أصدرت محكمة النقض، حكماَ قضائياَ يهم ملايين المتقاضين، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن الالتزام بالأوراق والمستندات المقدمة للمحكمة، قالت فيه: "لا يجوز لمحكمة الموضوع تحريف اقرار الخصم الوارد في مذكرات دفاعه، واستخلاص الصفة الصحيحة للخصم واجب على محكمة الموضوع دون غيرها".
المحكمة في حيثيات الطعن المقيد برقم 6903 لسنة 88 قضائية، قالت إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تبطل الحكم هي كما تكون بتحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا ببعض المستندات والأوراق بما يوصف بأنه مسلك إيجابي منها تقضي فيه على خلاف هذه البيانات، فإن مخالفة الثابت في الأوراق قد تأتي كذلك من موقف سلبي من المحكمة بتجاهلها هذه المستندات والأوراق وما هو ثابت فيها.
لا يجوز لمحكمة الموضوع تحريف اقرار الخصم الوارد في مذكرات دفاعه
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أن الطاعنة لم تقدم على وجه رسمي سند ملكيتها لقطعة الأرض المزعوم إقامة الشركة المطعون ضدها الأولى لفرع عليها، وأن العقد المقدم منها يفيد ملكيتها لمساحة أرض بمنطقة المراشدة محافظة قنا، وأن الفرع قد يكون مقاما عليها أو على غيرها بذات المنطقة.
في حين أن الثابت في الأوراق ومن محضر اجتماع الجمعية العامة غير العادية للشركة المطعون ضدها الأولى المؤرخ 15 نوفمبر 2016 - سند افتتاح الفرع محل التداعي - أن هذا الفرع يقع بأرض الشركة الطاعنة البيفوتات من 10 إلى 14 قرية المراشدة محافظة قنا، وأن المطعون ضدها الأولى قدمت للمطعون ضدها الثانية - الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة - هذا المحضر مقترنا بصورة من عقد البيع المثبت لملكية الشركة الطاعنة لهذه الأرض، وذلك كسند للتصديق عليه وافتتاح الفرع من الهيئة سالفة الذكر، وهو ذات ما أقرت به في الطلب المقدم منها للمطعون ضده الثالث بصفته لقيد هذا الفرع بالسجل التجاري، وهو ما ثبت أيضا من المستخرج الرسمي للسجل التجاري بعد قيد الفرع بالفعل للشركة المطعون ضدها الأولى برقم "..." الفقرة بـ3 بتاريخ 18 ديسمبر 2016 بسجل الشركة العام بالسجل التجاري مكتب استثمار القاهرة رقم "..." ثم برقم "..." بتاريخ 27 ديسمبر 2016 سجل تجاري أسيوط.
استخلاص الصفة الصحيحة للخصم واجب على محكمة الموضوع دون غيرها
ويبين من السرد المتقدم أن كل هذه المستندات تنبئ بذاتها أن الأرض المقام عليها الفرع بموجب قرار الجمعية العامة غير العادية للشركة المطعون ضدها الأولى، إنما تقع في أرض الشركة الطاعنة، بل إن الأولى قد أقرت في أوراق الدعوى والمذكرات المقدمة منها أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية ومنها المذكرة المؤرخة 29 يناير 2018 أن هذا الفرع يقع بأرض الشركة الطاعنة.
ومن جانب آخر - فقد خلت الأوراق من موافقة أو تصريح صادر من الأخيرة للمطعون ضدها الأولى بافتتاح فرع لها، وأن العلاقة بينهما لا تتعدى عقد مزارعة لم يرد فيه أي ذكر لموافقة على إقامة الفرع رغم تضمنه للعديد من الالتزامات المتبادلة بين الطرفين، وإذ بنى الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم قبول الدعوي لرفعها من غير ذي صفة على فرض ظني غير يقيني مؤداه أن الفرع قد يكون مقاما على أرض الطاعنة أو غيرها بذات المنطقة متجاهلا المستندات سالفة البيان والتي كانت تحت بصره لدى نظر النزاع والمثبتة لصفة الطاعنة في رفع الدعوى بطلب البطلان، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق بما حجبه عن بحث موضوع الطلب الرئيسي في الدعوى وشروطه وباقي الطلبات المترتبة عليه، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.