حقوق العمال وحقوق أصحاب العمل، إشكالية كبرى أثارها نظام مراقبة للموظفين وضعته إدارة بنوك باركليز العالمية، رغم إقدام الإدارة على إلغاء هذا النظام المثير للجدل.
وبحسب ما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بى بي سي"، واجه البنك ردود فعل عنيفة بعد تجربة آلية لتتبع الوقت الذى يقضيه الموظفون في مكاتبهم، حيث اعتبرتها منظمات حقوقية انتقاص من حقوق العاملين وحرياتهم.
وبحسب "بى بي سي" قال مسئولون من إدارة البنك إن برنامج تتبع الوقت يعتمد على مراقبة الحاسبات الآلية للموظفين، وكان الهدف منه علاج أزمات مثل تراجع عدد ساعات العمل الفعلية للموظفين، إضافة زيادة الإنتاجية العامة، وبالنسبة لتتبع نشاط العاملين تقول شركة sapience للبرمجيات إنها تستطيع معرفة متى لا يكون الموظف متصل بالإنترنت.
وتم الإبلاغ عن الأمر لأول مرة من قِبل إحدى العاملات والتي قالت إن النظام أمر الموظفين بتجنب فترات الراحة وحذر أحد الموظفين من أنه "ليس لديهم وقت كاف لمزيد من الراحة، وواجه باركليز أيضًا انتقادات في عام 2017 بعد استخدام أجهزة التدفئة والحركة للتحقق من استخدام المكاتب، وقال وقتها إن الهدف هو تقييم استخدام المساحات المكتبية.
وفي نفس السياق كشفت شركة جارتنر للأبحاث أن العديد من الشركات الكبيرة تستخدم تقنيات المراقبة "غير التقليدية" التي من الممكن أن تشمل تحليل رسائل البريد الإلكتروني واستخدام الكمبيوتر وحركات الموظفين في جميع أنحاء المكتب.
وعادة ما تقول الشركات أن دوافعها بريئة لكن بعض الحالات شهدت مخاوف من إمكانية استخدام هذه الأدوات للتجسس على الموظفين.
ووفقا للتقرير ففي عام 2016 سحبت صحيفة تليجراف البريطانية الأجهزة التي راقبت الناس في مكاتبهم اثناء فترات العمل بعد أن وجه إليها اتهامات من قبل الاتحاد الوطني للصحفيين، وقالت الشركة إنه تم تثبيت الأجهزة لمعرفة أي المكاتب كانت مشغولة ولتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المكتب.
يذكر أن شركة أمازون واجهت تدقيق بشأن كيفية مراقبة عمال المستودعات لديها، وفي عام 2018 تم الكشف عن أن شركة سوانسي كان لديها براءة اختراع لتصاميم معصم يرتديه الموظفون يمكنه تعقب أين كان العاملين في المستودعات، وقالت أمازون إن الفكرة في حال تنفيذها هي للمساعدة في تتبع المنتجات.
وينص القانون على ضرورة استخدام البيانات الشخصية بشكل عادل وقانوني وشفاف لأنها محمية بموجب القانون، كما يجب أن يكون الاحتفاظ بها لغرض محدد ولا يجب الاحتفاظ به لفترة أطول من اللازم.
ووفقًا لتوجيهات مكتب مفوض المعلومات (ICO) فقبل بدء مراقبة الموظفين يجب على أصحاب العمل التأكد من معرفتهم بالأمر حيث يجب إخبار الموظفين بالأسباب وكيفية استخدام المعلومات التي تم جمعها، كما ينصح ICO أصحاب العمل للنظر في الآثار السلبية المحتملة على الموظفين وما إذا كانت هناك بدائل أقل تدخلا.
ومن جانبها، حذرت TUCوهي هيئة نقابية، من أن أشياء مثل تتبع حركات العمال تخلق حالة من الخوف وعدم الثقة مشيرة إلى أن أي مراقبة يجب أن يتم الاتفاق عليها مع الموظفين وليس فرضها عليهم.
ووجد استطلاع أجرته TUC عام 2018 شمل أكثر من 2000 شخص أن موقف العاملين من المراقبة في مكان العمل يعتمد على طبيعة العمل نفسه، فمثلا يعتبر تتبع أين تتواجد ممتلكات الشركة مثل السيارات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف أمرًا غير مقبول من قِبل أقل من ربع الذين شملهم الاستطلاع، بينما استخدام برنامج التعرف على الوجه ومراقبة استخدام الوسائط الاجتماعية خارج ساعات العمل كان غير مقبول من ثلاثة أرباع الموظفين.
وتقول النقابة إن المراقبة يمكن أن يكون لها فوائد للموظفين في بعض الأحيان حيث يمكن لتتبع موقع الموظفين أن يوفر لهم قدر أكبر من الأمان كما أن تسجيل المكالمات يمكن أن يوفر حماية ضد شكاوى العملاء، وعلى الرغم من هذا يقول إدوارد هوتون رئيس الأبحاث في معهد تشارترد للأفراد والتنمية إن تكنولوجيا المراقبة يمكن أن تسبب ضررًا أكبر من النفع حيث قد يشعر الموظفون أنهم غير موثوق بهم للقيام بعملهم بفعالية.