كان إعلان انهيار الاتحاد السوفيتى، بمثابة النهاية للحرب الباردة، التى لم تشهد مواجهة مباشرة بين القوتين الأكبر فى العالم (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى)، ما جعل السياسيين يطلقون اسم الحرب الباردة كوصف لهذا الصراع، ولعبت حروب الاستخبارات والحروب بالوكالة عن طريق دعم أمريكا لحركات الانفصال الدور الأبرز الذى حسم الصراع لصالح واشنطن فى النهاية بسقوط الاتحاد السوفيتى عام 1991.
وتمر، اليوم، الذكرى الـ29 على إعلان حل الاتحاد السوفيتى، حيث أعلن الرئيس الأخير للاتحاد السوفيتى والحاكم الثامن له منذ إنشائه، ميخائيل جورباتشوف استقالته فى خطاب وجهه إلى الشعب السوفيتى عبر التلفزيون الرسمى للاتحاد السوفيتى، وأعلن تسليم كافة سلطاته الدستورية بما فيها السلطة على الأسلحة النووية الروسية، إلى الرئيس الروسى بوريس يلتسن، وبإعلان "جورباتشوف" تم إنزال علم الاتحاد السوفيتى الأحمر عن مبنى الكرملين للمرة الأخيرة فى التاريخ، ورُفِع محله علم روسيا ثلاثى الألوان.
ونستعرض فى التقرير التالى أهم الكتب التى تناولت هذه المرحلة المهمة من تاريخ العالم:
انهيار النموذج السوفيتى
من أهم المؤلفات السياسية التى ترصد لنا مسار التطورات الكبرى التى جرت فى الاتحاد السوفيتى السابق، ويسلط الضوء على مجرى الأحداث التى عصفت بالأحزاب الحاكمة فى أوروبا الشرقية.
ويبدأ الكتاب بالحديث عن انهيار النموذج السوفيتى، فيتحدث عن الأزمة الاقتصادية والمسألة القومية والإحساس بالقلق والانهيار التراكمى، ثم ينتقل بعد ذلك للحديث عن الأرثوذكسية الجديدة، ورأسمالية الدولة، وأصول رأسمالية الدولة فى أوروبا الشرقية، وتناقضات الرأسمالية وأزماتها، والتفتت الداخلى، وصولًا إلى بناء معارضات اشتراكية.
الزلزال السوفيتي
للكاتب الصحفى الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، وهو فى الأساس مجموعة من التقارير عن زيارة "معينة" إلى الاتحاد السوفيتى فى لحظة "معينة" من حياته فى أجواء "معينة" سادت فيه وقد وقعت جميعا أثناء عملية تاريخية هائلة تداعت وتدافعت فيه تغييرات بدأت "زلزالا" داخل حدوده ثم تدفقت "طوفانا" كاسحا إلى أوربا الشرقية إلى أوربا الغربية إلى بقية العالم يجرب أمامه عقائد سادت وأوضاع رسخت وخرائط تحددت وموازين قوة كان الظن طوال نصف قرن تقريبا أنها فى ثقل الجبال.
الإمبراطورية الأخيرة
لـ سيرهى بلوخى، أستاذ التاريخ الأوكرانى فى جامعة هارفارد الأمريكية، ومن المسائل الأساسية التى يوليها المؤلف اهتمامه فى هذا الكتاب العودة إلى رهانات الحرب الباردة وإلى الأسباب البعيدة والعميقة التى أدّت إلى انهيار الاتحاد السوفييتى الذى كان بعد الحرب العالمية الثانية أحد القوتين العظميين فى العالم، بينما كانت الولايات المتحدة الأميركية هى القوّة الأخرى.
ويشرح المؤلف أن سياسة الولايات المتحدة خلال تلك الفترة اتسمت بقدر كبير من "التناقضات" ومن بين تلك التناقضات القول إن جورج بوش الأب كان لا يريد سقوط غورباتشوف أو انهيار الاتحاد السوفييتى.
دون طريق بلا أثر
رواية من تأليف الروائى الروسى دينيس نيكالايفيتش جوتسكو، ترجمها الكاتب الدكتور أحمد صلاح الدين، وهى واحدة من الأعمال الأدبية التى تنتمى للأدب الروسى الحديث، وتعتبر العمل الأول الذى يظهر باللغة العربية لجوتسكو، وقد حصل بمقتضاها على "جائزة البوكر" الروسية عام 2005.
وتتمحور أحداث الرواية حول مواطن سوفياتى يجد فجأة، ودون أى مقدمات، أن عالمه الذى يعرفه ينهار أمام عينيه، وأن الدولة التى نشأ داخل حدودها، صارت أثراً بعد عين، وقد ترتب على ذلك شعوره أن "هويته ضاعت، وأنه صار غريباً"، وكان لزاماً عليه أن يخوض معركة تمتد بطول الحدث الروائى من أجل الحصول على جواز سفر دولة هو بالأساس أحد مواطنيها، لكنها ترفض الاعتراف بذلك، فقد تغير كل شيء على الأرض، ولم تعد موجودة تلك البلاد التى عرفها وتربى فيها. صارت ذات وجه آخر، وقد ظل خط السرد الأساسى يعود باستمرار إلى محاولة حل معضلة الحصول على الجنسية، وفى لحظات أخرى يتحول إلى حوارات تتميز بنثر شديد الثراء.
ليلى والثلج ولودميلا
فى روايتها الثالثة "ليلى والثلج ولودميلا"، تتناول الروائية الأردنية كفى الزعبى المرحلة الزمنية التى تلت انهيار الاتحاد السوفيتى فى سنوات التسعينيات من القرن الماضي، وتختار مدينة بطرسبرج لتجرى على أرضها أحداث الرواية، وكما يتضح من العنوان المركب فإن كل مفردة من كلمات العنوان الثلاثة ترمز إلى أن قضية ليلى هى البنت العربية الشاهدة على الأحداث والتى ترتبط بعلاقات مع معظم شخوص الرواية. أما الثلج فإنه بطل رئيس فى القصة أيضا، حيث سيحضر فى مواقف مفصلية فى حياة الأبطال، وكما لو أنه عنصر حي، تحديدا مع ليلى التى يكون الثلج بطلا لمواقف مفصلية فى حياتها، لودميلا هنا هى التحول الذى عصف بقوة بالبلد، ونتج عنه سيل من الانهيارات، كما سنشاهد فى الرواية.