تعود استراتيجية صناعة السيارات لدائرة الضوء مرة أخرى تحت قبة البرلمان، وذلك بعد أن ظهرت الاستراتيجية فى عهد وزير الصناعة والتجارة الأسبق المهندس طارق قابيل عام 2016، وتمت إحالتها للبرلمان، وشهدت المناقشات آنذاك اعتراضات العديد من صناع السيارات خاصة الأوروبية وأعادها البرلمان للحكومة مرة أخرى، ولم تظهر من وقتها، وتعقد لجنة الصناعة بمجلس النواب، برئاسة المهندس محمد فرج عامر، جلسة استماع اليوم الثلاثاء حول استراتيجية صناعة السيارات والصناعات المغذية لها فى ضوء التطور التكنولوجى وانتشار السيارات الكهربائية، وذلك بحضور الدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة.
من ناحيته قال النائب طارق متولى، عضو لجنة الصناعة بالبرلمان، إن الوقت الحالى يشهد اهتماما بالغا من جانب الدولة وأجهزتها بصناعة السيارات فى مصر، خاصة فى ظل توجه الدولة نحو تعزيز الصناعات الثقيلة ودعمها وجعل مصر مركزا للتصنيع فى المنطقة، لافتا إلى أن تصنيع سيارة مصرية 100% يبدأ بجذب كبرى شركات صناعة السيارات العالمية للاستثمار والتصنيع في مصر، كما فعلت العديد من الدول مثل جنوب أفريقيا والمغرب وغيرهما، وأن تكون سيارات تستطيع الطبقة الوسطى الإقبال عليها، وأن يتم تخصيص أراض لإقامة مناطق صناعية متخصصة لتجميع كافة الشركات والصناعات المغذية للسيارات في مكان واحد، وأن تخضع تلك المناطق لمعاملات استثمارية وجمركية مخفضة، بغرض اجتذاب كبرى شركات صناعة السيارات في العالم للتجميع في مصر.
وطالب متولى بضرورة إصدار قانون إستراتيجية صناعة السيارات في أسرع وقت وإنهاء حالة الغموض التي تحيط به، خاصة أن وزارة التجارة والصناعة أعلنت أنه يجري العمل على تطبيق نموذج المغرب وسلوفاكيا عبر الاتفاق مع عدد من الشركات المصنعة للتركيز على موديلات معينة وتجميعها بكميات كبيرة مع منح حوافز لهذه الشركات كلما زادت هذه الكميات وكلما زاد تصديرها، وحتى الآن لا جديد في هذه الصناعة المهمة.
وأشار النائب إلى أن قطاع السيارات هو أحد أهم الأنشطة التجارية والصناعية والاستثمارية والخدمية لمؤشرات خطط التنمية الاقتصادية في أي دولة، وأنه لابد من السير على خطى العديد من الدول العربية والأفريقية الرائدة في صناعة السيارات عبر منح التسهيلات الجمركية والضريبية، بالإضافة إلى تهيئة البنية التحتية والإستراتيجية من طرق وموانئ وغيرها، على أن تهتم الدولة بالنهوض بالصناعات المغذية الداخلة في تكوين السيارات.
يُذكر أنه قد أُعلن عن الاستراتيجية فى سبتمبر 2016 فى عهد الوزير الأسبق المهندس طارق قابيل، وتعتمد الاستراتيجية على 3 محاور، وهى زيادة التصنيع المحلى للسيارات ومكوناتها "قطع الغيار"، وزيادة الانتاج "الكمى" لمصانع السيارات المصرية بحيث لا يقل الإنتاج عن 40 ألف سيارة للمصنع الواحد سنويا، كذلك زيادة نسبة التصدير سواء للسيارات او مكونات تصنيع السيارات، ومن ضمنها قطع الغيار.
كما تنص بنود الإستراتيجية على منح كل مصنع مصرى يطبق الإشتراطات الخاصة بزيادة نسبة الإنتاج، سواء للسيارات أو مكونات التصنيع، يحصل على ميزات جمركية وضريبية، على رأسها خفض الجمارك على مكونات التصنيع المستوردة من الخارج لصالح المصانع من 40% إلى 10%، وهو ما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السيارات المصنعة فى مصر عن أسعار السيارات المستوردة من الخارج حوالى 30%، خاصة ان الاستراتيجية تهدف إلى زيادة نسبة المكون المحلى فى السيارات المصنعة محليا من 45% إلى 60%.
وفى يناير 2017 بدأت لجنة الصناعة برئاسة المهندس أحمد سمير، رئيس اللجنة وقتها، مناقشة الاستراتيجية بحضور وكلاء كبرى الشركات العاملة فى صناعة السيارات، ولم يلقى المشروع قبولا لدى العديد من صناع السيارات، خاصة الشركات الأوروبية، وكان هناك مطالب بإلغاء شرط الإنتاج الكمى، كما حذرت رابطة مصنعى السيارات من إقرار الاستراتيجية، مؤكدة أنها ستؤدى إلى زيادة الأسعار على سيارات الركوب بنسب تتراوح بين 30% إلى 135%، ما يؤدى لزيادة الأسعار.
وفى يونيو 2017 بدت الأمور أكثر وضوحا، بعد أن أعلن رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان وقتها، أحمد سمير، أن الاستراتيجية ستعود للحكومة مرة أخرى للتعاقد مع مكتب استشارى أجنبى لإعداد استراتيجية جديدة تناسب الحالة المصرية وتسهم فى دخول مصر مرة أخرى مجال صناعة السيارات، إلا أنهها لم تظهر للنور مرة أخرى حتى يومنا هذا.
ومع تعيين المهندس عمرو نصار وزيرا للتجارة والصناعة عاد ملف صناعة السيارات للضوء مرة أخرى، وخرج علينا الوزير السابق فى يوليه 2018 فى بيان رسمى لينفى ما تردد بشأن إلغاء الحكومة لاستراتيجية صناعة السيارات، وأعلن وقتها أنه يجرى إجراء مراجعة وتقييم لوضع صناعة السيارات والصناعات المغذية لها بهدف التوصل إلى رؤية واضحة لمستقبل أفضل من حيث الكفاءة والفاعلية لصناعة السيارات ومكوناتها فى مصر.
فى الوقت الذى نفى فيه الوزير السابق نية الحكومة لإلغاء الاستراتيجية، كان المستثمرين والعاملين بمجال صناعة السيارات داخل مصر وخارجها يتعاملون باعتبار أنه لا وجود لهذه الاستراتيجية من الأصل، وفى ديسمبر 2018 صرح نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن الشركات لم تعد تنتظر استراتيجية صناعة السيارات، معتبرا إياها غير موجودة بقوله: "مفيش استراتيجية صناعة سيارات خلاص".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة