من المعروف من الناحية القانونية أن "الشرط" هو الوصف الذي يلحق بالتصرف القانوني ويتوقف على تحققه الالتزام، ولا يكون داخلا في العقد، ولا عنصرا من عناصره، فإذا لم يتحقق الشرط، انتفى الالتزام تبعا له، ويسمى في هذه الحالة بالشرط الواقف، وقد يتوقف على تحققه زوال الالتزام، ويسمى في هذه الحالة بالشرط الفاسخ.
وهناك العديد من الإشكالات التي تقع في سوق العقارات بصفة خاصة وفى سوق البيع والشراء بصفة عامة تتعلق بالشرط في العقد حيث في كثير من الأحيان يأتي الموكل أو الشخص المتضرر وبرفقته عقد البيع أو عقد الايجار ويطلب فسخ العقد – على سبيل المثال لا الحصر - مشتري يرغب في استرداد أمواله، أو مالك شقة يسعى لطرد المستأجر، وفى مثل هذه الحالات يثور التساؤل حول كيفية تحقيق هذا الهدف.
هل من حق المؤجر أو المستأجر فسخ العقد لاسترداد الأموال؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في منتهى الأهمية بشأن مسألة "الشرط" في القانون المدنى والفرق بين الشرط الفاسخ العادى والشرط الفاسخ الصريح فى الوقت الذي يكون فيه معلقا على شرط فاسخ إذا ترتب عن حدوث أمر مستقبل غير محقق الوقوع زوال الالتزامات الناشئة عنه –بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد الشهير.
في البداية – يجب أن نؤكد أن هناك فرضين للإجابة على تلك الإشكالية يتمثل الفرض الأول: أن العقد محل الخلاف لا يتضمن بنداَ فاسخاَ، أما الفرض الثاني: أن العقد يتضمن شرط فاسخ صريح، وهنا يتم تفنيد الإشكالية كالتالي - وفقا لـ"الشهير":
الفرض الأول: أن العقد محل الخلاف لا يتضمن بند فاسخ
في هذه الحالة، على المتضرر أن يقوم بإرسال إنذار على يد محضر، يذكر فيه سبب طلبه لفسخ العقد "مثلاً: عدم تسليم الشقة للمشتري، أو تأجير المستأجر للشقة من الباطن"، وبعد ذلك يقوم برفع دعوى الفسخ مع الأخذ في الاعتبار ملحوظتين:
1-أي عقد يتضمن التزامات متبادلة "بيع، ايجار، عمل، وكالة بأجر، مقاولة.. إلخ" يكون متضمن "لشرط فاسخ ضمني"، يعني حتى لو مفيش شرط مكتوب، المحكمة تتعامل مع العقد "كأنه متضمن الشرط ده".
2-إذا نفذ المدعى عليه التزامه قبل صدور حكم في الدعوى "مثلاً: تسليم الشقة، أو دفع الأجرة المتأخرة"، القاضي سيحكم باستمرار العقد - رفض طلب الفسخ - إلا إذا شاف أن في ضرر على المدعى من عدم الفسخ.
رأى محكمة النقض في الفرض الأول
وفى ذلك الشأن – سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الإشكالية – في الطعن المقيد برقم 12508 لسنة 78 قضائية، حيث قالت في حيثيات الحكم: "الشرط الضمنى فلا يستوجب الفسخ حتماً، إذ هو خاضع لتقدير القاضى، وله أن يمهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ، بل المدين نفسه له أن يتفادى الفسخ بعرض الدين كاملاً قبل أن يصدر ضده حكم نهائي بالفسخ".
الفرض الثاني: أن يتضمن العقد شرط فاسخ صريح
وفى مثل هذه الحالة صياغة الشرط من الناحية القانونية هي التي تحدد المسار أو الطريق الذي يجب اتخاذه، وهنا توجد ثلاث حالات شائعة في كتابة العقود:
1-إذا كانت صيغة البند "يجوز للطرف الأول فسخ العقد في حالة......."، وهنا لابد من قيام المتضرر أو صاحب الحق من إرسال إنذار بالفسخ، وهذا لا يعتبر شرطاَ فاسخاَ صريحاَ، إنما هذا يكون بمثابة ترديد لحق أطراف العقد في اللجوء للقضاء لطلب الفسخ، (ونفس الحالة إذا كانت الصيغة "ينفسخ العقد إذا...........").
2-إذا كانت صيغة البند "يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه في حالة......."، هنا لابد من إرسال إنذار بالفسخ قبل رفع الدعوى "زي الشرط الفاسخ الضمني".
3-إذا كانت صيغة البند "يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه - دون تنبيه أو أعذار - في حالة......."، هنا ليس من الضروري إرسال إنذار بالفسخ، لإن الشرط المكتوب اعفاك من هذا الأمر.
هل توجد صيغة نموذجية للشرط الفاسخ الصريح؟
محكمة النقض أجابت على هذا التساؤل في العديد من الأحكام، حيث قالت أن الشرط الفاسخ الصريح لابد أن يكون واضح وضوح الشمس، وأن عباراته لابد أن تكون مبينة لاتفاق المتعاقدين صراحة على انتهاء العلاقة بمجرد حدوث الإخلال بالعقد.
ووفقا لـ "النقض" في الطعن المقيد برقم 6903 لسنة 65 قضائية: " الاتفاق في العقود الملزمة للجانبين على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو حكم عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه. أثره. وقوع الفسخ حتماً بمجرد تحقق الشرط دون حاجة إلى تنبيه أو رفع دعوى به".
بمعنى أدق لو أردت كتابة شرط فاسخ في العقد، يفضل أن يكون بهذه الصيغة: "اتفق الطرفان وأقرا بموافقتهما الصريحة على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو اخطار أو اللجوء إلى القضاء، وذلك في حالة.....".
السؤال هنا: ما هو الفرق بين الشرط الفاسخ الضمني والصريح؟ أو ما هو أثر كل شرط منهم على العقد؟
الفرق مهم قوي، لإن الشرط الضمني لا ينهى العقد إذا قام الطرف الثاني بتنفيذ التزامه، لكن الشرط الفاسخ الصريح، لا يترك فرصة للقاضي أن يحكم باستمرارية العقد، لإن الحكم هنا يكون حكم تقريري بمعنى أدق حكم يؤكد حصول تصرف أو واقعة معينة، ويجب الأخذ في الاعتبار أن كل دعاوى الإخلاء، هي دعاوى لطلب فسخ عقد الإيجار - الكلام لـ"الشهير".
4 فروق بين الشرط الفاسخ الصريح والعادي
1-يتضح من ذلك أن "العقد" يكون معلقا على "شرط فاسخ" إذا ترتب عن حدوث أمر مستقبل غير محقق الوقوع زوال الالتزامات الناشئة عنه، ويترتب على ذلك فسخ العقد بأثر رجعي، أي أن من شأن تحقق الشرط الفاسخ زوال الالتزام المعلق عليه بأثر رجعي، فيعتبر هذا الالتزام كأن لم يكن منذ البداية دون حاجة إلى حكم أو إعذار.
2-أما الشرط الصريح الفاسخ للعقد يكون باتفاق طرفيه بصيغة صريحة على وجوب لفسخ في حالة عدم وفاء أيهما بالتزاماته دون حاجة إلى رفع دعوى الفسخ، ويجب على القاضي إعمال أثره متى تحقق من حصول المخالفة الموجبة له، ومن إعذار المدين، ويكون حكمه مقررا للفسخ وليس منشأ له.
3- وعليه فإن الشرط الصريح الفاسخ والشرط الفاسخ العادي يشتركان في أن كل منهما يتحقق على أثر حادثة مستقبلية غير محققة الوقوع يترتب على تحققهما فسخ العقد من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم، وإذا استوجب الأمر صدور حكم قضائي بالفسخ فإنه يكون مقررا لا منشأ، فالفسخ يقع في الحالتين بقوة القانون، ولا يملك القاضي سلطة الاعتراض عليه، فيقتصر دوره على التأكد من قيام الشرط وتوافر شروط إعماله، ويكمن الفرق بين الشرطين في أن الحادثة مناط إعمال الشرط الصريح الفاسخ ذات طابع شخصي تتمثل في تخلف المدين عن تنفيذ التزاماته، أما الحادثة مناط إعمال الشرط الفاسخ العادى، فهي ذات طابع موضوعي لا تتعلق البتة بعدم التنفيذ.
4- وهي لا تتحقق إلا إذا استعمل الدائن حقه الإرادي عن طريق التعبير الذي يعلن فيه تمسكه بالفسخ، إلى الطرف الآخر. كما أن الدائن هو الذي يقرر مدى إعمال الشرط، ولا يكون الأمر كذلك في حالة الشرط الفاسخ العادي، إذا يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرد تحقق الواقعة موضوع الشرط، دون أن يكون لإدارة الأطراف دخل في ذلك، ودون حاجة البحث في التنفيذ من عدم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة