أصدرت الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض، حكماَ يهم ملايين المتعاقدين، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن دور العقود في تنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، قالت فيه: " سريان القانون، يتمثل نطاقه على المراكز القانونية الناشئة بعد نفاذه، وأن المراكز القانونية التي نشأت واكتملت قبل نفاذ القانون الجديد، وخضوعها للقانون القديم الحاصلة فى ظله".
وعن تفسر العقود قالت: "المقرر ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير صيغ العقود والمحررات بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها، والمناط فى ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 4338 لسنة 86 القضائية، برئاسة المستشار عبدالله الأعصر، وعضوية المستشارين عطية زايد، وعلاء أحمد، ومصطفى عبد الرحمن، وأيمن كريم، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض هشام عبد الرازق، وأمانة سر جبيلى سيد محمد.
عقد الإيجار وانتهاءه وتشريعات إيجار الأماكن
قضاء دوائر الإيجارات بمحكمة النقض، أوضح العديد من الأمور الهامة خلال الحكم الخاصة بتعريف عقد الإيجار وانتهاءه وتشريعات إيجار الأماكن عن طريق نطاق سريانها من حيث الزمن وتفسير العقد ومدى سلطة محكمة الموضوع فى تفسير العقد.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن المقرر ــ فى قضاء محكمة النقض ــ أن الأصل فى أن القانون يسرى بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو فى انقضائها، وهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت، واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذي حصلت فى ظله، كما أن أحكام القانون 4 لسنة 1996، سريانها بأثر فوري على العقود المبرمة ابتداءً من اليوم التالي لتاريخ نشره، وعدم سريانها بأثر رجعي على العلاقات الإيجارية السابقة عليه، فضلاَ عن أن خضوعها لتشريعات إيجار الأماكن التي تمت فى ظله م 1 , 2 , 4 من القانون المذكور.
عقود الإيجار وسريانها من حيث الزمن
وبحسب "المحكمة" - فى قضاء محكمة النقض – المقرر أن النص فى المواد الأولى والثانية والرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت أو تنتهى عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها يدل على أن أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 – الذى أخضع عقود إيجار الأماكن للقانون المدنى – تسرى بأثر فورى على العقود التى تُبرم ابتداءً من اليوم التالى لتاريخ نشر ذلك القانون، ولا تسرى بأثر رجعى على العلاقات الإيجارية التى تمت قبل ذلك وما زالت سارية والتى تخضع لتشريع إيجار الأماكن الذى حصلت فى ظله بحسبانه القانون واجب التطبيق آنذاك .
ووفقا لـ"المحكمة" - إبرام عقد إيجار عين النزاع بعد نشر ق 4 لسنة 1996، وأثره يتمثل فى خضوعه لأحكام القانون المدني، حيث أن النص فيه على نفاذه بتاريخ سابق على إبرامه لا أثر له، وعلة ذلك العبرة بتاريخ إبرام العقد وليس نفاذه، بينما النعي على الحكم المطعون فيه إعراضه عن الدفع بصورية عقد الإيجار لوروده على محل وليس أرض فضاء يكون غير مقبول، وعلة ذلك نعي لا يحقق للشركة الطاعنة سوى مصلحة نظرية بحتة .
إذ كانت الشركة الطاعنة قد تمسكت بصورية عقد الإيجار موضوع الدعوى صورية نسبية لوروده على محل وليس على أرض فضاء وصولاً لإخضاع هذا العقد لأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، وكان البين من الأوراق أن هذا العقد قد أُبرم – بما لا خلاف عليه بين الخصوم – بتاريخ 17 مايو 1997 بعد نشر القانون رقم 4 لسنة 1996 – الذى نُشر فى 30 يناير 1996 – ومن ثم فإن هذا العقد يخضع لأحكام القانون المدنى , دون أن يغير من هذا النظر النص فيه على أن تبدأ مدة الإيجار من وضع يد المستأجر السابق فى 1 أبريل 1984، ذلك أن المعول عليه فى تطبيق أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 – على ما سلف بيانه – هو تاريخ إبرام العقد وليس نفاذه، ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه – أياً كان وجه الرأى فيه – لا يحقق للشركة الطاعنة سوى مصلحة نظرية بحتة لا يعود عليها فائدة منه وبالتالى غير مقبول .
لمحكمة الموضوع السلطة فى تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها
المقرر - فى قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير صيغ العقود والمحررات بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها، والمناط فى ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
إذ كان الثابت – مما حصله الحكم الابتدائي – أن البند الأول من عقد الإيجار المبرم بين الطرفين قد نص على أن " مدة الإيجار 30 عاماً تبدأ من تاريخ وضع العين المؤجرة تحت يد المستأجر السابق فى 1 أبريل 1984 وتنتهي – إذا لم تجدد بإخطار – فى 31 مارس 2014، وأنه يجوز تجديد مدة العقد لفترة أخرى مماثلة وفى هذه الحالة يجب على الطرف الثاني "المستأجر" أن يقوم بإخطار الطرف الأول "المؤجر" عن رغبته في التجديد قبل نهاية مدة الثلاثين سنة الأولى بستة أشهر على الأقل ".
الأخذ بالمعنى الظاهر للعبارات والألفاظ بين المتعاقدين
وكان المعنى الظاهر لتلك العبارات اتفاق الطرفين على جعل حق تجديد العقد بالتنبيه مقصوراً على المستأجر - الشركة الطاعنة - وهو اتفاق لا مخالفة فيه للقانون وملزماً لهما طالما أنه يُعرف منه متى يبدى المستأجر الرغبة فى انهاء العقد، وأن هذا العقد يتجدد لمدة أخرى واحدة يُعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها فيكون على هذا النحو عقدا مؤقتاً ينتهى بانتهاء المدة الثانية، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بانتهاء عقد الإيجار بانتهاء مدته على سند من أن الاتفاق بين الطرفين على قصر حق تجديد العقد بالتنبيه على المستأجر يجب أن يتلاقى مع قبول المؤجر لهذه الرغبة، وهو تفسير لا تحتمله عبارات العقد فى جملتها وتخرج عن ظاهر مدلولها وإرادة المتعاقدين الواضحة، فإنه يكون معيباً .