يترقب الأمريكيون والعالم بأكمله، ما ستسفر عنه الانتخابات الأمريكية التى ستجرى اليوم، حتى يتبين للجميع تجربة هذه الدولة العظمى، بطرازها الانتخابى الفريد، فى كيفية اختيار زعيمها وساكن بيتها الأبيض فى الأربع سنوات المقبلة.
ولا ينتظر أن يحتفل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ولا منافسه الديمقراطي جو بايدن نائب الرئيس السابق بالفوز هذه الليلة الباردة من شهر نوفمبر بالعاصمة الأمريكية واشنطن، وإنما قد يقضيها الجميع، المرشحان وأنصارهما ومعهم ملايين الأمريكيين والمتابعين لهذه الانتخابات بأنحاء الكرة الأرضية، انتظارا لبدء فرز الأصوات، والذي قد يستغرق وقتا أطول من المعتاد.
وتظهر مؤشرات حول توجهات الناخبين المشاركين بصورة مباشرة في التصويت بمراكز الاقتراع، وغالبيتهم من الجمهوريين، والاستطلاعات المنتظرة لآراء الخارجين من تلك المراكز.
ورسمت جائحة كورونا وتداعياتها وجها دراماتيكيا لهذه الانتخابات، وميزتها عن جميع المواسم الانتخابية السابقة في الولايات المتحدة، حيث بسببها أرسلت كتل تصويتية من الناخبين، قدرت بالملايين، بطاقات تصويتهم بريديا خوفا من التصويت المباشر في مراكز الاقتراع، وكثير منهم من الديمقراطيين، وسيتم بدء فرز تلك الأصوات، اعتبارا من اليوم، وينتظر أن يكون لهؤلاء ثقل كبير في تحريك مجريات الانتخابات.
ورغم عدم حماس بعض شرائح الأمريكيين للمشاركة بالتصويت، لكن هناك إقبالا كبيرا في هذا الموسم الانتخابي من قبل شرائح عديدة من المجتمع الأمريكي، حيث تجلى ذلك في ضخامة المشاركة في التصويت المبكر، نحو 90 مليونا، وهو ما تجاوز ما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة، وكان لوسائل التواصل الاجتماعي الدور الكبير في ذلك.
وهناك أيضا كتلة الأمريكيين من ذوي الأصول العربية، وعددهم نحو 4 ملايين ناخب، والذي يقطنون بتركيز متفاوت ولايات مثل كاليفورنيا وميتشجان ونيويورك وغيرها، وبعضهم يتجه لاختيار ترامب للمرة الثانية بعد مساهمتهم في فوزه قبل 4 أعوام على الديمقراطية هيلارى كلينتون.
الولايات المتأرجحة أو غير المحسومة لصالح أحد المرشحين وخصوصا ميتشجان وبنسلفانيا وويسكنسون قد يكون تأثيرها كبيرا، حيث كان بعضها حسم لصالح ترامب في الانتخابات السابقة، ويتوقع الجمهوريون أن يتكرر الأمر في هذه الانتخابات رغم مساعي بايدن الحثيثة لاجتذاب هذه الولايات لصالحه.
أما الأمريكيون بالخارج، نحو 3 ملايين صوت، فكثير منهم حرص على المشاركة والاقتراع البريدي وخصوصا في هذه الانتخابات، لكنهم يتخوفون من تأخر وصول بطاقاتهم بسبب قلة حركة الطيران من وإلى الولايات المتحدة جراء استمرار جائحة كورونا وارتفاع تكلفة الشحن.
ورغم ما أحدثته استطلاعات الرأى على المزاج العام للناخب الأمريكي، إلا أنها تظل انتقائية وتخص حجم مشاركة تمثيلية محدودة للمجتمع الأمريكي، ولا تعطي انطباعا نهائيا حول من يكون المرشح الفائز، فما حدث في انتخابات 2016 بعد استطلاعات كانت ترجح فوزا ساحقا لهيلاري كلينتون، وهو ما روجت له الصحف المعارضة للجمهوريين مثل واشنطن بوست، ومع ذلك خسرت كلينتون أمام ترامب بأصوات مندوبي "المجمع الانتخابي".
ويتفرد النظام الانتخابي الأمريكي عن غيره بسبب أصوات هذا "المجمع الانتخابي"، الذي هو عبارة عن هيئة مؤلفة من 538 من المندوبين الذين يمثلون كل ولاية حسب حجم سكانها، وهؤلاء يتم اختيارهم على غرار تمثيل الولايات في الكونجرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، فبعض الولايات تكون ممثلة بعدد كبير من هؤلاء المندوبين مثل كاليفورنيا "55 مندوبا" أو فلوريدا "29 مندوبا" وبعضها الآخر يكون تمثيلها ضئيلا مثل ألاسكا أو داكوتا الشمالية أو العاصمة واشنطن وكل له 3 أصوات فقط، وبالتالي فحتى لو حصل أحد المرشحين على غالبية أصوات جمهور الناخبين فإنه لن يعلن فوزه، إلا إذا حصل على 270 صوتا من أصوات مندوبي المجمع الانتخابي أي النصف زائد واحد.
ووفقا لهذا النظام المستقر بالدستور الأمريكي منذ عام 1787 فإنه في حالة تصويت جمهور الناخبين بالولاية بالأغلبية لصالح أحد المرشحين فإن جميع أصوات مندوبي تلك الولاية تتجه إلى هذا المرشح بغض النظر عن انتمائهم الحزبي، لأن التصويت الشعبي يحمل رسالة لمندوبي المجمع بترجيح كفة هذا المرشح دون الآخر.
ويجتمع أعضاء المجمع الانتخابي لاختيار الرئيس ونائبه ومن حصل على الأغلبية المطلوبة من أصوات المندوبين "270 صوتا" يكون هو الفائز حتى ولو حصل المرشح الآخر على غالبية التصويت الشعبي، وهذا ما حدث مع الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الابن الذي تفوق على منافسه الديمقراطي آل جور في انتخابات عام 2000 بفارق أصوات مندوبي المجمع الانتخابي رغم حصول الأخير على عدد أكبر من أصوات جمهور الناخبين.
وتكرر هذا السيناريو مع ترامب الجمهوري في انتخابات عام 2016، حيث حصل على تصويت شعبي أقل من هيلاري كلينتون بـ3 ملايين صوت، لكنه فاز بـ 306 أصوات في المجمع الانتخابي وتولى الرئاسة.