"المجلات الثقافية" حضور بطعم الغياب؟.. غياب التمويل أبرز المشاكل

الخميس، 13 فبراير 2020 09:00 م
"المجلات الثقافية" حضور بطعم الغياب؟.. غياب التمويل أبرز المشاكل صورة أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قامت المجلات الثقافية فى مصر، منذ أواخر القرن التاسع عشر، وحملت على عاتقها رفع الوعى ومواجهة الأفكار الظلامية، ولعبت دورًا كبيرًا فى إضفاء أجواء التنوير والمعرفة لأكثر من قرن ونصف من الزمان، حيث ظلت هذه المجلات بمثابة سفير مجلل بالمعرفة ينتقل بين الحدود العربية.
 
شهدت المجلات الثقافية فى الماضى ميلاد لكبار الأدباء والمفكرين، الذين طالما أثروا الحياة المصرية بموضوعات وأطروحات مهمة استقطبت اهتمامات فئات كبيرة من المصريين، لكن فى السنوات الأخيرة شهدت تراجع كبير، بل أصبحت منفصلة عن الواقع الثقافى المصرى، واختفت القامات الفكرية الكبيرة من الكتابة فيها.
 
fadaad-090516-1
 
وبعيدًا عن الصفحات الثقافية فى الجرائد والصحف المصرية، هناك العديد من المجلات الأدبية والثقافية التى تصدر بشكل دورى فى الوسط المصرى، منها من تصدر عن مؤسسات صحفية وهيئات ثقافية وبعضها عن أحزاب ومؤسسات أهلية ودور نشر خاصة، بداية من مجلة الهلال ومجلة أخبار الأدب، مرورا بمجلة "الثقافة الجديدة" ومجلات "عالم الكتاب"، "فنون"، "إبداع"، "فصول"، و"القاهرة"، ومجلة "أدب ونقد" التي تصدر عن حزب التجمع، شهريا منذ عام 1984، و"ميريت الثقافية" الصادرة عن دار ميريت للنشر.
 
journaux_arab_955677650
 
وشهدت الملاحق الثقافية التى كانت تتميز بها بعض الصحف الحكومية والحزبية والمستقلة، تراجع حاد فى الفترة الأخيرة، منها أزمات خاصة بعدم اهتمام قطاع كبير من الجمهور بقراءة الصحف والمجلات الثقافية، فضلاً عن الأوضاع المادية المتدنية وغياب التمويل الذى يكاد يدفع عدداً كبيراً من الدوريات الثقافية إلى التوقف، أبرزها كان توقف مجلة "الآداب البيروتية" العريقة، ومن بعدها توقفت مجلة دبى الثقافية، وتحويل مجلة "مسرحنا" إلى إلكترونية، فضلا عن النشر غير منتظم لمجلات مثل "أمكنة" الفصلية للشاعر علاء خالد، كذلك توقف مجلة "تحديات ثقافية"، التى كان يصدرها الشاعر مهدى بندق، لكن بعيدًا عن أزمات التمويل، هناك أيضا أزمات ومشاكل أخرى أثرت على شكل الصحافة الثقافية فى مصر والوطن العربى.
 
 
الكاتب الصحفي محمد شعير، يرى أن مشكلة الصحافة الثقافية هى نفس مشكلة الصحافة العادية فى كل مكان فى العالم، موضحا "الصحافة الثقافية كانت فى وقت نشأتها أدبية وثقافية، بمعنى أن ما قام بتأسيسها كان مجموعة من الأدباء والمفكرين وهو الأمر الذى لم يعد متوفر الآن فى كثير الصحف الثقافية.
 
وأضاف "شعير"، أن  بعض الجرائد تتعامل مع الصحافة الثقافة على إنها "زيادة ودمها تقيل ولا يهتم بها القارئ"، مما جعل صفحات الثقافة أكثر الصفحات عرضة للحذف والتأجيل.
 
وأتم محمد شعير، في تقدير مشكلة الصحافة الثقافية أيضا، هو كيفية تقديم صحافة عميقة وفى نفس الوقت لا تكون ثقيلة وخالية من المصطلحات الصعبة، وأن تكون جاذبة للقارئ، بحيث نقدم موضوعات بشكل أدبى مبسط ورشيق، البساطة التى كان يتحدث عنها طوال الوقت الأديب الكبير يحيى حقى، وهو ما يحتاج إعادة تفكير للعديد من الصحف الثقافية والصحفيين أيضا.
 
 
من جانبه تذكر الكاتب هشام أصلان، مدير تحرير مجلة إبداع، موقفا حدث أثناء تشييع جنازة الشاعر الكبير سيد حجاب منذ ثلاث سنوات، حيث سمع إحدى الصحفيات، تقوم بإملاء زميلة لها أسماء الحضور ومنهم اسم الأديب صنع الله إبراهيم والذى لم يحضر من الأساس.
 
وأوضح "أصلان"، إلى أنه قبل أن يفكر في السخرية من أداء الزميلة، تذكر أن هذا وضع طبيعى جدًا فى ظل اختفاء الصحافة الثقافية من مصر تقريبا، معتبرًا أن كثيرا ممن يعملون بالصحافة الآن يعملون فى مهنة غير مهنتهم، وذلك كون المؤسسات الصحفية أصبحت تضع صفحة الثقافة فى آخر اعتباراتها، فطبيعى أن تتفاقم المشكلة، خاصة في ظل انهيار حاد يحدث في أوضاع الصحافة خلال السنوات الأخيرة، ويبقى التعويل الأخير على المطبوعات الثقافية المتخصصة التى يرتبط خط صعودها أو هبوطها بوجود أفراد بعينهم على رؤوس هيئات التحرير أو عدم وجودهم وليس ارتباطا بأي شيء آخر.
 
وأكد "أصلان" أن المشكلة الحقيقية هى أنه حتى هؤلاء الأفراد قد يصابون بالملل من استمرار مقاومة الظروف السيئة التى تقابلهم، حيث تلك المطبوعات تابعة لمؤسسات ممتلئة بمشاكل متراكمة بداخل هيكلها الوظيفى شأن أى مؤسسات حكومية لم تجد حلولا كبيرة لمشاكل الروتين والموظفين وما إلى ذلك.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة