عندما تدق عقارب الساعة معلنة بداية العام الجديد، ستكون هناك بداية جديدة لبريطانيا، وللاتحاد الأوروبى ولشكل العلاقة بينهما، فمع دخول اتفاق بريكست، المتوقع تمريره من الجانبين خلال اليومين القادمين، حيز التنفيذ بدءا من الأول من يناير، سيعود لبريطانيا استقلاليتها، وستصبح الكتلة الأوروبية أمام واقع جديد، تبرز فيه قوى أخرى، فى ظل توقعات أن تبتعد بريطانيا كثيرا عن تأسيس روابط عميقة مع الاتحاد الأوروبى، لاسيما فيما يتعلق بالمجال الأمني والسياسة الخارجية.
حيث قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن خطط بريطانيا لإعادة تأسيس روابط أمنية وسياسية مع الاتحاد الأوروبى، والتى تجمدت خلال المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق تجارى، ربما لن يتم إحيائها أبدا، مع تركيز السياسة الخارجية لبريطانيا على الراوبط الثنائية فى أوروبا، وتطوير تحالفات جديدة فى الشرق الأوسط ومنطقة الهند والباسفيك.
وأشارت الصحيفة، إلى أن التجميد يمثل انعكاسا لم يتم مناقشته كثيرا لتفكير يعود إلى فترة رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماى، عنما شمل الإعلان السياسى بشأن انسحاب بريطانيا فى هذا الوقت حديثا عن التفاوض عنة تعميق التعاون بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى.
وكانت ماى، نفسها قد قالت لمؤتمر ميونيخ الأمني فى عام 2018، إن أمن أوروبا هو أمن بريطانيا، والمملكة المتحدة ملتزمة دون شرط بالحفاظ عليه، وأضافت "ماى" وقتها أن التحدى الذى يواجه الجميع هو إيجاد طريق للعمل معا، من خلال الشراكة العميقة والخاصة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى من أجل الحفاظ على التعاون المشترك الذى تم بنائيه والمضى بشكل أكبر فى مواجهة التهديدات المتطورة أمامهم.
ولفتت الصحيفة، أن تحول بريطانيا عن سياسة تيريزا "ماى" لم يتم إعلانه رسميا من أيا من الجانبين، ولم يتم مناقشة تداعيات الأمر بشكل كبير.
وتذهب الصحيفة، إلى القول بأنه بالنسبة للاتحاد الأوروبى، ومع محاولته أن يكون له سياسة خارجية خاصة به، فإن الخوف يتمثل فى أن بريطانيا يمكن أن تقوض معايير سياسته الخارجية بنفس الطريقة التى يخشى بها أن تنحرف فيها بريطانيا فى معايير التجارة، إلا أن الدبلوماسيين فى بريطانيا يعتقدون أن لندن بعد بريكست قد أظهرت بالفعل قدرا من الاستقلال، فى الوقت الذى يتطلب فيه اتخاذ القرار من الاتحاد الأوروبى موافقة كافة الدول الأعضاء.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، إن فرنسا وألمانيا تستعيدان زمام الأمور مع خروج بريطانيا من المدار الاقتصادى للاتحاد الأوروبى، مضيفة أن الكتلة الأوروبية قد أظهرت تماسكا أكبر، لكن الصراعات الأساسية لا تزال قائمة.
وأشارت الصحيفة، فى تقريرها إلى أن بريطانيا طالما لعبت دورا خاصا داخل الاتحاد الأوروبى باعتبارها قوة نووية، وعضو دائما فى مجلس الأمن الدولى، والتي يحظى موقفها باهتمام واشنطن، كما أنها أحد صقور الميزانية التي أصرت على إبقاء إنفاق الكتلة قيد المراجعة.
وكان بعض مسئولي الاتحاد الأوروبى، يشعرون بالقلق من أن خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية، اعتقادا منهم أن خروج "بريطانيا" يضعف الاتحاد الذى تعرض لضغوط منذ تصويت بريطانيا لصالح بريكست فى 2016، فقد أدى هذا الاستفتاء إلى وضع الاتحاد الأوروبى أمام خطر التفكك وعزز من موقف الجماعات المتشككة فى أوروبا من إيطاليا وحتى المجر.
لكن بدلا من ذلك، ومع استعداد بريطانيا لمغادرة المدار الاقتصادى الأوروبى فى الأول من يناير، استعاد الاتحاد الأوروبى الثقة، وساعده على ذلك نسبيا إحياء الشراكة الألمانية الفرنسية وشجعه الوصول المرتقب لإدارة بايدن، وفى غضون ذلك، فإن باريس التي تعد لاعب السياسة الخارجية المهيمن حاليا فى الكتلة، تقود نقاشا حول كل شىء بدءا من العلاقات مع واشنطن وموسكو وحتى توسيع القدرات العسكرية للاتحاد الأوروبى.
وتذهب الصحيفة، إلى القول بأن اتفاق بريكست، الذى من المتوقع أن توافق عليه الدول الأوروبية، غدا الثلاثاء، والبرلمان البريطانى، سيبدأ تنفيذه يوم الجمعة، وقد رحب به كبار أعضاء البرلمان الأوروبى من كبرى الأحزاب بالفعل.
وأكدت الصحيفة، أن أحد الأمور الأساسية لإحياء منطقة اليورو هو الشراكة الألمانية الفرنسية، التي اكتسبت قوة بخروج الدولة الوحيدة العضو فى الاتحاد الأوروبى، التي كانت تعادلهم من حيث الاقتصاد والاهمية الاستراتيجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة