تستعد كافة المؤسسات المعنية بالدولة، بالبدء فى خطة جديدة لتنظيم الأسرة والحد من الزيادة السكانية والمقرر البدء فيها فى الفترة من 2021/2023، وشهد الأسبوع الجارى انعقاد مؤتمر تفعيل دور الشراكة بين منظمات العمل الأهلى والحكومة، خاصة وأن هذه الأزمة أضحت تلتهم كل ثمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتلقى بانعكاسات سلبية خطيرة على كافة القطاعات الحيوية التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية والبيئية وغيرها.
وحسب إحصائيات أخيرة للزيادة السكانية للجهاز للتعبئة العامة والأحصاء، فى أكتوبر الماضى يبلغ متوسط الزيادة السكانية اليومية "الفرق بين أعداد المواليد والوفيات" 4255 نسمة خلال فترة بلوغ عدد السكان 101 مليون "من 11 فبراير إلى 3 أكتوبر 2020" أى 177 فرد كل ساعة أى 3 فرد كل دقيقة بما يعنى أن الوقت المستغرق لزيادة فرد إلى عدد السكان هو20 ثانية.
وتتمثل المحافظات الأعلى والأقل فى زيادة عدد سكانها وفق الإحصائيات المعلنة هم القاهرة أعلى المحافظات بنحو 9 ملايين و941 ألف و814 نسمة، الجيزة بنحو 9 ملايين و98 ألف و204 نسمة، الشرقية بواقع 7 ملايين و555 ألف و767 نسمة، محافظة القليوبية 5 ملايين و893 ألف و947 نسمة، بينما تأتى محافظة جنوب سيناء أقل المحافظات الجمهورية لتبلغ 110 ألف و426 نسمة، يليها محافظتى الوادى الجديد ومحافظة البحر الأحمر بنحو 387 ألف و276 نسمة.
ويأتى المحور الخدمى والتوعوى بخطة تنظيم الأسرة ركن رئيسى فى مواجهة هذه الأزمة والحد منها، وهو ما أكد عليه خبراء فى هذا الصدد فى إطار تقييمهم لعمل الوحدات بمحافظات الجمهورية ومدى دورها فى التوعية والاستفادة منهم، مؤكدين أن الوضع الحالى لعمل هذه الوحدات لا يسجل أى فاعلية أو تأثير رغم أن إدراة تنظيم الأسرة بشكل صحيح سيوفر الكثير على الدولة من الآثار المترتبة بمعدل يصل لزيادة سكانية أكبر، تقلل من نصيب الفرد من الناتج القومى، إلى جانب انعكاساتها على حجم الإنجازات التى تتم على أرض الواقع فى العديد من الملفات.
ويقول النائب يحيى كدوانى، عضو مجلس النواب بلجنة الدفاع والأمن القومى، أنه لابد من تعزير دور الرائدات الريفيات فى مواجهة هذه الأزمة وفقا لاستراتيجية السكان التى وضعتها الحكومة، وإلحاق العناصر الشبابية بالوحدات بدلا من تواجد سيدات عمرهن يتجاوز الـ 40 عام، للمساعدة فى تنفيذ الزيارات الميدانية وتحفيز الأمهات على استمرارية الاستخدام لوسائل منع الحمل، وزيادة زيارات النفاس لتشجيعهم على المباعدة بين الحمل، والزيارات المنزلية لغير المستخدمين لجذبهن لعيادات تنظيم الأسرة، واستهداف المنتفعات من خلال الزيارات المنزلية من قبل الرائدات الريفيات.
ولفت إلى أن الزيادة السكانية المفرطة تلتهم معدلات التنمية ومن ثم لابد من العمل على فعالية خطة تنظيم الأسرة فهى لا تعمل بنسبة لا تزيد عن 20% وضمان الرقابة على الوحدات للحد من اساءة استخدام الوسائل وبيعها فى غير ما هو مخصص لها، وإتاحة الوسائل بشكل مجانى للأسر.
وأشار إلى أن هناك حاجة شديد لتحديث وحدات تنظيم الأسرة والاستعانة بخريجى كليات الطب والدراسة الجيدة لكل إقليم ومدى طبيعة ثقافاته، وهو ما يجعلنا لإعادة هيكلة وحدات تنظيم الأسرة فى كل محافظة بما يعود بالنفع فى الحد من الزيادة السكانية خاصة وأن الكثير منهم به ترهل فى الأداء وتوفير عناصر أكثر للزيارات الميدانية.
وأبدى "كدوانى" تطلعه لأن يوفر الشراكة مع المجتمع المدنى فى دعم مادى أكبر وبشرى لصالح التصدى للزيادة السكانية.
ويؤكد النائب سامى المشد، أمين سر لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، أن الفترة القادمة تتطلب توسعة التوعية من الرائدات الريفيات على الأخص والتى تعد لغة الحوار المباشرة مع الأسر، خاصة وأن الأعداد الحالية للرائدات الريفيات لا تكفى للتعامل بالأزمة.
وطالب عضو مجلس النواب، بتدريب أكبر للممرضات والأطباء والاستعانة بالرموز المشهورة والمؤثرة فى كل محافظة للتوعية بمدى أهمية هذه القضية وتأثيرها على التنمية، وإتاحة جيدة للوسائل فى الوحدات وحل أزمة أى نقص.
ولفت، إلى أن إشراك المجتمع المدنى سيؤدى لدور توعوى أكبر ومساعدة فى تنفيذ الخطط الميدانية للقاء المباشر مع الأسر وتوعيتهم.
ويقول الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومى للسكان السابق، إن أبرز التحديات التى تواجه خطة تنظيم الأسرة تتمثل فى قلة عدد الأطباء خاصة النساء وقلة تدريبهم وخبرتهم، خاصة المكلفين من الخريجين الجدد، سوء توزيع الأطباء وتكدسهم فى المناطق المركزية ومحافظات الوجه البحرى ويقل عددهم فى المناطق النائية ومحافظات الصعيد والمناطق الريفية، كما أن الأطباء سرعان ما يتركوا الرعاية الأساسية بعد انتهاء تكليفهم، عدم تغطية جميع المناطق الجغرافية بخدمات تنظيم الأسر، وقلة عدد العيادات المتنقلة وعدد مرات زياراتها للمنطقة الواحدة وأيضا قلة عدد الأطباء ( والطبيبات خاصة )، وعدم تفعيل وسائل المتابعة والتقييم، وتراجع نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول
وشدد "حسن "، على أنه لابد من حل أزمة نقص مقدمى الخدمة بتعزيز كفاءة وتواجد مقدمى الخدمة حيث أن أحد أهم المشكلات الحقيقية هى قلة عدد الأطباء مقدمى الخدمة فهناك 3183 منطقة محرومة من خدمات تنظيم الأسرة وحوالى 1250 وحدة رعاية أساسية لا يوجد بها طبيب ولعل هذا هو جوهر المشكلة فى تقديم خدمات تنظيم الأسرة فى مصر، لذلك حان الوقت لاتخاذ خطوات جادة وتنفيذية فى برامج الـ Task sharing.
واعتبر، أنه لابد من توسيع قاعدة التعاقد مع الأطباء والعمل على دمج التدريب على خدمات الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، كأساس فى النظام التعليمى الجديد فى كليات الطب فى سنتى الامتياز وفى امتحان الترخيص المزمع عقده حتى ينهى الطبيب تدريبه الأساسى قادرا على تقديم الخدمة ولا يحتاج للتدريب عليها بعد تكليفه، مقترحا تفعيل دبلوم طب الأسرة بالزمالة المصرية والذى يساعد على تخريج من 600 إلى 800 طبيب سنويا مؤهلين للعمل كقوة عمل دائمة فى وحدات الرعاية الأساسية وتقديم خدمات تنظيم الأسرة وهو تدريب يدعم نظام التأمين الصحى الشامل وبرامج تنظيم الأسرة.
ولفت، إلى أنه يمكن انشاء بروفايل سكانى لمصر حيث أن كل محافظة وكل مركز وكل ادارة لها طابع وظروف مختلفة ليجعل من السهل تحليل كل منطقة ووضع الخطط التى تتناسب مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، واستخدام المعلومات المتاحة من نظام تسجيل البيانات الحيوية الإلكترونى فى مراكز الصحة عن المواليد وسن الأمهات وترتيب المولود فى الأسرة لحساب معدل الإنجاب الكلى على المستوى القومى ومستوى المحافظات سنويا مما يتيح تركيز الجهود للأماكن ذات معدلات الإنجاب العالية أولا بأول.
وتابع، " لابد من اتباع سياسة التسويق الاجتماعى عند وضع خطط الاعلام الخاصة بالترويج لوسائل تنظيم الأسرة وذلك لتوسيع نطاق الوصول إلى وسائل منع الحمل الفعالة من حيث التكلفة وتوفير المزيد من منافذ البيع لسهولة الوصول إليها عن طريق تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص بدءًا بالمناطق المحرومة والنائية وذات معدلات الإنجاب والحاجة غير المبالاة العالية وهو ما يتيح تغطية جغرافية أفضل ويساعد فى تقليل العجز فى الأطباء مقدمى الخدمة، ويمكن التعاقد مع الأطباء لتقديم الخدمة من خلال عياداتهم وتوفير الوسائل لهم بسعر مدعوم مقابل تقديم خدمة مخفضة وتشديد الرقابة على صرف الوسائل والحصول على بيانات المستخدمات وربط عيادات وصيدليات القطاع الخاص بأقرب الوحدات الصحية. وتنظيم ومراقبة حملات تنظيم الأسرة ".
وشدد، على أنه لابد من وضع آليات للتقييم والمتابعة بحيث تكون جهة التقييم منفصلة تماما عن جهة التنفيذ وهذا هو اهم مبادئ الحوكمة، حيث أن أحد أهم المشكلات فى برنامج تنظيم الأسرة فى مصر أن التنفيذ والتقييم والمتابعة تقوم به نفس الجهة وذلك خلاف ما هو متبع فى العديد من البرامج الدولية، لذا لابد من إنشاء لجنة عليا لتقييم العمل ومتابعة تنفيذ الخطة السنوية ومراقبة التدريب ومنع الازدواجية فى صرف المخصصات المالية لبرنامج تنظيم الأسرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة