تستعد مزاد كريستيز، فى لندن، اليوم الأربعاء، لبيع عدد من المقتنيات الأثرية منها آثار مصرية تنتمى لعصور مختلفة، من بينها تمثال لابنة الملك المصرى إخناتون، وتمثال لـ قط من البرونز، وهذا المزاد يجعلنا نتذكر الواقعة التى باعت فيها نفس الصالة "كريستيز" تمثال تمثالا نصفيا للملك توت عنخ آمون، ولم تستجب دار المزادات حينها لطلبات وزارة السياحة والآثار بالتأكد من "أوراق" التمثال المسروق، ورغم ذلك تم بيع التمثال بمبلغ قدره 4,7 مليون جنيه إسترلينى، وهذا ما أثار حالة من الغضب داخل الوسط الأثرى، بعدما ضربت صالة المزادات عرض الحائط بجميع الاتفاقايات الدولية، ولهذا نستعرض القصة الكاملة لعملية البيع.
توت عنخ امون
وتم بيع التمثال فى 5 يونيو من العام الماضى 2019، حيث كانت البداية القصة تعود عندما نشر "اليوم السابع" بتاريخ 4 يونيو 2019 عن قيام دار كريستيز للمزادات العالمية عرض رأس منحوتة للملك الذهبى توت عنخ آمون للبيع، خلال مزاد مزمع تنظيمه الخميس 4 يوليو المقبل بالعاصمة البريطانية لندن، حيث وضعت مبلغا تقديريا للمنحوتة الفرعونية قدره 4 ملايين جنيه إسترلينى "نحو 5 ملايين دولار".
ووفقا لما ذكرته جريدة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإن هذه المرة الأولى التى يظهر فيها الرأس الملك الفرعونى من مجموعته الخاصة فى السوق العالمية للمزادات منذ عام 1985، ويعتقد الخبراء فى دار كريستيز للمزادات فى لندن أن التمثال كان من المفترض وضعه فى معبد الكرنك بصعيد مصر، حيث تم العثور على تماثيل أخرى تشبه توت عنخ آمون.
وبدورنا قمنا بالتواصل مع المسئول فى وزارة الآثار لمتابعة الموقف فى تلك الحالة، وقال شعبان عبد الجواد، المشرف العام على إدارة الآثار المستردة، إن الإدارة تتابع جميع صالات العرض بالمزادات العالمية، وإذا تم اكتشاف وجود أى من القطع الأثرية المصرية معروضة للبيع فى أى من تلك المزادات تأخذ جميع الإجراءات الرسمية فورًا، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية.
وأوضح المشرف العام على إدارة الآثار المستردة أنه إذا ثبت خروج أى قطعة بشكل غير شرعى يتم اتخاذ كل الإجراءات مع الإنتربول الدولى، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية، من أجل عودتها، مرة أخرى، فنحن لن نتهاون أو نسمح لأحد أن يبيع أى أثر مصرى على الإطلاق، لافتًا إلى أنه ستتم مخاطبة مزاد كريستز بخصوص القطعة المعروضة مؤخرًا، لوقوف على حقيقة المستندات التى تملكها حيال تلك القطعة.
وفى 5 يونيو أوضح شعبان عبد الجواد، المشرف العام على إدارة الآثار المستردة، أن الإدارة تقوم الآن بدراسة ملفات المزاد تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية لمخاطبة صالة كريستيز بخصوص القطعة المعروضة، والوقوف على حقيقة المستندات التى تملكها حيال تلك القطعة.
وأكد "عبد الجواد" أن هذه القطعة ليست من مفقودات متاحف أو مخازن وزارة الآثار، وأن الإدارة تتابع جميع صالات العرض بالمزادات العالمية، وأنه إذا ثبت خروج أى قطعة بشكل غير شرعى يتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية مع الإنتربول الدولى، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية، من أجل استردادها عودتها، مرة أخرى، فنحن لن نتهاون أو نسمح لأحد أن يبيع أى أثر مصرى على الإطلاق.
وفى 10 يونيو قامت الإدارة المركزية للآثار المستردة بمخاطبة صالة المزادات ومنظمة اليونيسكو لوقف إجراءات بيع القطعة الأثرية، وطلب الحصول على المستندات الخاصة بملكية القطعة الأثرية، فضلاً عن المطالبة بأحقية مصر فى القطعة فى ظل القوانين المصرية الحالية والسابقة.
من جهتها قامت السفارة المصرية فى لندن بمخاطبة وزارة الخارجية البريطانية وصالة المزادات لوقف عملية البيع والتحفظ على رأس التمثال وطلب إعادته إلى مصر، فضلاً عن مطالبة الجانب البريطانى بوقف بيع باقى القطع المصرية المزمع بيعها بصالة كريستيز يومى 3-4 يوليو 2019، وتأكيد أهمية الحصول على كل مستندات الملكية الخاصة بها.
وبالطبع أحدثت القطعة ضجة فى العالم أجمع كون مقتنيات الملك محط اهتمام العالم، حيث إنها المقبرة الوحيدة التى تم اكتشافها بالكامل دون أن تتعرض للسرقة، فنشرت صحيفة الديلى ميل تقريرًا حول القطعة المزمع عرضها بالمزاد، وقالت الصحيفة إن مصر تطالب كريستيز بوقف مزاد تمثال نصفى قديم لتوت عنخ آمون بقيمة 4 ملايين جنيه إسترلينى، والذى أكدت أنه سرق من معبدها.
وقالت صحيفة "تليجراف" البريطانية، إن دار "كريستيز" للمزادات يتعرض لضغوط متزايدة لإلغاء عملية بيع رأس تمثال توت عنخ أمون، بعدما قالت السلطات المصرية إنه ربما سُرق من معبد الكرنك فى الأقصر.
ودعت وزارة الآثار إلى اجتماع طارئ الثلاثاء 11 يونيو الماضى للجنة القومية للآثار المستردة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1306 لسنة 2016، وبحضور الدكتور نبيل العربى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والسفير محمود طلعت مساعد وزير الخارجية للعلاقات الثقافية وممثلو وزارة العدل والنيابة العامة، وكل الجهات القضائية والأمنية والرقابية بالدولة، لمناقشة ومتابعة الإجراءات التى تم اتخاذها تجاه ملف وقف بيع واستعادة 32 قطعة أثرية تنتمى للحضارة المصرية من بينها رأس تمثال منسوب للملك توت عنخ آمون، كانت قد رصدتها إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار على كتالوج صالة مزادات كريستيز بالعاصمة البريطانية لندن لبيعها فى مزاد علنى يومى 3 و4 من شهر يوليو المقبل.
وتقدمت وزارة الآثار ببلاغ إلى النائب العام المصرى تطلب إرسال مساعدة قضائية إلى السلطات البريطانية لوقف بيع والتحفظ على هذه القطع واستردادها، وفقا لقوانين حماية الآثار المصرية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وبناءً على ذلك أرسلت النيابة العامة المصرية إنابة قضائية إلى نظيرتها البريطانية لوقف بيع هذه القطع والتحفظ عليها تمهيداً لاتخاذ إجراءات إعادتها إلى مصر.
ولكن صالة المزادات العالمية أصرت على بيع القطعة الأثرية الخاصة بالملك توت عنخ آمون، وتمت عملية البيع مساء أمس، حيث بيع التمثال بمبلغ قدره 4,7 مليون جنيه إسترلينى.
وعلى إثر ذلك دعت وزارة الآثار لاجتماع طارئ للجنة القومية للآثار المستردة للانعقاد أول الأسبوع برئاسة وبحضور الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق و قيادات كل من وزارات الخارجية و الداخلية و العدل و النيابة العامة و هيئةً قضايا الدولة و الجهات الأمنية والرقابية و السيادية بالدولة، وذلك لمناقشة موقف المزاد الذى انعقد يومى 3 و 4 يوليو 2019 بصالة مزادات كريستيز بلندن والإجراءات التى سيتم استكمالها والإجراءات القانونية التى سيتم اتخاذها من جانب السلطات المصرية بعد بيع قطع آثار مصرية.
وأكدت وزارة الآثار لن تتوانى فى اتخاذ أى إجراءات لاسترداد الآثار المصرية التى خرجت من مصر بطرق غير مشروعة أينما وجدت وبصرف النظر عن وقت خروجها ولو حتى منذ عشرات السنين وستستكمل مصر سياستها فى استرداد الآثار المصرية والتى تنتهجها مصر منذ سنوات عديدة وأثمرت عن استرداد آلاف القطع الاثرية من أكثر من 15 دولة خلال السنوات القلية الماضية بالطرق الدبلوماسية والقانونية وطبقا للقوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
ومن جانب آخر كانت إدارة الآثار المستردة، قد نجحت، من قبل، فى إيقاف بيع ومصادرة لوحة أثرية مهمة كانت بحوزة أحد التجار بنيويورك، بتصريح تصدير مزور يرجع تاريخه لعام 1970.