبور قواتنا المسلحة بالزوارق المطاطية لخط بارليف.
عندما كتب توفيق الحكيم.. وغنت شادية
ولحن بليغ «عبرنا الهزيمة»
فى اليوم الثانى لنصر أكتوبر المجيد تصدرت صفحة الأهرام الأولى افتتاحية الأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم بعنوان «عبرنا الهزيمة»..يلتقط بليغ حمدى المقال الذى قرأه بالمصادفة فى اليوم نفسه، يتوقف أمام السطور الأولى لافتتاحية الحكيم التى يقول فيها «لقد عبرنا الهزيمة بعبورنا إلى سيناء ومهما تكن نتيجة المعارك فإن الأهم هى الوثبة والمعنى بأن مصر دائما تحسبها الدنيا قد نامت لكن روحها لا تنام وإذا هجعت قليلا فإن لها هبة ولها زمجرة ثم قيام وقد هبت مصر وزمجرت ليدرك العالم أنها فى لحظات تستطيع أن تصنع المستحيل فلا ينخدع أحد بهدوئها وسكونها وكانت يدها التى بدرت منها حركة اليقظة هى رئيسها الوطنى وجيشها المقدام وسوف تذكر مصر فى تاريخها هذه اللحظة بالشكر والفخر.. معا عبرنا الهزيمة بالروح وشعرنا بأن شيئا بداخلنا قد حدث وها نحن نتنفس هواء الحرية والانطلاق وهذا هو المعنى الحقيقى للانتصار».
ويتفاعل بليغ حمدى بهذه الافتتاحية وإلى جواره صديقه الإذاعى الكبير وجدى الحكيم «إيه رأيك يا وجدى لو عملنا الافتتاحية دى أغنية؟».. يبتسم وجدى ويقول: فكرة ممتازة وأهو عبدالرحيم منصور موجود وفى الحال تتحول الافتتاحية إلى أغنية تكتب فى لحظات ويجلس بليغ وعبدالرحيم، ويتم اللحن ثم اتجهوا إلى مكتب توفيق الحكيم بالأهرام للحصول على موافقته وبالفعل وافق خصوصا بعدما علم أن الأغنية ستكون بصوت الفنانة شادية.
واستمع توفيق الحكيم إلى الأغنية وكان سعيدا باللحن والكلمات وأداء الفنانة شادية كما شاهدها مصورة فى التليفزيون وأحدثت الأغنية نجاحا مدويا وتلقى توفيق الحكيم العديد من التهانى من أصدقائه الكتاب والأدباء والقراء الذين قرأوا افتتاحيته للأهرام.
وتقول كلمات الأغنية:
عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة
وباسمك يا بلادى تشتد العزيمة
باسمك يا بلادى عدينا القنال
باسمك يا حبيبتى مصر يا حبيبتى
أمى يا حبيبتى ح اسمى النضال
وردة و«ع الربابة».. وموقف يوسف شاهين
انهمر سيل الأغانى الوطنية فى أيام 7 و8 أكتوبر مثلما انهمرت قذائف المدافع والطائرات والدبابات فوق رأس العدو الصهيونى وفشل فى منعها أو اختراقها أو إبطال مفعولها مثلما فشل فى رد الجيش المصرى عن انتصاره الساحق.
ففى فجر يوم السابع من أكتوبر وبعد تسجيل أغنية المجموعة «الله أكبر» تم أيضا تسجيل أغنية «على الربابة» التى غنتها الرائعة وردة وكتب كلماتها أيضا الشاعر عبد الرحيم منصور، وتصادف وجود الإعلامى «حمدى الكنيسى»، وكان عائدا من الجبهة مرتديا البدلة العسكرية، فطلب منه وجدى الحكيم أن يرافق وردة» فى التصوير ليعطيها الحماسة ويعطى مصداقية أكثر للأغنية، وغنت وردة:
حلوة بلادى السمرا بلادى الحرة بلادى
وأنا على الربابة بغنى ما املكش غير إنى أغنى
وأقول تعيشى يا مصر
وتقريبا تكرر حوار بليغ حمدى يوم 6 أكتوبر مرة أخرى، حيث فوجئ الإذاعى وجدى الحكيم فى أحد أيام المعركة باتصال هاتفى من المخرج يوسف شاهين فى الساعة الرابعة فجر السابع من أكتوبر، ليخبره بأن لديه الكلمات التى كتبتها الشاعرة نبيلة قنديل بعنوان «رايات النصر» والتى كانت قد أعدت ليضمنها أحدث أفلامه «العصفور» ولكنه يهديها للإذاعة لأن الوطن أغلى من أى فيلم، وذهب إلى الإذاعة وفى رفقته الموسيقار على إسماعيل الذى لحن الأغنية وسجلتها المجموعة أيضا.
وأتذكر أن هذه الأغنية كنا نرددها على أنغام الموسيقى المدرسية فى المرحلة الابتدائية أثناء الانصراف من الطابور إلى الفصول حتى منتصف السبعينات
رايحين رايحين.. شايلين فى إيدنا السلاح
راجعين راجعين.. رافعين رايات النصر
«يا بيوت السويس».. غناها محمد حمام وسط الآلاف من أهالى السويس فى الحرب
هذه الأغنية التى كتبها الخال عبد الرحمن الأبنودى ولحنها المبدع الذى لم ينل حظه إعلاميا إبراهيم رجب كانت، وما زالت، بيانا تاريخيا عن صمود الأبطال من أهل السويس وبسالتهم للدفاع عن المدينة ضد العدو الصهيونى الذى حاول الاستيلاء عليها فى محاولة يائسة لتعويض خسائره الفادحة والمؤلمة فى حرب أكتوبر المجيدة. ودارت معارك طاحنة وشرسة فى 24 و25 أكتوبر 73 انتهت بانسحاب العدو واستسلام أفراده.
عبرت أغنية «يا بيوت السويس» عن موقف وطنى عارم للآلاف من أهالى السويس فى تلك الأيام من العدوان والتدمير الإسرائيلى الذى انتقم لخسائره فى العتاد والأفراد بتدمير المدينة التى فاق دمارها، حسب المراقبين الدوليين، دمار الكثير من المدن الأوروبية أثناء الحرب العالمية الثانية.
وغنى الفنان محمد حمام، العاشق لتراب وطنه، هذه الأغنية بين حشود الناس، ومقيما وسط جنود وضباط الجيش المصرى بعد هزيمة يونيو 1967، وطاف بالجبهة من أجل أن يرفع من همم الجنود وأفراد القوات المسلحة المصرية ليستعيدوا الثقة بأنفسهم خلال سنوات ما سمى بحرب الاستنزاف، ومن أجل تحريك الشارع المصرى من أجل موقف وطنى موحد.
يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى
أستشهد تحتك وتعيشى إنتِ
هيلا هيلا يلا يا بلديا
شمر درعاتك الدنيا أهّيه
وإن ضاع العمر فى سوق المنية
رفاقه هانروح السوق نجيبه
ونعود ونغنى ع السمسمية
ليكى يا مدينتى ياللى صمدتى
يا بيوت السويس.. يا بيوت السويس
شريفة فاضل تغنى لابنها الطيار الشهيد سيد بدير «أم البطل»..
فى منتصف الخمسينيات تزوجت شريفة فاضل من المخرج والممثل السيد بدير، رغم أنه كان يكبرها بـ23 عاما، وأنجبت منه ولدين «سيد، وسامى»، وحققت نجاحات كبيرة، ثم انفصلت عنه.
استشهد ابنها البطل الطيار سيد السيد بدير فى حرب الاستنزاف، فأصيبت شريفة فاضل بصدمة شديدة، استشهد الابن بعد تخرجه وتلقيه تدريبات على الطيران فى روسيا، كان ابنها الكبير وأول فرحتها، وتوقفت عن الغناء بعد هذه الصدمة.
وعن عودتها للغناء بعد هذه الصدمة قالت أم البطل: «فرحت لما انتصرنا فى أكتوبر وطلبت من صديقتى الشاعرة نبيلة قنديل تكتب أغنية عن أم البطل المقاتل، علشان كل أمهات الأبطال اللى استشهدوا واللى انتصروا، ونبيلة قعدت فى غرفة ابنى الشهيد نص ساعة، وخرجت ومعها كلمات أغنية أم البطل، وبكيت وأغمى عليا لما سمعت الكلمات، وبعدها طلبت من الملحن على إسماعيل تلحينها وذهبت إلى الإذاعة لتسجيلها فى اليوم الثالث لحرب أكتوبر فرحب «بابا شارو»، رئيس الإذاعة وقتها، بالأغنية وأمر بدخولى الاستوديو فورا. وسجلتها فى يوم واحد، وكنت دايما بغنيها آخر أغنية فى الحفلات علشان ما بقدرش أغنى بعدها.
تبكى وهى تتذكر هذه اللحظات: «كلمات الأغنية كانت صعبة عليا، واتأثرت وأغمى عليا أكتر من مرة وأنا بغنيها، لدرجة إن فايزة أحمد قالتلى طالما مش قادرة تغنيها بلاش، لكن أصريت».
أصيبت أم البطل بنزيف فى الشرايين أثناء غناء الأغنية فى إحدى الحفلات وتوقفت فترة عن الغناء، ثم عادت من جديد، وبقيت أغنيتها رمزا لعطاء ومشاعر وصدق أمهات جنودنا الأبطال، خصوصا أن كل الأغنيات كانت تتغنى للحرب.
ويقول مطلع الأغنية:
ابنى حبيبى يا نور عينى.. بيضربوا بيك المثل
كل الحبايب بتهنينى .. طبعا ما أنا أم البطل
يا مصر ولدى الحر.. اتربى وشبع من خيرك
اتقوى من عظمة شمسك.. اتعلم على إيد أحرارك
اتسلح بإيمانه واسمك
لماذ طلب السادات من حليم عدم ذكر اسمه فى «عاش اللى قال»؟
مثلما قاد العندليب الأسمر بصوته معارك ثورة يوليو.. لم يتخل عبد الحليم حافظ أيضا عن قيادة المعركة الفنية فى حرب أكتوبر المجيدة وقدم 5 أغنيات وطنية حماسية أغنية «عاش اللى قال» كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدى وقومى يا مصر كلمات عبد الرحيم منصور وألحان بليغ، وسكت الكلام كلمات محسن الخياط وألحان بليغ وصباح الخير يا سينا للأبنودى وبليغ، ولفى البلاد يا صبية لمحسن الخياط محمد الموجى.
لكن ربما تكون أغنية «عاش اللى قال» هى الأشهر من بين أغانى أكتوبر بكلمات استهوت وجدان العرب والمصريين واستوحى كلماتها الشاعر محمد حمزة من مقال للكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل بصحيفة الأهرام أثناء الأيام الأولى للحرب، وأشاد فيها بالرئيس الراحل أنور السادات وبقراره الجرىء والشجاع بالعبور والحرب.
وخلال التجهيز لبروفات الأغنية، علم الرئيس الراحل أنور السادات، أن اسمه سوف يرد فى الأغنية، بحيث يرد الكورال، على عبد الحليم بترديد اسم السادات، بقولهم عاش السادات ردا على المقطع الأول من الغنوة، ولكن السادات رفض ذكر اسمه، وحذفه من الأغنية واتصل بعبد الحليم وقال له: «إذا أردتم ذكر اسمى، فعليكم أن تذكروا أسماء كل رؤساء العرب، الذين ساهموا فى حربنا مع الصهاينة، وساندونا، حتى حققنا المجد والنصر»، فاضطر العندليب، للمثول لرغبة الرئيس الراحل، وتم تسجيل الأغنية دون اسم السادات، لتبقى مخلدة لنصر أكتوبر، وما فعله السادات، حتى لو لم يذكر اسمه.
كما غنى حليم «خلى السلاح صاحى» وهى من أشهر وأقصر أغانى حرب أكتوبر، حتى إن المصريين كانوا يستخدمونها فى لغتهم اليومية كمثال للانتباه، ومن المدهش أن نجد روايات تقول إنها كُتبت أثناء حرب الاستنزاف من قبيل حث الجنود على الاستعداد للثأر، وهى من تلحين كمال الطويل، وكلمات أحمد شفيق كامل وغنى «صباح الخير يا سينا» و«لفى البلاد يا صبية».
وجدى الحكيم قال لنجم: مين قال إنى مش بحبك «فغنت سعاد حسنى دولا مين.. دولا مين»
كل الفنانين تسابقوا للمشاركة بفنهم فى معركة البطولة والمجد، لم يكن المطربون فقط وحدهم بل تقدم أيضا الصفوف كبار الممثلات والممثلين، فعقب اندلاع المعارك بأيام قليلة تذهب الرائعة الجميلة سعاد حسنى إلى الإذاعى وجدى الحكيم، وقالت له: «أنا عايزة أغنى للأبطال» وأسمعته أغنية للجنود فى المعركة والتفاخر والاعتزاز بهم، وقال لها: «وأين الشاعر؟»، وهنا دخل إلى المكتب الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم وقال للحكيم: «أنا أرسلت سعاد حسنى لأننى لو حضرت بنفسى سوف ترفضنى وترفض الكلمات لأنك لا تحبنى يا وجدى»، فرد الإذاعى الكبير ضاحكا: «أنا مابحبكش..!! مين قال كده..لا.. أنا بحب الكل»، وهنا قال نجم: «يبقى أنا اللى فهمت غلط وولاد الحلال فهمونى انك مش بتحبنى».
وبعدها سجلت سعاد حسنى «دولا مين دولا مين»، وأُذيعت لأبطال مصر والأمة العربية، وهى من الأغنيات الجميلة والرقيقة التى تشيد بأبناء مصر، وأدتها الراحلة سعاد حسنى، وكتبها أحمد فؤاد نجم، ولحنها كمال الطويل، ويقول مطلعها:
دولا مين ودولا مين
دولا عساكر مصريين..
دولا مين ودولا مين
دولا ولاد الفلاحين..
أحمد جبريل
بطل المدفعية
يحكى تشجيع القيادات للجنود لاسترداد سيناء.. ويؤكد: حبنا للوطن كان أكبر دافع وحماس لينا
الإسكندرية - أسماء على بدر
الحاج أحمد جبريل، من مواليد 1947، محافظة سوهاج، ولكنه يعيش حاليا فى مدينة الإسكندرية مع أفراد أسرته، قضى 7 سنوات فى الجيش منذ حرب الاستنزاف وحتى حرب أكتوبر وهى أصعب وأفضل سنوات عمره، كما وصفها، لوجود عدد كبير من الأحداث والمحطات المهمة بها من الهزيمة وحتى النصر. يقول الحاج أحمد جبريل: «بعد شهرين من حرب الاستنزاف استطاع الجنود استعادة عزيمتهم وبدأوا فى تدريبات قاسية ليلا ونهارا، لاستعادة قوتهم البدنية، وتم تشكيل 23 فرقة هجومية للتدريب والقتال لوجود ترعة مشابهة للقنال، ووقف معنا الرئيس عبدالناصر بنفسه فى التدريبات وكانت تدريبات قاسية وتعرفنا على كل المعلومات لدى العدو، وبعد عامين كانت تخرج الفرق بالتناوب للقنال بقوة وعزيمة مرتفعة لكل الجنود والضباط».
ويشير أحمد جبريل إلى أنه استمرت التدريبات لسنوات حتى جاءت ساعة النصر، وعلمنا أن الرئيس السادات حدد ساعة الحرب مع العدو قبل ساعة الصفر بساعتين، كانت الساعة الثانية عشرة ظهرا عندما جاء القائد الخاص بالكتيبة يصيح ويردد «يا وحوش جاءت ساعة النصر»، وصاح بعدها الجنود مهللين الله أكبر.
ويضيف أنه يوم 6 أكتوبر قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعمل تمويه للعدو، وفوجئنا بأن عددا كبيرا من المواطنين المدنيين متواجدون للصيد ويمارسون حياتهم بشكل طبيعى، مما كان يوحى لهم بأنه لا يوجد حرب، بالإضافة إلى أنه كان يوم السبت وهو إجازة رسمية لهم ومنهم جنود أصدر لهم قرار إجازات خاصة هذا اليوم لكى يوهم العدو أنه لا توجد حالة حرب.
ويقول أحمد جبريل، إن القائد الخاص بهم أصدر تعليمات بالتقدم، قائلا لو أن 80 % من الكتيبة استشهد سيكون انتصارا لنا و20 % أحياء، وكانت المفاجأة أن الكتيبة بأكملها عبرت القناة دون استشهاد أى فرد من الكتيبة ما عدا حالة إصابة واحدة وكان أكبر انتصار لنا.
وتابع أحمد جبريل: «كان محددا للجيش ساعة واحدة للعبور وخرجت المئات من الطيران المصرى فى السماء وتقدمت فرقة المدفعية وكان من المفترض أن يتقدم المهندسون فى بداية الأمر بسبب وجود ألغام أرضية وأسلاك مكهربة، ولكن خرج الجميع فى وقت واحد وعبروا القناة مهللين ومرددين هتافات النصر وعبر الجيش المصرى فى نصف ساعة فقط قبل المدة المحددة».
وأضاف: استمر الجنود بروح النصر فى القتال لأيام متواصلة وهم يشاهدون جنود العدو يتساقطون، منهم من يموت من وابل النيران ومنهم من يأخذونهم أحياء، موضحا أن الجنود المصريين تشفوا فى العدو بسبب حرب الاستنزاف وكانوا يأخذون أشياء تذكارية من الجنود مثل الزمزمية أو القبعة.
وعن إصابته يقول أحمد جبريل إنه أصيب فى تاريخ 17 أكتوبر من دبابة فى قدمه ويده، وصدر أمر من القائد الخاص به بأن يتوجه للمستشفى للعلاج ولكنه رفض ليستكمل مسيرته فى استرداد أرض سيناء ويقاتل مع زملائه، ولكن صدر قرار وتم نقله إلى أحد المستشفيات الميدانية وتلقى العلاج، مشيرا إلى أنه شاهد الطبيب المعالج الخاص به وكان طبيبا حديث التخرج تظهر عليه علامات التوتر، فوجه له كلمات وطمأنه بأن الجيش المصرى تقدم وانتصر واسترد أرضه كاملة، وهو ما جعل الطبيب يشكره على بطولته وحمّسه على استكمال عمله فى علاج المرضى والجرحى.
ويضيف أنه بعد أن تم الشفاء عاد إلى الكتيبة بعد إصرار منه على استكمال القتال مع زملائه.
أبو زيدان
بطل العمليات الفدائية
دمر جسر سكة حديد فى عمق إسرائيل ومنحه الرئيس عبدالناصر مكافأة مالية وترقية عسكرية
شمال سيناء - محمد حسين
هو واحد من بين الذين وقفوا فى وجه الاحتلال الإسرائيلى، رافضا الاستسلام لواقع اغتصاب أرض سيناء، فكانت وجهته النضال من أجل تحرير تراب الوطن بسلسلة عمليات فدائية كبدت العدو خسائر ومهدت لانتصار أكتوبر المجيد.
البطل «محمد عودة زيدان»، سيرته الفدائية يذكرها بعد وفاته أبنائه، ويلخصها نجله «فتحى» لـ «اليوم السابع» قائلا: «إنها مسيرة حافلة كان يحدثهم والدهم عن جانب منها، وغيرها الكثير لم يذكره لهم وكان قوله دائما إن كل عمله هو لله ثم الوطن، وأن الوطن سيذكر كل دور قام به و رفاقه وقادته».
ويضيف «فتحى» وهو من بين أبناء المناضل أبو زيدان الـ6، أن والده انطلقت فى داخله شرارة العمل الفدائى فى عام 1956، بالانضمام لمجموعة فدائية، تحت إشراف القيادة المصرية، برئاسة «الشهيد اللواء مصطفى حافظ»، كانت مهامهم تنفيذ عمليات من سيناء للعمق المحتل، وسجلت أول عملية قتالية فدائية له ولمجموعة فدائيين معه عام 1956 فى منطقة «بئر السبع»، لتدمير جسر سكة حديد من مدخلين ، وتدمير خزان مياه، وفى هذه العملية أصيب بالوجه والعين إصابة بالغة.
وتابع نجل البطل أبو زيدان،«أن خط سير العملية قادهم للخروج لمنفذ آمن عبر الأراضى الأردنية، وحال وصوله مع مجموعته لأحد المعسكرات الحدودية بالأراضى الأردنية وضح لهم أن ما يحمله سلاح مصرى لن يتنازل عنه فكان تقديرهم له وتركه بسلاحه، واستكمل مسار العملية بنقلهم للأراضى المصرية، وكان الاحتفاء به ورفاقه ومنح مكافأة مالية له من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان ذلك فى مارس 1956.
وأضاف أن من بين ما رواه لهم والده، أنه فى عام 1956 قام بمأمورية الغرض منها تدمير دبابات ومنشآت العدو فى منطقة (الدنقور) برفح ، وتم تدمير ثلاث دبابات في منطقة الدنقور متجهة إلى «نجع شبانة» ، وتلغيم طريق إمداد العدو، والانسحاب من المنطقة بنجاح.
وأثناء حرب الاستنزاف 1967، طلب منه تشكيل ثلاث مجموعات لقطع طريق القنطرة العريش على مركبات العدو فى منطقة رمانة، ونفذ العملية بتدمير ناقلات جند ودبابة وتمت العملية بنجاح، ثم كلف بمأمورية قتالية فى عمق صحراء سيناء، ونفذها مشيا على الأقدام ليلا متخفيا نهارا، وتم تتبعه من الجيش الإسرائيلى وأغلقوا المكان الذى كان يختبئ فيه، وحفر حفرة فى الأرض، وقال للرجل من أهل المكان المكلف بإيوائه، «ضع الحطب على فوهة الحفرة واترك الماعز ترعى حولى»، وسلم بأمر الله، ولم يبال بتحركاتهم حوله بحثا عنه، حيث كان مطلوبا لديهم حيا أو ميتا حتى انصرفوا، ونجح فى الوصول لهدفه وتنفيذ العملية بتفجير سكة حديد وقتل أفراد نقطة للعدو، وكان هذا فى عام ١٩٦٧، وبعدها فى عام ١٩٦٩، قام بعملية ضرب معسكر (سدر) بالسويس، بأكثر من ٣٠ صاروخ كاتيوشا وتمت تسويته بالأرض وعاد بنجاح لمقر القيادة، وأشار نجله إلى أن والده نفذ عمليات أخرى يتجاوز عددها 30 عملية سرية، ولا يزال من تبقوا على قيد الحياة، هم أصدقاء لأسرته يذكرونه بفخر.
بسيونى بندق
صائد الدبابات
دمر 19دبابة.. وكرمه السادات و مبارك بنوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى
الغربية – عادل ضرة - مصطفى عادل
فى ذكرى نصر أكتوبر العظيم، عام 1973 ، يجلس بسيونى بندق أحد ابطال نصر اكتوبر العظيم، بين ابنائه وأحفاده وأقاربه ليستعيد ذكريات الملحمة الكبرى والتى كُتبت فى سجلات التاريخ بحروف من نور. لُقب بسيونى بندق بصائد الدبابات فى حرب اكتوبر بعدما استطاع أن يدمر 19دبابة بشكل كامل، وحرص المشير أحمد إسماعيل على مقابلته بعد ما سمع عن بطولاته، وتم تكريمه من جانب الرئيس الراحل انور السادات، وأعقبه تكريم آخر من الرئيس محمد حسنى مبارك. ويقول بسيونى بندق ابن قرية آلابشيط مركز المحلة بمحافظة الغربية، أنه تم تجنيده بالقوات المسلحة عام 1965 بالجيش الثالث الميدانى، وكان رامى دبابة، وشارك فى حرب 67 ، وكانت نكسة 76 صعبة على الجميع وظروف صعبة عاشتها مصر، وتعرضت دبابته وقتها للضرب وعاد من سيناء سيرا على الأقدام.
ويضيف أن حرب أكتوبر 73 كانت لحظة فارقة فى حياة المصريين وانقلبت فيها الموازين رأسا على عقب، وحققنا المعجزات بالنصر الكبير على العدو الصهيونى، مشيرا إلى أن ابطال القوات المسلحة، حققوا انتصارا مُسطر بحروف من نور فى سجلات التاريخ، وكنا وقتها نتمتع بروح قتالية عاليه وفدائية لاستعادة تراب الوطن الغالى من ايدى العدو.
ويشير إلى أنه كان رامى دبابة بالجيش الثالث الميدانى قيادة الفريق عبد المنعم، مؤكدا أن روحهم المعنوية وقت الحرب تشبه الفرح، وكنا متحمسين بشدة لخوض الحرب والقضاء على العدو المحتل واستعادة الأرض. وتابع أنه كان من ضمن القوات المتمركزة بالدفرسوار، وبعد حدوث الثغرة فى 19اكتوبر فاجأنا قوات الاحتلال والتى كانت وقتها بقيادة «شارون» ولقناهم درسا قاسيا لن ينسوه، مشيرا أنه سبق وأعد تجهيزا هندسيا محكما للدبابة التى كان عليها.
ويؤكد بسيونى أن شدة الذخيرة الموجودة بدبابته ، مؤكدا أن كل طلقة كان يطلقها تصطاد دبابة، مشيرا أن طلقة الدبابة عندما تخرج تحدث جحيما هائلا فى الهدف واستطاع بفضل الله تعالى وبفضل التدريب العالى والروح المعنوية المرتفعة فى تدمير 19دبابة كاملة.
وأضاف أن ما حققه من نتائج مذهله كان بمثابة عيد بالنسبة له، ولقبه قائد الكتيبة وقاده الجيش بصائد الدبابات، مشيرا أنه بعد انتهاء المعركة حضر إليهم المشير احمد اسماعيل، والفريق سعد الشاذلى، وتم ارسال فرق الاستطلاع، وأكدت أن هناك 19دبابة M60 تم تدميرها بالكامل من بينها 3 دبابات ما زالت مواتيرها تعمل، مؤكدا أن ما تحقق معجزة لن تنسى.
وأوضح أنه بعد المعركة أصدر وزير الدفاع قرارا بسحب الدبابة منه ومنحه دبابه اخرى من لواء 100 دبابة قادم من الجزائر وتجهيزها بذخيرة الحشوة الجوفاء وهى ذخيرة قاتلة.
وأكد أنه بعد قرار وقف إطلاق النار اعطى قائد الكتيبة اسمه لوزارة الدفاع، وتم إبلاغه لمقابلة الرئيس الراحل انور السادات بمجلس الشعب، وكرمه ومنحه نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى. وأوضح أن الرئيس محمد حسنى مبارك كرمه أيضا وجدد الشهادة المقدمه له باسمه، تكريما له على ما قدمه من بطولة وملحمة قتالية فى الحرب.
وأكد أنه يشعر بالفخر والسعادة عندما يحكى لأولاده الـ6 وأحفاده عن بطولات القوات المسلحة فى حرب اكتوبر وما حققه الأبطال من انتصار عظيم على العدو، مؤكدا أن الله كان معنا والنصر كان حليفنا.
محمد سالم
بطل الشرقية
أسرة شهيد الواجب بفاقوس: نحتسبه
عند الله من الشهداء
الشرقية - حمدى عبد العظيم
قال حسن سالم والد الشهيد محمد 22 سنة، من قرية دوامة التابعة للوحدة المحلية باكياد البحرية مركز فاقوس، محافظة الشرقية، إن استشهاد نجله جاء ليقصم ظهره لأنه الابن الأكبر له، وكان سنده فى الحياة وكان بارا به وبوالدته داعيا له أن يكون بالفردوس الأعلى بالجنة ونحتسبه شهيدا عند الله.
ويضيف وهو يذرف الدموع أن الشهيد حاصل على دبلوم صنايع دفعة 2013 والتحق بالقوات المسلحة فى شهر يونيو 2016، وكان من المفترض أن تبدأ إجازته قبل يومين من استشهاده، لافتا إلى أنه رغم قسوة الفراق إلا أنه شامخ الرأس باستشهاد نجله الحبيب جدا لقلبه على يد الجماعات الإرهابية التى لا تفرق بين الحق والباطل.
وزاد بكاؤه قائلا إنه كان قد أنهى تجهيز شقة الشهيد وشطبها لإتمام زواجه وأن الشهيد قام بتفصيل بدلة لكى يذهب بها لإحدى الفتيات لخطبتها وكان ناوى يتزوج بسرعة لكن للأسف تأتى الرياح بما لا تشتهيه السفن.
وأضاف أن نجله الشهيد آخر إجازة نزلها للقرية كانت قبل حوالى شهر تقريبا من استشهاده، وكان على غير العادة وزار جميع أقاربنا ومعارفنا وحتى أصدقائه بالقرية والقرى المجاورة وكأنه يودعهم ويودع الحياة وعندما سلم عليا عند سفره الأخير ظل يحتضننى ويضمنى إليه وكأنه يعلم أنه لن يرانى مرة أخرى، وتجمع أصدقاؤه عند سفره وهو يقول لهم سامحونى لو زعلت أحد منكم ودائما اذكرونى بالخير وأوصانى على والدته وأشقائه وغادر تاركا لنا إحساسا غريبا لم نشعر به من قبل.
وقالت فاطمة عوض الله عبد العزيز صالح والدة الشهيد، إن الشهيد قال لها بالحرف أثناء توديعه فى إجازته الأخيرة «انتى أم الشهيد»، وقبّلها على رأسها وقال يا أحلى أم خلى قلبك جامد لأن أجمل حاجة هيا أن يدافع الإنسان عن وطنه وترابه الغالى وعايزك ترفعى راسك لأنك أم الشهيد.
صبرى عطية
بطل بذاكرة فولاذية
حكاية المجند الذى أسقط طائرة قاتل شهداء بحر البقر
الشرقية - إيمان مهنى
بذاكرة فولاذية..الجندى المقاتل صبرى عطية أحد أبطال حرب أكتوبرالذى تخطى السبعين من العمر، يروى لـ «اليوم السابع» تاريخه منذ تجنيده فى عام 1971، ومهارته التى لمسها قادة الجيش، الذين اعتمدوا عليه فى الاستطلاع وعبور قناة السويس حاملا الأسلحة والذخيرة بدون البدلة المخصصة للإنقاذ، وعليه تم ترشيحه لقيادة سرية دوريات طويلة المدى بين مصر والسودان وكانت الدورية الأولى منطلقة من الجيش الثانى الميدانى ليطلقوا عليه ثعلب الصحراء.
عن يوم الحرب المجيدة، أكد أنه وصل يوم 6 أكتوبر إلى خط بارليف وتم السيطرة على الجزء المخطط وفى 7 أكتوبر اندفع مع مجموعته خلف خطوط القوات الإسرائيلية وأسر واحدة كما تمكن ورفاقه من صد الهجوم المضاد الذى قامت به القوات الإسرائيلية، وتمكنت قواتنا من أسر و تدمير عدد من الدبابات بينهم دبابة قائد السرب وهو الجنرال الإسرائيلى شاورن، مؤكدا أن الدبابة كان بها صندوقان من الخشب من الذخيرة، والذين تعامل بهم فى المعركة وسلم الدبابة التى ما زالت موجودة فى بانوراما أكتوبر.
وفى 8 أكتوبرأسقط هو وزملاؤه طائرتين إسرائيليتين من طراز إسكاى هوك لقائد السرب ومساعده، مؤكدا أن قادته بعدها أخبروه أن هذا الطيار هو من قام بضرب مدرسة بحر البقر الابتدائية فى معارك الاستنزاف، فقال والدموع تلمع فى عينه «شعرت بفخر شديد أننى جبت تار كل طفل استشهد غدر فى هذا القذف الوحشى»، لافتا إلى أنه سلم الخوذة الخاصة بالطيار وقنابل أخرى للقادة الذين وضعوها فى بانوراما أكتوبر.
وبسؤال المقاتل بعد 47 عاما من الحرب، ماذا تقول للشباب، ليرد بقوله «حافظوا على بلدكم، مصر غالية، جيل ضحى بدمه فدا تراب هذا البلد، وتحملنا الكثير فى الستينات متاعب اقتصادية، وتحملنا من أجل بناء بلدنا»، مؤكدا أن مصر تسير على خطى التقدم بس نصبر فلقد قطعنا مرحلة كبيرة فى البناء.
عبدالرحمن صادق
أحد أبطال نقطة كبريت
أسرنا شارون وجنديين معه بعد إصابة سيارته قبل محاولته الهرب
المنيا - حسن عبد الغفار
كلما تأتى ذكرى انتصارات أكتوبر يسترجع فيها القادة والجنود ملحمة الفداء والانتصار التى سطرها أبناء مصر، لتظل على مر التاريخ ذكرى خالدة يتناقلها الأجيال، من بين هؤلاء المجند عبد الرحمن صادق عبد الغنى حسن، والذى يبلغ من العمر 71 عاما، وهو واحد من أبطال الصاعقة الذين أسروا شارون وطهروا النقطة القوية على خط بارليف وهى نقطة كبريت.
ويقول عبد الرحمن لقد دخلت القوات المسلحة فى عام 1970 والتحقت بالصاعقة، كنت متدربا فى منطقة الحمامات كنا نتدرب على العبور ولكن لم نكن نعرف أن هذا التدريب خاص بالعبور وفى أحد الأيام أخذونا من الإسكندرية إلى الكيلو 65 وبقينا هناك أسبوع تدريب متواصل، وفى نهاية الأسبوع أخبرونا أننا سنعود إلى الإسكندرية موقع التدريب، ولكن لم نكن نعلم أننا فى طريقنا إلى السويس وأننا فى طريقنا إلى الاشتباكات والحرب. وأضاف عند وصولنا هناك كان الطيران المصرى طلع أول طلعة وضرب فى إسرائيل ساعتها لم نشعر إلا ونحن نقول الله أكبر.
وتابع قائلا «دخلنا مياه القنال قبل مد الكبارى وكانت مهمتنا تطهير النقاط لتقدم الجيش من خلفنا، وكنا نقوم بهجماتنا بالليل فى الضوء الأول ندخل الممرات ونسير من 10 إلى 12 كيلو على الأقدام ونؤدى مهامنا ثم نعود إلى الموقع من جديد بعد تطهير نقطة الهدف».
وأشار إلى أن الجنود الإسرائيليين كانوا يخافون من السير على الأقدام ودورياتهم كانت بالسيارات، وفى أحد الأيام جاءت إشارة إلينا أن نقوم بتطهير النقطة القوية أو نقطة كبريت على خط بارليف وهى كانت آخر نقطة متبقية بعد تطهير ما يقرب من 30 نقطة وبمجرد وصولنا إلى كبريت فوجئنا بالجنود الإسرائيليين يلقون بأنفسهم فى المياه وآخرون يستسلمون حتى تمكنا من السيطرة على النقطة وهى النقطة القوية وتمكنا من أسر 35 جنديا إسرائيليا بمعداتهم.
وعن أسر شارون قال عبد الرحمن، كنا 4 مجندين من السرية بقيادة المقدم الشهيد العقيد إبراهيم عبد التواب، زملاؤنا كانوا يقومون بعملهم ونحن فى الموقع فوجئنا بقوة عسكرية تتقدمهم سيارة جيب قمنا على الفور بإطلاق النار تجاههم ووصلنا للسيارة الأمامية واشتعلت فيها النيران، وخرج منها 3 بينهم شارون توجهنا إليهم وأسرناهم وكان الأسرى مع شارون يبكون مثل الأطفال.
وأشار إلى أنه بعد أسرهم تم تسليمهم لقائد الكتيبة، وأكد أن شارون لم ينطق بحرف واحد طوال مدة أسره بيننا حتى تسليمه.
وأضاف أن أيام معركة أكتوبر كانت بالنسبة للجنود المصريين كلها انتصار من يومها الأول حتى آخر يوم فيها.
واستكمل قائلا «لقد أصبت فى رأسى بتهتك فى خلايا المخ وكسر فى الجمجمة، وتم نقلى إلى مستشفى المعادى لتلقى العلاج». وأوضح «لقد استشهد أحد زملائى بجوارى بعد أن طلب منى كوب ماء حتى يشرب ثم فارق الحياة وكانت من أصعب اللحظات فى حياتى».
وتابع أنه فى إحدى العمليات شاهدنا العدو ونحن فى طريقنا لتنفيذ عملية بالممرات وعند تواصلنا مع القيادة قالوا لنا أنتم أبطال نفذوا مأموريتكم وارجعوا سالمين، مؤكدا «الجيش المصرى رجال أبطال فى وقت الحرب نسور تحلق بعيدا يرهبون العدو».