أصدرت الدائرة الجنائية "ج" بمحكمة النقض، حكماَ في غاية الأهمية يهم الملايين، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن استئناف النيابة العامة على الأحكام، قالت فيه: " إذا كان اﻻستئناف مرفوع من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها وﻻ الغاء حكم الصادر بالبراءة إﻻ بإجماع أراء قضاة المحكمة".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 25991 لسنة 84 القضائية، برئاسة المستشار محمد عبد العزيز، وعضوية المستشارين مهاد خليفة، وأيمن الصاوى، ومجدى شبانه، وياسر جميل، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض أحمد المغازى، وأمانة سر حنا جرجس.
الوقائع.. اتهام شخص لأخر بسرقة حقوق الملكية الفكرية
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة القاهرة الاقتصادية – قيدت بجدولها برقم 47 لسنة 2013 جنح اقتصادية القاهرة – ضد المطعون ضده لتوقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 181 فقرة 7 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بحماية حقوق الملكية الفكرية، وبإلزامه بأن يؤدى له مبلغ 5001 جنية على سبيل التعويض المدني.
محكمة جنح القاهرة الاقتصادية، قضت حضورياَ بتاريخ 31 من مارس 2013 ببراءة المتهم، مما نسب إليه من اتهام ورفض الدعوى المدنية، بينما استأنف المحكوم عليه، وقيد استئنافه برقم 127 لسنة 2013 جنح مستأنف، وقضى بتاريخ 4 من يونيه سنة 2013 غيابياَ بإجماع الآراء بقبول الاستئنافين وفى موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداَ بتغريم المتهم 5 ألاف جنية ونشر الحكم في جريدتي الأخبار والجمهورية على نفقته، وأن يؤدى إلى المدعى مبلغ 5 ألاف وواحد جنية.
المحكمة تقضى بالبراءة والمدعى يستأنف وثانى درجة تقضى بالتغريم
وعارض بتاريخ 4 من نفومبر سنة 2013، وقضى حضورياَ بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاَ وفى الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المعارض فيه، وأمرت بإيقاف عقوبة الغرامة لمدة 3 سنوات، فطعن المحكوم عليه بوكيل في هذا الحكم بطريق النقض في 4 من يناير سنة 2014، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاَ عليها من المحامى نبيل فتحى، والمحكمة نظرت الطعن منعقده – في هيئة غرفة المشورة – وقررت احالته لنظره بالجلسة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه لما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وايداع الأسباب التي بنى عليها في ظرف 60 يوماَ من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 3 يناير 2014، بيد أنه لما كان ذلك اليوم جمعة وهو عطلة رسمية، فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 4 يناير 2014، لما كان ذلك، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانون، ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
المحكمة: إذا كان اﻻستئناف مرفوع من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها
ووفقا لـ"المحكمة": حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية شابه القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، وذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة، وانتهى إلى عقابه رغم انتفاء الثبوت لديه سائغاَ عن المستندات الدالة على نفى التهمة عنه، وقضى بتعويض مؤقت رغم أن المبلغ المطلوب يدخل في حدود النصاب الانتهائى لمحكمة أول درجة، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وبحسب المحكمة: ومن حيث أنه لما كان البين من المفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتأييد الحكم الغيابى الاستئنافى المعارض فيه من الطاعن والقاضى بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة من محكمة أول درجة دون أن يذكر أنه صدر بإجماع أراء القضاة خلافاَ لما تقضى به المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه: "إذا كان الاستئناف مرفوعاَ من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها ولا إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا باجماع أراء قضاة المحكمة".
والحيثيات تؤكد: وﻻ يجوز الغاء الحكم الصادر بالبراءة إﻻ بإجماع أراء قضاة المحكمة
لما كان ذلك – وكان منطوق الحكم المطعون فيه قد جاء خلواَ مما يفيد صدوره بالإجماع كما خلا محضر الجلسة من إثبات صدور الحكم بالإجماع طبقا للثابت من المفردات، وكان من شأن ذلك، كما جرى قضاء محكمة النقض – أن يصبح الحكم المذكور باطلاَ فيما قضى به من تأييد الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بإلغاء البراءة، وذلك لتخلف شرط صحة الحكم بهذا الإلغاء وفقا للقانون، ولا يكفى في ذلك أن يكون الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بإلغاء حكم البراءة قد نص على صدوره بإجماع أراء القضاة، لأن المعارضة في الحكم الغيابي من شأنها أن تعيد القضية لحالتها الأولى بالنسبة إلى المعارض بحيث إذا رأت المحكمة أن تقضى في المعارضة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بإلغاء حكم البراءة، فإنه يكون من المتعين عليها أن تذكر في حكمها أنه صدر بإجماع أراء القضاة.
وتُضيف" المحكمة": ولأن الحكم في المعارضة وإن صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي إلا أنه في حقيقته قضاء منها بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة من محكمة أو درجة – لما كان ذلك – وكان لهذه المحكمة – محكمة النقض – طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنفض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين، مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم الاستئنافى الغيابى وتأييد الحكم المستأنف الصادر ببراءة الطاعن، وذلك دون حاجة للتعرض لأوجه الطعن المقدمة منه.
1