لا شك أن مصر والولايات المتحدة تجمعهما شراكة إستراتيجية بدأت منذ سبعينات القرن الماضى، فواشنطن ترى مصر أحد أهم القوى فى منطقة الشرق الأوسط الصاخبة، بينما تعاملت القاهرة مع الولايات المتحدة بواقع أنها القوة الأهم فى العالم، فقد كانت هكذا طوال العقود الماضية ولا تزال برغم المنافسة القوية من الصين وروسيا. وصحيح أن العلاقات بين الطرفين شهدت بعض المطبات مثلما هو الحال فى أغلب العلاقات الدولية إلا أنها ظلت راسخة وقائمة على ركائز ثابتة لم تتغير بتغير الإدارة المتعاقبة فى واشنطن.
وشهدت العلاقات المصرية الأمريكية تعاونا فى مختلف المجالات سواء السياسية أو العسكرية والاقتصادية ، وأنشأت الدولتان إطارا من أجل الحفاظ على استمرارية هذه العلاقة من خلال الحوار الأستراتيجى لتحقيق التفاهم بين الجانبين بغض النظر عن التفاصيل اليومية لإدارة العلاقات المصرية الأمريكية. وبدأ الحوار الإستراتيجى منذ عام 1988 بجلسة فى القاهرة ثم جلسة فى واشنطن عام 1989 وشمل القضايا السياسية الدولية والإقليمية على مستوى الخبراء، وبعد توقفه بسبب لسنوات، عاد مرة أخرى على 1998 و1999.
وبعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، وانتشار موجات الإرهاب حول العالم وانعكاساتها ، ألقى هذا بظلاله على العلاقات الثنائية، وتدريجيا صاغت الولايات المتحدة ومصر ثلاثة أهداف كبرى للتعاون بينهما، تتمل فى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميى، ومكافحة الإرهاب، والإصلاح الاقتصادى. وظلت هذه المنظومة قائمة طوال سنوات حكم مبارك الثلاثين، لكن قضية مكافحة الإرهاب أصبحت الأبرز فى العلاقات بين البلدين مع تزايد نشاط المنظمات الإرهابية ودورها التخريبى فى دول المنطقة وشنها هجمات على الدول الغربية.
كما كان التعاون العسكرى بين القاهرة وواشنطن جزءا أساسيا فى العلاقات المشتركة، تبلور فى المناورات العسكرية المعروفة باسم النجم الساطع التى بدأت منذ عام 1994، وشاركت فيها قوات عسكرية من الجانبين، وتم خلالها التدريب على العمليات الهجومية والدفاعية وتدريب القوات الأمريكية على العمليات القتالية فى الظروف الصحراوية فى الشرق الأوسط. كما ظلت الولايت المتحدة المصدر الوحيد تقريبا لسلاح الجيش المصرى، حتى تغير الأمر مع سياسة التوسع التى تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسى والتى اعتمدت على تنويع مصادر السلاح التى تعتمد عليها مصر بشراء أسلحة من دول أخرى مثل فرنسا وروسيا، بل والبدء فى التصنيع المحلى.
وعلى الجانب الاقتصادى، فإن اتفاق منطقة التجارة الحرة يعد أبرز التعاون بين البلدين، والذى شمل تحويل اتفاق الشركة مع الولايات المتحدة الذى وقعه نائب الرئيس الأمريكى أل جور عام 1994 لتحقيق النمو الاقتصادى والتنمية، إلى اتفاق منطقة تجارة حرة من شانه نفاذ جميع الصادرات المصرية إلى اسواق جديدة بالولايات المتحدة بدون جمارك.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن كان يتولى منصب نائب الرئيس الأمريكى فى فترة التحولات الصعبة التى شهدتها مصر منذ عام 2011، والتى تبنت فيها إدارة أوباما مواقف داعمة لحكم الإخوان، حتى بعد الرفض الشعبى لهم، إلا أن التوقعات تشير إلى أن بايدن سيتبنى سياسة أكثر براجماتية مع القاهرة تحكمها بالأساس مصالح الطرفين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة