تبنى مجلس الشعب السورى بالإجماع فى جلسته العاشرة من الدورة العادية الثانية المنعقدة اليوم الخميس، برئاسة حمودة صباغ رئيس المجلس، قرارا يدين ويقر جريمة الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأرمن على يد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين.
وأدان مجلس الشعب السورى وأقر بجريمة الإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين كما يدين أى محاولة من أى جهة كانت لإنكار هذه الجريمة وتحريف الحقيقة التاريخية حولها ويؤكد أن هذه الجريمة هى من أقسى الجرائم ضد الإنسانية وأفظعها.
وأضاف المجلس - بحسب وكالة سانا - إن المجلس إذ يعبر عن تعاطفه الكامل مع الشعب الأرمنى الصديق يقر أن الأرمن والسريان والاشوريين وغيرهم كانوا ضحية عمليات تصفية عرقية ممنهجة ومجازر جماعية على يد العثمانيين فى تلك الفترة ويدعو برلمانات العالم والرأى العام العالمى والمجتمع الدولى بأسره لإقرارها وإدانتها.
وفى كلمة له قال رئيس المجلس: إننا ونحن نعيش عدواناً تركياً يستند إلى الفكر العثماني البغيض نتذكر بخالص الألم والأسى الجريمة النكراء التي ارتكبها أجداد أردوغان ضد الشعب الأرمني الصديق في إطار إبادة جماعية وقتل الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، مشيرا إلى أن السوريين هم الأكثر معرفة بهذا النوع من الجرائم العنصرية البشعة كونهم يتعرضون لهذا النوع من الإرهاب الوحشى نفسه ومن المجرم نفسه ولأن سوريا استقبلت الهاربين من وحشية النظام العثمانى الذين وجدوا لديها ملاذا وأمانا.
ولفت رئيس مجلس الشعب السورى إلى أن جرائم الإبادة البشعة ضد الشعوب لا يمكن أن تموت بالتقادم وخاصة أن العثمانية الجديدة تستخدم الأساليب الإجرامية نفسها وبالتالى أمام البشرية اليوم واجب إنسانى وأخلاقى وسياسى لإقرار هذه الجريمة وعدم نكرانها وإدانتها بكل قوة.
وأكد ان إبادة أكثر من مليون ونصف مليون أرمنى ليست مجرد حادث تاريخى وإنما هى علامة سوداء فى تاريخ البشرية تشبه جرائم الصهيونية المستمرة لذلك فهي تستوجب الإدانة والإقرار لمنع أى قوة غاشمة بما فيها نظام أردوغان من التجرؤ على تكرار مثل هذه الجريمة النكراء.
وختم صباغ بالقول إن "تصدى جنودنا الأبطال وشعبنا الأبى بقيادة الرئيس بشار الأسد للعدوان التركى الغاشم عمل تاريخى إذ إنه يهدف إلى منع ظهور وحش عثمانى جديد يستكمل الجرائم العثمانية القديمة كما انه دفاع عن حاضرنا ومستقبلنا واستقلالنا وحريتنا."
من جانبها أكدت عضو مجلس الشعب السورى نورا أريسيان رئيسة جمعية الصداقة السورية الأرمنية أن إقرار جريمة إبادة الأرمن وإدانتها يسهم فى منع تكرار هذه الجرائم بأشكال مختلفة كما يحصل من خلال الحرب الارهابية التى تشن على سوريا ولا سيما مع بروز الوجه العدوانى لتركيا.
وبينت أن هذا الاقرار من أهم المبادئ والاهداف الوطنية لتعزيز القيم والحقوق والأمن وبمثابة إعادة العدالة التاريخية للشعب الارمني ولا سيما للسوريين الأرمن الذين أضحوا جزءا لا يتجزأ من النسيج السوري وأثبتوا وطنيتهم طوال عقود عديدة.
وتعد مذبحة الأرمن من أشهر الكوارث التى وقعت فى القرن العشرين وهى الإبادة الجماعية للشعب المسيحى من أصل أرمينى على يد العثمانيين سنة 1915، حيث كان هناك ما يقرب من 1.5 مليون أرمينى يعيشون فى الإمبراطورية، وتوفى نحو مليون إنسان خلال هذه الكارثة.
,هذه المجزرة ارتكبتها السلطات العثمانية بدعم من القوات المساعدة والمدنيين، فخلال الفترة بين 1915 و1916، قتل العثمانيون عددًا كبيرًا من الأفراد فى عمليات إطلاق نار جماعية، ولقى كثيرون حتفهم خلال عمليات الترحيل الواسعة نتيجة للمجاعة والجفاف والتعرض للمخاطر والأمراض، إضافة إلى ذلك تم إبعاد عشرات الآلاف من الأطفال الأرمن قسرًا عن أسرهم.
وفى الحرب العالمية الأولى وتحسبًا لدخول الحلفاء إلى شبه جزيرة جاليبولى التى تحظى بأهمية استراتيجية ألقت السلطات العثمانية القبض على 240 قائدًا أرمينيًا فى القسطنطينية فى 24 أبريل 1915، وقامت بترحيلهم تجاه الشرق، وادعى العثمانيون أن الثوار الأرمن تواصلوا مع العدو وأنهم على استعداد لتسهيل دخول القوات الفرنسية - البريطانية، وعندما واجهتهم قوى الوفاق ثم الولايات المتحدة الأمريكية المحايدة برروا عملية الترحيل باعتبارها إجراءً احترازيًا.
وبداية من مايو 1915، توسعت الحكومة التركية فى عمليات الترحيل، بغض النظر عن بعدها عن مناطق القتال، وتنفيذًا لأوامر الحكومة المركزية فى القسطنطينية قام ضباط الإقليم بعمليات إطلاق نار واسعة وترحيل بمساعدة مدنيين محليين، وقتلت الأجهزة العسكرية والأمنية العثمانية ومساعدوهم غالبية الرجال الأرمن فى سن القتال، إلى جانب آلاف النساء والأطفال، وخلال المسيرات القسرية عبر الصحراء، تعرضت قوافل كبار السن والنساء والأطفال الناجين إلى هجمات وحشية من ضباط الإقليم والعصابات البدوية والعصابات الإجرامية والمدنيين، واشتمل هذا العنف على عمليات سرقة (على سبيل المثال تجريد الضحايا من ملابسهم وتفتيشهم داخليًا بحثًا عن الأشياء الثمينة)، واغتصاب السيدات الشابات والفتيات واختطافهن والابتزاز والتعذيب والقتل.
وخططت الدولة العثمانية فى مطلع القرن العشرين لإزالة أرمينيا من الوجود بإفراغها من سكانها بذبح الرقاب، وإشعال النيران فى الأجساد، وإطلاق الرصاص على الصدور، وهدم البيوت على الرؤوس، وترك الأوبئة والأمراض تنهش الأكباد، والعديد من الوسائل الوحشية الأخرى التى أدت لإبادة العثمانيين لما يقرب من مليون ونصف المليون أرميني في واحدة من أكبر الجرائم بشاعة في التاريخ.
كشف مؤرخون عن مخطط الدولة العثمانية لإزالة أرمينيا وربط دولتهم بأذربيجان وكافة العناصر ذات الأصل التركى من منغوليا حتى القوقاز، وذلك بذريعة نقاء العنصر التركى وأحقيتهم المطلقة فى السلطة والأرض دون باقى الشعوب، وهو ما نادى به المؤتمر الطورانى.
ويقول الأرمن إن القوات العثمانية آنذاك استهدفت أسلافهم بشكل ممنهج، بالقتل والاعتقال والتهجير، بسبب الشك فى دعمهم لروسيا أثناء الحرب العالمية الأولى. ويقدرون أعداد القتلى فى هذه الأحداث بحوالى مليون ونصف أرمنى، وتصنف عشرات الدولة الواقعة كمذبحة ومن بينها ألمانيا وإيطاليا وروسيا وفرنسا، فيما يعتبرها مؤرخون أول عملية إبادة جماعية فى القرن العشرين.
ولا ينكر النظام التركى جرائمه ضد الأرمن لكن ثمة اختلاف فى الرواية إذ يقدر العثمانيين أعداد الضحايا ما بين 300-500 ألفا، زاعمين أن الأرمن سقطوا نتيجة حرب أهلية وترفض أنقرة استخدام لفظ "إبادة" أو "مذبحة".
ويقدر مؤرخون أن مليونى أرمنى كانوا يعيشون فى أراضى الدولة العثمانية مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914، وبحلول عام 1922 انخفض عددهم إلى 400 ألف فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة