مؤامرات ممتدة، وأجندة طويلة الأمد، تنبتها جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولي بهدف التسلل ليس فقط لدول وبلدان العالم العربي، وإنما التغلغل في مكونات المجتمعات الغربية لخلق رأي عام داعم لتوجهاتها المتطرفة وأفكارها الهدامة، وهو ما كشفه العديد من المحللين الغربيين ومن بينهم الكاتب الفرنسي ذو الأصول السورية ماجد نعمة، في كتابه "فتح الغرب.. المشروع السري للإرهابيين".
التحرك الإخواني الذي يعود إلى عقود مضت وحظي خلال السنوات الأخيرة بتمويل ودعم من قطر وتركيا، كان يهدف بحسب محللين وكتاب غربيين إلى تجنيد الشباب تارة، والقيام بدور وسيط في تنفيذ عمليات إرهابية تارة آخري، بحسب وهو ما أكده كتاب "فتح الغرب"، والذي ولي اهتماما خاصة بملف الإرهاب داخل فرنسا، محاولا الوصول إلى الجذور الأولي لتلك الآفة التي مولتها إمارة قطر وتركيا عبر بوابة الأئمة المبتعثين تارة والجمعيات الخيرية والمنظمات التي تخدم ـ ظاهريا ـ أبناء العرب والأقليات المسلمة في أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص.
طريق مثلث الشر (قطر ـ تركيا ـ الإخوان) لغزو القارة العجوز، كشفت ملامحه مستندات تم العثور عليها في منزل يوسف ندا، منسق العلاقات الخارجية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، خلال مداهمة من قبل السلطات السويسرية لمنزله قبل سنوات، بحسب ما كشفه كتاب "نعمة" الذي تمت طباعة نسخته الأولي عام 2005.
وتضمنت المستندات التي تم ضبطها في منزل ندا، استراتيجية الجماعة الإرهابية في أوروبا والتي تهدف في الأساس لدعم وتمويل الحركات المسلحة وجماعات العنف من الباطن.
وسرد الكاتب والمحلل الفرنسي في كتابه التاريخ الأسود للإخوان، كاشفا أن أذرع تنظيم الإخوان نشأت على أنقاض دول العالم، ونمت عبر الاضطرابات المتتالية في مختلف الدول وعلى امتداد العصور المختلفة، حتي وجدت في النهاية غايتها في التمويل التركي ـ القطري الذي رأي في التنظيم الدولي للإخوان، غايته لنشر بذور الفتن والمؤامرات وتحقيق الأهداف الخاصة لنظامي الحكم في الدوحة وأنقرة.
وأشار "نعمة" في كتابه إلى أن قطر وتركيا قدما ـ ولا يزالا ـ تمويلات مفتوحة لجمعيات ومنظمات داخل الدول الأوروبية ظاهرها إسلامي يقدم خدماته لأبناء ذوو الأصول العربية والمسلمين في الدول الأوروبية إلا أنها تمارس نشاطا سرياً يهدف لتجنيد واستقطاب الشباب لاستغلالهم في أعمال عنف وإرهاب.
ومثل غيرها من الدول الأوروبية، كانت فرنسا هدفاً للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية وداعميها قطر وتركيا، تحديداً منذ عهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، حيث حذر حينها العديد من الساسة الفرنسيين من أن العلاقات الفرنسية ـ القطرية لن تجني من وراءها باريس إلا المشكلات.
كتاب المفكر الفرنسي، والذي سلط الضوء على كيفية تسلل مثلث الشر (الإخوان ـ قطر ـ تركيا) لمجتمعات الغرب، لم يكن الأخير، ففي تقرير نشرته وسائل إعلام فرنسية عام 2013 ، حذر جاك ماري بورجيه ونيكولاس بو، من دور قطر على وجه التحديد في تلك المؤامرة.
وقال التقرير الذي حمل عنوان "الشير الصغير.. قطر ذلك الصديق لذي يريد لنا السوء"، إن الدوحة تحاول أن تتسلل عبر القوة الناعمة إلى قلب باريس، عبر الجمعيات الخيرية والمنظمات التي تهدف إلى خدمة أبناء الأقليات العربية والمسلمة.
سلسلة التحذيرات من "مثلث الشر"، لم تقف عن هذا الحد، حيث كشفت سلسلة التحقيقات التي أجراها كريستيان تشيسنو وجورج مالبرونو، والتي تم تجميعها في كتاب "أوراق قطر.. كيف تمول الإمارة الإسلام المتطرف في فرنسا وأوروبا"، الدور المشبوه الذي تنفذه الإمارة في فرنسا ودول الغرب لتمكين العناصر المتطرفة لجماعة الإخوان الإرهابية وتمويلها للقيام بأعمال عنف وإرهاب.
ومنذ عام 2017، وبعدما تم انتخاب الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون رئيساً للبلاد، كان ملف الإسلام في فرنسا مطروحاً بقوة، حيث حاول النظام الفرنسي الجديد فصل الإسلام عن الفكر المتطرف عبر طرق عدة من خلال استحداث منصب "إمام فرنسا الأول"، ليكون ممثلاً للدين الإسلامي الصحيح البعيد عن الفكر المتطرف، خاصة بعدما اكتوت فرنسا بالعديد من الأعمال الإرهابية في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند.
وأمام عودة الإرهاب مجدداً في فرنسا وتعرضها لعمليتي ذبح وطعن ، وسعت الحكومة الفرنسية دائرة المواجهة لتبدأ حملة اعتقالات وملاحقات لجمعيات وتنظيمات تمولها قطر وتركيا تتولي تجنيد واستقطاب الشباب للقيام بأعمال إرهابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة