لا تزال أزمة تشكيل الحكومة اللبانية مشتعلة حتى الآن في ظل عدم التوصل إلى توافق بين القوى السياسية اللبنانية حول الأشخاص التي ستنضم لتلك الحكومة، خاصة بعد مرور 3 أسابيع على تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة ، في الوقت الذى اتهمت فيه بعض القوى اللبنانية القوى المتحالفة مع إيران بإشعال أزمة لبنان.
في هذا السياق اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن الأزمات والتدهور الحاد الذي يشهده لبنان سببه الرئيسي محاولة ما يسمى بمحور المقاومة مشيرا إلى القوى اللبنانية المتحالفة مع إيران وفي مقدمها حزب الله، السيطرة على الوضع في لبنان والتحكم في شئونه والإمساك بزمام السلطة في إطار خطة لوضع اليد على البلد برمته.
وقال جعجع في كلمة له أمام وفد من الأطباء لاستعراض تداعيات انتشار فيروس كورونا إن لبنان في حاجة إلى حكومة جديدة تُنقذ البلاد من الانهيار، وأن يبتعد الفرقاء السياسيون وكافة القوى عن السلطة مع السماح لمجموعة من الوزراء الاختصاصيين المستقلين أن يتسلموا شئون البلاد لتجنيب لبنان السقوط في الهاوية.
ولفت سمير جعجع إلى أن محور المقاومة لا يعنيه أن يتضور اللبنانيون جوعا في سبيل تحقيق مشروعه وأن يواصل التقدم والتمدد وحتى ولو أدى هذا المشروع إلى خراب لبنان بكامله، لافتا إلى أن هذا المحور ما كان له أن يصل إلى ما بلغه من قوة لولا التحالفات التي قام بها يمينا ويسارا.
وأشار رئيس حزب القوات اللبنانية إلى أن محور المقاومة يحافظ على حلفائه مهما كانوا فاسدين ومهما عاثوا خرابا في لبنان، وأنه في هذا الصدد يحاول تعويض حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي تعرض لعقوبات أمريكية موخرا عن وقائع فساد بموجب قانون (ماجنيتسكي) عبر إعطائه مكاسب في تشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي يعطل عملية التأليف الحكومي.
وأكد رئيس حزب القوات اللبنانية أن التحذير الذي حمله المبعوث الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل الذي أجرى مؤخرا زيارة إلى لبنان، من أن عدم تشكيل الحكومة الجديدة سيؤدي إلى عدم تقديم مساعدات دولية وذهاب مساعدات صندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر في مهب الريح، لن يلقى صدى لدى القوى السياسية ولن يؤثر فيهم.
واستطرد رئيس حزب القوات اللبنانية: "لا يبدو في الأفق البعيد أن هناك حلا لهذه المشكلة. هؤلاء (القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة) لم تتحرك مشاعرهم ولم يستنفروا عقب الانفجار المدمر الذي وقع بميناء بيروت البحري، ولم يحركهم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية وتدهور الوضع المعيشي، فهل سيتمكن دوريل بكلمتين باللغة الفرنسية من جعلهم يتحركون.. للأسف أشك في الأمر، واعتقد أن مأساتنا مستمرة حتى إشعار آخر، متابعا: مضى 3 أسابيع على تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، ولم تؤلف الحكومة حتى الآن، موضحا أن الحريري يحاول منفردا تحسين نوعية الحكومة غير أن الفرقاء الآخرين منهمكون في لعبتهم السياسية ومناطحة الولايات المتحدة الأمريكية ولا يهمهم معاناة المواطن اللبناني.
من جانبه اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، أن التمادي في تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة في ظل الأزمات المتعددة والظروف الخانقة التي يشهدها لبنان، يمثل استهتارا بمصالح الشعب وجزءا من مشروع إسقاط الدولة.
وانتقد بطريرك الموارنة عدم تحرك الدولة والقوى السياسية أمام إلحاح الدول الصديقة للبنان على الإسراع بتشكيل حكومة جديدة والشروع في تنفيذ الإصلاحات، لاسيما في ظل جاهزية المجتمع الدولي لتقديم الدعم لمساندة لبنان.
وتابع البطريرك الماروني الكاردينال: "لا نستطيع أن نرى هدفا آخر لهذا الاستهتار بمصالح الشعب والوطن والتعطيل المتمادي المرفق بإسقاط ممنهج للقدرة المالية والمصرفية، وبإفقار الشعب حتى جعله متسولا، وبإرغام قواه الحية وخيرة شبابه المثقف على الهجرة، سوى أن هناك مشروعا لإسقاط الدولة اللبنانية ووضع اليد على أنقاضها، موضحا أن أن من يعطلون تشكيل الحكومة الجديدة يستبيحون الدستور وهوية لبنان ورسالته في المجتمعين العربي والدولي، مؤكدا أن الشعب اللبناني الذي هو مصدر كل السلطات، يريد حكومة مستقلة عن القوى والأحزاب السياسية، بكامل وزرائها باعتبار أن هذا الأمر هو المخرج الوحيد لكافة الأزمات التي يمر بها لبنان.