في ظل الثورة التقنية الهائلة التي يشهدها العالم الآن، وخاصة "الذكاء الاصطناعى"، أصبحنا أمام وباء جديد لا يقل خطوة عن كوفيد 19، ألا وهو وباء المعلومات المزيفة، الذى يتفشى من غرف صناعة الأخبار الكاذبة، ونشرها بأشكال وأساليب مختلفة، لفئات عمرية متنوعة، لتكون بمثابة الوسيلة التى يتبناها قطاع كبير من نشطاء الفوضى، لتحقيق مآربهم السياسية، وعلى رأسها نشر الفوضى فى المجتمع عبر زعزعة الثقة بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، لدرجة أن المركز الإعلامى بمجلس الوزراء، أصبح يعمل كخلية نحل للمتابعة اليومية واللحظية لرصد الموضوعات المثيرة للجدل على شبكات التواصل الاجتماعي وعلى المواقع الإخبارية المختلفة ومتابعة ردود الفعل وتحليلها بهدف توضيح الحقائق للمواطنين حتى لا ينجرفوا وراء هذه الأباطيل التي تهدف إلى بث سموم الفوضى والتضليل.
والغريب، أننا أصبحنا أمام منهجية واضحة في التضليل، فالموضوع ليس قائما على الأفراد، وإنما هناك مؤسسات ومراكز مهمتها الأولى والأخيرة صناعة هذا التضليل من خلال وضع خطط تستهدف أي مشروع تعلن عنه الدولة أو قضية رأى عام تطفوا على السطح، أو أي قرار تتخذه الحكومة، فتجدهم يطوعون هذه الموضوعات إلى سياستهم بحيث تصب في خدمة أهدافهم، من خلال لى الحقائق أو وضع تصريحات عكسية على لسان مسئولين بالكذب والافتراء أو من خلال تدشين صفحات وهمية لمسئولين وجهات حكومية والعمل على نشرها وانتشارها على مواقع التواصل وكذلك سرقة "لوجوهات" مواقع إلكترونية مشهورة ووضعها على أخبارهم المزيفة للإيحاء بالمصداقية، وغير ذلك من وسائل الخديعة والتضليل الذين أصبحوا محترفون فيها بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف.
ونموذجا على ما نقوله قارىء العزيز، تجد هؤلاء المضللين يطلقون مئات الشائعات خلال الأيام الماضية، والتي كان أبرزها، أن الحكومة تسعى للتوسع في إنشاء الجامعات الأهلية تمهيدا لإلغاء مجانية التعليم العالى، متجاهلين أن مجانية التعليم هي حق أصيل من حقوق المصريين يكفله الدستور والقانون، وأن الهدف من إنشاء هذه الجامعات هو خلق فرص وتخصصات متميزة يحتاجها سوق العمل، وتخفيف الضغط اعلى الجامعات الحكومية مما يسهم في رفع جودة المنظومة التعليمية.
ونموذج أخر، فور الإعلان عن الإعلان الرابع عشر لحجز الوحدات السكنية لمحدودى الدخل، وجدنا أخبارًا مزيفة تؤكد تدشين وزارة الإسكان صفحات جديدة على "فيس بوك" لبيع هذه الوحدات، الأمر الذى نفته الوزارة مُوضحةً أن تلك الصفحات وهمية، وغير تابعة للوزارة نهائياً، وأن عملية حجز أو بيع أي من وحدات الإسكان الاجتماعي تتم بشكل مباشر من خلال قنوات الاتصال الرسمية التابعة لصندوق الإسكان الاجتماعي.
أما أصحاب المعاشات فدائما، لهم النصيب الأكبر، من هذه الأخبار المزيفة، لأن ببساطة شديدة، هؤلاء المضللون يعلمون جيدا طبيعة هذه الشريحة وظروفها وبالتالي فهم كل فترة يحاول التنكيد عليهم من خلال بث أخبار مزيفة عن المعاشات، فمرة يعلنون عبر هذه الصفحات الوهمية أن الحكومة قررت تجميد صرف المعاش خلال الأشهر الأربعة الأولى من خروج المستحق للتقاعد، ومرة أخرى يؤكدون إيقاف صرف معاش برنامج تكافل وكرامة بكارت الـ ATM، وطبعا كل هذه الأخبار لا صحة لها على الإطلاق.
وتأتى أخبار التموين والكهرباء وزيادة الرسوم على الخدمات الضرورية التي تهم المواطن البسيط، من أولويات هذه المواقع والصفحات الوهمية، لمعرفتهم مدى ملامستها للسواد الأعظم للشعب، فمرة نجدهم يدعون كذبا زيادة الرسوم الكتب المدرسية بالمدارس الخاصة، وتارة يتحدثون عن سحب سلعة تموينية من بطاقات التموين، وثالثة، يؤكدون ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء وإسناد التحصيل لشركة خاصة لنقص أعداد المحصلين، وكل هذه الأخبار ما أنزل الله بها من سلطان.
خلاصة القول، أصبحا يوميا أمام سيل جارف من هذه الأخبار الكاذبة، وأمام وباء يتفشى على مواقع التواصل الاجتماعى والفضائيات المأجورة، كل يوم، ورغم نفى الحكومة وإثبات كذبهم في مرات عديدة من قبل إلا أنهم لا يلتفتون لهذا، فهم مصرون ومصممون على مواصلة الكذب والتضليل بكل بجاحة أملا في تحقيق أهدافهم الخبيثة في خلق حالة من الفوضى وعدم الرضا لدى المواطن، لكن هيهات من تحقيق هذا في ظل وجود المركز الإعلامى لمجلس الوزراء والإعلام المصرى، وعلى رأسهم وعى المواطن المصرى الذى يقف بالمرصاد لهؤلاء العملاء المجرمين..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة