أصبحت الحياة فى المدينة المنورة بعد هجرة النبى عليه الصلاة والسلام مختلفة، فقد صارت محط الأنظار من الجميع، وقد وقعت في السنوات الأولى للهجرة عدة غزوات وسرايا منها "غزوة العشيرة" فهل سمعت عنها، وما الذى يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ ابن كثير تحت عنوان "غزوة العشيرة"
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، قال الواقدى: وكان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب، قال: وخرج عليه السلام يتعرض لعيرات قريش ذاهبة إلى الشام.
قال ابن إسحاق: فسلك على نقب بنى دينار، ثم على فيناء الخيار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها: ذات الساق فصلى عندها فثم مسجده، فصنع له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه، فرسوم أثافى البرمة معلوم هناك، واستسقى له من ماء يقال له: المشيرب.
ثم ارتحل فنزك الخلائق بيسار وسلك شعبة عبد الله، ثم صب للشاد حتى هبط ملل، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة، ثم سلك فرش ملل حتى لقى الطريق بصخيرات اليمام، ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليال من جمادى الآخرة ووادع فيها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.
وقد قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا وهب، ثنا شعبة، عن أبى إسحاق.
قال: كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له: كم غزا رسول الله ﷺ من غزوة؟
قال: تسع عشرة.
قلت: كم غزوة أنت معه؟
قال: سبع عشرة غزوة، قلت: فأيهن كان أول؟
قال: العشير - أو العسير - فذكرت لقتادة فقال: العشير.
وهذا الحديث ظاهر فى أن أول الغزوات العشيرة، ويقال: بالسين وبهما مع حذف التاء، وبهما مع المد اللهم إلا أن يكون المراد غزاة شهدها مع النبى ﷺ زيد بن أرقم العشيرة وحينئذً لا ينفى أن يكون قبلها غيرها لم يشهدها زيد بن أرقم وبهذا يحصل الجمع بين ما ذكره محمد بن إسحاق وبين هذا الحديث والله أعلم.
قال محمد بن إسحاق: ويومئذٍ قال رسول الله ﷺ لعلى ما قال.
فحدثنى يزيد بن محمد بن خيثم، عن محمد بن كعب القرظي، حدثنى أبو يزيد محمد بن خيثم، عن عمار بن ياسر.
قال: كنت أنا وعلى بن أبى طالب رفيقين فى غزوة العشيرة من بطن ينبع، فلما نزلها رسول الله ﷺ أقام بها شهرا فصالح بها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة فوادعهم.
فقال لى على بن أبى طالب: هل لك يا أبا اليقظان أن نأتى هؤلاء النفر - من بنى مدلج يعملون فى عين لهم - ننظر كيف يعملون؟
فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة فغشينا النوم فعمدنا إلى صور من النخل فى دقعاء من الأرض فنمنا فيه.
فوالله ما أهبنا إلا ورسول الله ﷺ يحركنا بقدمه فجلسنا وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذٍ قال رسول الله ﷺ لعلي: «يا أبا تراب» لما عليه من التراب فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال: «ألا أخبركم بأشقى الناس رجلين؟"
قلنا: بلى يا رسول الله.
فقال: "أحيمر ثمود الذى عقر الناقة والذى يضر بك يا على على هذه - ووضع رسول الله ﷺ يده على رأسه - حتى تبل منها هذه - ووضع يده على لحيته –".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه له شاهد من وجه آخر فى تسمية على أبا تراب كما فى (صحيح البخاري): أن عليا خرج مغاضبا فاطمة، فجاء المسجد فنام فيه فدخل رسول الله ﷺ فسألها عنه فقالت: خرج مغاضبا فجاء إلى المسجد فأيقظه وجعل يمسح التراب عنه ويقول: «قم أبا تراب قم أبا تراب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة