أصبحت فرنسا هدفا صريحا للتنظيمات الإرهابية وخاصة داعش الذى بات بينه وبين الدولة الأوروبية ثأر لما تكلفته من خسائر فى صفوفها خلال الحرب على الإرهاب، التى تشنها فرنسا فى سوريا، وهو ما جعل فرنسا اليوم، منهكة من جراء العمليات الإرهابية التى أدت إلى مقتل حوالى 250 شخصا وجرح المئات، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وكشف المدير العام للأمن الخارجى الفرنسى، برنارد إيمييه، والمدير العام للأمن الداخلى نيكولا ليرنر، فى حوار مع جريدة "لو فيجارو"، عن تقييم يوضح أنه منذ عام 2015 تعرضت فرنسا لـ20 هجومًا، فيما باءت 19 عملية إرهابية بالفشل.
ومنذ عام 2013، تم إحباط 61 مشروعًا إرهابيا، من خلال العمل المنسق لأجهزة مكافحة الإرهاب.
وعن استهداف فرنسا إرهابيا، قال أستاذ التاريخ المعاصر فى جامعة باريس، عادل اللطيفى، فى تصريح لموقع سكاى نيوز عربية، "نلاحظ أنه فى السنوات الأخيرة دخلت فرنسا فى سياسة مقاومة الجماعات المتطرفة فى كل من سوريا ومنطقة جنوب الصحراء، خصوصا مالى التى انهارت فى فترة معينة، مما سمح بظهور تيارات متطرفة، واجهتها فرنسا عسكريا فى ظل تراجع أمريكى عن هذه المقاومة فى عهد الرئيس دونالد ترامب، وهذا الأمر زاد من تأجيج المتشددين ضدها.
من ناحية أخرى، يضيف أستاذ التاريخ المعاصر، أن العلمانية وفصل الدين عن الدولة تشكلان أهم قيم ومبادئ الجمهورية، وهذا الأمر يزعج الجماعات المتطرفة التى تعتبر أن العلمانية لا تتوافق مع الدين الإسلامي.
ويتابع فى هذا الشأن: "هذا يذكرنا ربما بالاتحاد السوفياتى الذى كان مستهدفا بدوره فى ثمانينيات القرن الماضى بسبب مزاعم دعمه للإلحاد حسب ما كانت تدعيه التيارات المتطرفة آنذاك".
ويعتبر اللطيفى ملف الهجرة من العوامل المساهمة بدوره، لاسيما أن فرنسا باب مفتوح للهجرة إلى جانب بلدان أخرى مثل إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
ويوضح قائلا: "أغلب هذه البلدان استهدفت إرهابيا وهى بلدان مفتوحة على الهجرة، هذا لا يعنى أنها سبب رئيسى، لكن فى المقابل، هذا لا ينفى أن التيارات المتطرفة تستغل هذا العامل لصالحها. ومن الممكن أن نلاحظ الاستقرار الذى تعرفه الدول الإسكندنافية التى تغيب عن الساحة السياسية العالمية كما أنها تستقبل أقلية من المسلمين، يمكن لتيارات الإسلام السياسى أن تستغلها".
وقال المدير العام للأمن الخارجى الفرنسى، برنارد إيمييه، لصحيفة "لوفيجارو"، "فرنسا ليست الدولة الوحيدة التى تتعرض لتهديد إرهابى، ولكن التهديد يلقى بظلاله على جميع الدول دون استثناء كما أظهره هجوم فيينا مؤخرًا."
ويؤكد أن الاتحاد الأوروبى يقود معركة جماعية وجب تقوية الروابط فيها لكسب الحرب ضد الإرهاب.
فى المقابل، يضيف أن خطر وقوع هجوم من قبل الجماعات الإرهابية المتمركزة خارج حدود فرنسا انخفض ولكنه باقى، خصوصا أن التهديد الإرهابى قد تغير وأصبح أكثر تعقيدًا لتوقعه.
ووفقا لنيكولا ليرنر "التطرف يتطور من خلال الدعاية الإرهابية التى لا تزال مرنة على الشبكات الاجتماعية، كما لم يعد هناك ملف نموذجى للمقاتل الإرهابى، الذى يمكن أن يكون سجله الإجرامى ومستوى تشبعه الدينى متغيرًا للغاية".
وبعد الهجمات الأخيرة، عملت فرنسا على حل جمعيات متطرفة، كما بادرت إلى طرد المتطرفين من البلاد، وفى هذا السياق قام وزير الداخلية الفرنسى، جيرالد دارمانين، بزيارة إلى تونس والمغرب والجزائر فى شهر أكتوبر الماضى، قدم خلالها للسلطات قائمة بمواطنيها الموجودين فى وضع غير نظامى والمشتبه فى كونهم متطرفين وترغب فرنسا فى طردهم.
ووفقًا لوزارة الداخلية الفرنسية، يوجد فى فرنسا 231 أجنبيًا فى وضع غير شرعى، مدرجين على قائمة التطرف، من بينهم حوالى 60 تونسيًا، ونفس العدد يمثله المغاربة وعدد أكثر بقليل من الجزائريين، تنظر فرنسا إلى ترحيلهم باعتباره أولوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة