استكمالا لقضية الانتخابات ودور مجلس النواب القادم، هناك ضرورة لأن تكون هناك ممارسة برلمانية تختلف عما جرى فى البرلمان الحالى، والذى كان عليه عبء إنتاج التشريعات المكملة للدستور، وتعديل الكثير من القوانين بما يتماشى مع التطورات العصرية، وقد كانت هناك، ولا تزال، تشريعات متراكمة تكاد تتناقض وتتعاكس أثناء الممارسة.
يضاف إلى ذلك، أن وجود مجلس الشيوخ بجانب «النواب»، ربما يتيح الفرصة لتوسيع دائرة النقاش حول احتياجات المجتمع من التشريعات، على سبيل المثال وليس الحصر، يحتاج مجلسا الشيوخ والنواب لمناقشة قوانين المرور وتفعيلها، والبحث عن حلول لمواجهة أزمات التوك توك ومشكلات الطرق، ومناقشة واسعة لمشروعات تطوير التعليم والتأمين الصحى، وغيرها، وهى قضايا مطروحة وتتعلق بالمستقبل، ومن المهم أن تكون هناك حوارات مجتمعية لشرحها، وهو دور نظن أن مجلس الشيوخ يفترض أن يقوم به، ليكون جسرا حقيقيا بين المجتمع والدولة.
لا يمكن تجاهل أهمية وجود حياة حزبية نشطة، يمكنها أن تشغل الفراغ القائم، وتلعب دورا سياسيا وثقافيا، فيما يتعلق بالوعى ونشر الثقافة والحوار، خاصة ونحن مجتمع تتجاوز نسبة الشباب فيه 60%، وهؤلاء الشباب لهم أفكارهم وطموحاتهم وطرق تفكيرهم، وهو أمر يجرى فى العالم كله، وأدى لتغيير فى شكل ومضمون ممارسات الأحزاب السياسية، بل وشكل السياسة فى العالم، وأيضا أصبحت تجارب العمل السياسى والاجتماعى مفتوحة بفضل عصر الاتصال وأدوات التواصل، والعالم نفسه أصبح قرية صغيرة كل سكانها يرون ويسمعون بعضهم، وهو أمر يجعل انتقال الأفكار والتجارب والمنافسات واردا ومتاحا.
وفى عصر المعلومات والاتصال، نرى أن الممارسة السياسية والاجتماعية مطروحة، رأينا شكاوى من أمريكا وأوروبا من تدخلات فى توجيه الآراء بشأن الانتخابات، أو استفتاء بريكست، واتهامات لروسيا والصين وغيرهما، وهو ما دعا لاتخاذ إجراءات ومناقشات داخل المجتمعات نفسها، وهو ما يعنى أن عصر المعلومات فرض قواعد جديدة على العالم، وفئات المجتمع، تتطلب التحاور حولها بانفتاح، حتى لا يظل المجتمع مجرد رد فعل، بل يكون فاعلا فيما يجرى بشكل واضح.
هناك تساؤل مهم حول مدى اقتناع المجتمع لدينا بالأحزاب، وأنه لا يقتنع بالعمل الحزبى كثيرا، وهو أمر لا يمكن حسم الإجابة عليه، خاصة أن ما تقدمه الأحزاب هو ما يمكن أن يجذب الجمهور للعمل العام والتطوع، هناك أهمية لأن تكون هناك أحزاب وحركات سياسية معلنة تمارس دورا فى الحوار المجتمعى، وتعمل بجانب الدولة فيما يتعلق بالتقارب والحوار مع الشباب، ودمجه فى المجتمع والعمل العام. حتى يمكن التفاعل فى عملية بناء الوعى، فى عالم تجرى فيه التحولات بسرعة، وتعمل داخله جماعات وتنظيمات تسعى لتوجيه المجتمعات.
هناك اتفاق بين علماء الاجتماع والسياسة على أن العالم الجارى هو الأسرع فى التغير والتحول، وأن هناك ضرورة لتحديث أساليب العمل والتفاعل مع ما يجرى بالعالم.
كل هذا مطروح بمناسبة مجلس النواب الجديد، وبرلمان من غرفتين، يفترض أن يكون قادرا على خوض هذه التحولات ومواجهتها.