ونحن نتحدث عن الفساد نتعرض لحالات من المرتشين والفاسدين فى جهات كثيرة، اغلبها ترتبط بكبار المسؤولين، وخلال السنوات الأخيرة قبضت الرقابة الإدارية على عدد كبير من رؤساء الأحياء ومحافظ، ومرات كثيرة قلنا عن الفاسد ليس بالضرورة هو المحتاج، وأن القابلية للفساد فى حالات الكبار من ذوى الرواتب المرتفعة وأغلب الحالات التى سقط أصحابها خلال العقود الأخيرة هى لمسؤولين رواتبهم كبيرة ويحصلون على بدلات ومخصصات، لكنها لا تمنعهم من قبول الرشوة والاتجار فى وظائفهم.
ووسط هذا الفساد تظهر نماذج لمسؤولين يرفضون الرشوة أو بيع نفوذهم مقابل ملايين، بالرغم من توفر الظروف الموضوعية والحاجة إلى المال. وهو أمر ينفى فكرة التعميم، ويشير إلى أن هناك دائما مسؤولين كبارا يرفضون الرشوة، حتى لو كانت الظروف تتيح لهم هذا.
آخر نموذج لمسؤول شريف الدكتور عمرو رشيد، نائب رئيس هيئة الإسعاف، الذى رفض رشوة قدرها 4 ملايين جنيه لترسية مناقصة لصيانة السيارات التابعة لهيئة الإسعاف على مستوى الجمهورية على إحدى الشركات بمبلغ 46 مليون جنيه.
بادر الدكتور عمرو بإبلاغ هيئة الرقابة الإدارية عن محاولة وإصرار صاحبى شركة خاصة فى مجال صيانة السيارات بإقناعه لقبول أربعة ملايين جنيه ليحصلا على عقد صيانة سيارات الهيئة محل عمله. هيئة الرقابة الإدارية أجرت تحرياتها وتأكدت من الواقعة. وبالفعل تم ضبط المتهمين حال قيامهما بتسليم 2 مليون جنيه مقدم الرشوة وتم إثبات جريمتهما، وكشفت التحقيقات عن أن هناك مخالفات أخرى لهما مع مسؤولين بهيئة الإسعاف، قبلا الاتجار بوظيفتهما نظير المال الحرام.
بما يعنى أن نائب رئيس هيئة الإسعاف رفض ما سبق وقبله غيره، وهو الفرق بين فاسد وآخر شريف، هيئة الرقابة الإدارية برئاسة الوزير شريف سيف الدين أصدرت بيانا حول الواقعة ذكرت فيه أنه خلال يوم واحد من نشاط الهيئة تم ضبط ثلاث وقائع رشوة فى مجالات مختلفة منها واقعة عرض رشوة لم تقبل من نائب رئيس هيئة الإسعاف«، فى نفس الوقت تم ضبط باحث قانونى فى الشهر العقارى بمحافظة الدقهلية، طلب خمسة ملايين جنيه نظير إنهاء إجراءات تسجيل قطعة أرض بمدينة المنصورة وضبط عند تقاضيه مبلغ 500 ألف جنيه مقدم الرشوة.كما تم ضبط مدير عام مساعد ومدير عام مشروعات الطرق بشركة عامة تنفذ أعمال مقاولات ضبطا عند تقاضى 350 ألف جنيه مقدم رشوة، نظير إنهاء واعتماد إجراءات صرف مستخلصات لشركة خاصة.
هناك فرق بين مسؤول يقبل رشوة، وآخر يرفضها، حيث القابلية للفساد تتيح للبعض قبول المال الحرام، بينما يرفض نائب رئيس هيئة الإسعاف، بيع وظيفته، حيث تحصل الشركة الفاسدة على 46 مليون حنيه تدفع مقابلها 4 ملايين، بل إنها سبق ودفعت رشاوى لآخرين سابقين يفترض أنهم فى الطرق للسقوط فى أيدى الرقابة الإدارية.
وعند تأمل أحوال الفساد، نكتشف أن هناك بالفعل سلطات تتركز فى أيدى مسؤولين تتيح للقابلين منهم للفساد بيع وظائفهم وسلطاتهم، وأن جهود الأجهزة الرقابية مشكورة، لكن من المهم تعديل النظام الإدارى الذى يركز السلطات فى أيد محدودة تجعل إمكانية الفساد قائمة. ثم إن الفاسدين أو أغلبهم يكنون أثرياء ودخولهم كبيرة ومع هذا لا يترددون فى قبول الرشوة، بينما يرفضها من هم مثل نائب رئيس هيئة الإسعاف، الذى يستحق التكريم، حتى لو كان يفعل ما هو طبيعى، لكنه يبدو استثناء فى بعض الأحيان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة