تمر اليوم ذكرى ميلاد واحدة من أشهر فنانات شارع عماد الدين، بل هى أشهرهن على الإطلاق، إنها الراقصة وممثلة المسرح الشهيرة بديعة مصابنى التى ولدت فى لبنان فى 25 فبراير من عام 1892، وكان ضمن مراحل حياتها المهمة علاقتها بالفنان الكبير نجيب الريحاني.
ويقول كتاب "يوسف وهبى.. سنوات المجد والدموع" لـ راوية راشد عن هذه العلاقة" كان الريحانى قد تزوج من بديعة مصابنى عام 1921 بعد انتقاله إلى مسرح الـ "إيجيبسيان" فمثلت معه مسرحية "الليالى الملاح" تأليف بديع خيرى و"مرتى فى الجهادية" ومسرحية "ريا وسكينة" وكانت تدفع بعشرات الراقصات داخل المشاهد المسرحية أو بين الفصول ليقدموا تابلوهات راقصة، لاقتناعها بضرورة الترفيه عن الجمهور، وكان الريحانى بارعا فى تقديم شخصية الرجل الذكى الذى لا يملك حظا فى الدنيا، وكان يتندر على الناس وعلى أفكارهم بطريقة عبقرية تدفعهم إلى اكتشاف مواع الخطأ فى حياتهم.
كانت حياة نجيب الريحانى بسيطة مثل الشخصيات التى تقوم بآدائها، فقد كان يحب الحياة الهادئة ويبتعد عن الصخب والأضواء، عكس يوسف وهبى الذى كانت حياته عبارة عن حفلة ساهرة بها كل أنواع المتع وكل ألوان الضجيج، يعشق الأضواء، يعيش يومه كأنه يعيش مغامرة لا تنتهي، حتى إنه كان لا ينام سوى ساعات معدودة حتى لا تفوته لحظة من ضجيج شارع الفن الذى يعشقه، على اعكس تماما كان نجيب الريحانى الذى كان كسولا يحب النوم، ويحب الابتعاد عن الضجيج والناس، وكانت بديعة مصابنى تراه رجلا مملا يصعب إرضاؤه وقد حاولت إسعاده بشتى الطرق لكنها فشلت، فقد كانت طبيعة نجيب الريحانى انطوائية، وكان قليل الكلام لا يتفاعل مع أى شيء حوله كأنه مسجون داخل نفسه، أما هى فقد كانت فتاة فى الخامسة والعشرين من عمرها جاءت من لبنان من أجل الفن، بينما تعشق الرقص والحياة وتريد أن تعيش تحت الأضواء ووسط الناس، بينما الريحانى أبعد ما يكون عن هذه الحياة، لذات لم يستمر الزواج طويلا، وانتهى بعد ثلاث سنوات فقط.
وتقول بديعة مصابنى فى مذكراتها "من يعرف الريحانى يعرف جيدا أنه شخص غير مرح، دائم الضجر، ولن يصدق أحد أن هذا الفنان العملاق الذى يضحك الناس إلى حد البكاء يعيش حياة كئيبة خالية من المرح، يعيش فى الحقيقة كرجل مهموم لا يضحك أبدا، وإذا أردتم أن تعرفوا شكل حياتى معه ستجدون أن الثلاث سنوات التى مرت فى زواجنا كانت مثل دهر، لم نتبادل فيها سوى بضع كلمات بسيطة، فهو لا يحسن التعبير عن عواطفه ولا يحب أن يتحدث كثيرا، فقد كان يستيقظ فى الثانية بعد الظهر دون أن ينطق بكلمة، وكنت أنتظره ساعات حتى يشرب قهوته ويقرأ الجرائد والمجلات حتى أتمكن من الحديث معه، وكنت أتحدث فى كل الأمور بينما هو يرد بكلمات قليلة إذا ما لزم الأمر مثل: أيوه، مظبوط، يمكن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة