رغم ما يثار بأن تركيا من أولى الدول في صناعة الطائرات المسيرة – بدون طيار- فإنها تلقت دروسا قاسية في ليبيا، حيث تتوالى الخسائر بإسقاط طائراتها المسيرة من قبل الجيش الوطنى الليبيى، ليصل عدد الطائرات التي سقطت في ليبيا فقط لقرابة 30 طائرة، بعد إعلان المركز الإعلامى لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر إسقاط طائرة مسيرة "تركية" مؤخرا فوق مدينة ترهونة.
وذكر المركز الإعلامى أن هذه الطائرة المسيرة "التركية" أسقطت أثناء محاولتها استهداف تمركزات للجيش، مشيرا إلى أن الجيش يكون بذلك قد أسقط 25 طائرة مسيرة، بخلاف ما سقط أمس الأربعاء.
وأفاد موقع "المرصد الليبي" الإخبارى بأن اللواء التاسع مشاة التابع للجيش والمنتمى لمدينة ترهونة، عرض مقطع فيديو للطائرة التى أسقطت على أطراف المدينة، مؤكدا أنها "تركية الصنع".
ورجح الموقع الإخبارى أن يكون الحطام لطائرة الاستطلاع cagatay التى لا يزيد وزنها عن 12 كيلوغراما، وهى قادرة على حمل القنابل وتنفيذ مهام جوية متواصلة لمدة 14 ساعة.
وتشير المعلومات إلى أن هذا النوع من الطائرات المسيرة يقلع عموديا، ولا يحتاج إلى مطار أو مدرج إسفلتى للإقلاع، كما هو الحال بالنسبة للطائرات التركية المسيرة الأكبر حجما من طراز "بيرقدار"، التى تساند قوات حكومة الوفاق الوطنى الليبية فى قتالها ضد جيش حفتر.
#Erdogan was humaliated by both #Syria Arab Army & #Libya National Army today.Four hours ago,#SAA used Pantsir S1 to shoot-down an Anka-S drone of #Turkish Air Force in Dadikh, #Idlib. Just minutes ago, #LNA used same SAM system to destroy a Turkish Bayraktar-TB2 UCAV in #Tripoli pic.twitter.com/wtEhNJ1Y2E
— Babak Taghvaee (Backup) (@BabakTaghvaee1) February 25, 2020
وشهدت ليبيا على وجه الخصوص، سقوط طائرات مسيرة تركية منذ بداية الهجوم الذي أطلقه الجيش الليبي ضد قوات حكومة الوفاق الليبية في أبريل 2019، لاستعادة العاصمة الليبية طرابلس.واستطاعت قوات الجيش الليبيى إسقاط طائرات مسيرة تركية في 18 فبراير، وفي 23 و12 و2 يناير، هذا إلى جانب الطائرات التي أسقطت خلال العام الماضي منذ إطلاق حفتر الموجة الثانية من الهجوم في 12 ديسمبر 2019، ليصل رقم الطائرات التى تم اسقاطها قرابة 30 أو ما يزيد.
وقد انتشرت صور على الشبكات الاجتماعية، مؤيديون للجيش الليبيى وبين أيديهم المدرعات التركية من طراز "Kipri" أو"Vuran"، إما مدمرة أو سليمة بعد أن تركتها قوات حكومة الوفاق خلال المعارك، وقد سلطت صحف يونانية وتركية مؤخرا الضوء على أسباب فشل المدرعة التركية في ليبيا.
"استهدافها سهل"الباحث في المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، محمد منصور، يرى أن السبب الرئيسي في إسقاط الطائرات التركية هو قرب قوات حفتر من مطار معيتيقة في طرابلس، ومحدودية الممرات المتوفرة لإقلاع هذه الطائرات."وبالتالي، يتيسر رصدها، واستهدافها بسهولة، حيث غالبا ما يكون الاستهداف عقب إقلاع الطائرات مباشرة، وقبل أن تنفذ أي عمليات"، يضيف منصور لـ "موقع الحرة".وأشار منصور إلى أن الطائرات المسيرة تحتاج إلى أن تظل على ارتفاعات منخفضة كي تنفذ هجماتها، مما يسهل عملية الدفاعات الجوية التابعة لقوات حفتر.
مقاتلي الجيش العربي الليبي نشروا العديد من الصور والتي توضح إغتنامهم لعدد من المدرعات التركية ( لميس) أو كيربي2 ،وهي مدرعة تصنع محليا بتركيا بمشاركة شركة Hatehof الإسرائيلية والتي تزود شركة بي ام سي التركية بتقنيات عديدة بالنسبة للتدريع والحماية . pic.twitter.com/XSboSq8DhM
— الأسرار العسكرية (@Military_Secret) January 7, 2020
وظهرت أنباء عن وجود طائرات مسيرة تركية لأول مرة في يونيو 2019، عندما كشف موقع "المرصد" الليبي تقريرا مزودا بأدلة، عن طائرات أوكرانية تقوم برحلات جوية بين تركيا وليبيا، وكان على متنها أسلحة ومعدات مقدمة من جانب إنقرة إلى حكومة فايز السراج.ووفقا للمرصد، فإنه يوجد في العاصمة الليبية طرابلس فريق تركي مسؤول عن تشغيل طائرات "بيرقدار" المسيرة، فيما حاول مسؤولون من حكومة الوفاق نفي هذه المعلومات في بادئ الأمر.#ليبيا🇱🇾
— EL GNERAL 🇪🇬 (@sayedelgabary) January 10, 2020
نجح ابطال الجيش الوطنى الليبى فى اغتنام واعطاب مدرعة تركية اخرى طراز (لميس) من الميليشيات الإرهابية بعد قتل من كانو فيها جميعا .✌️🇱🇾 🇪🇬
كما تظهر فى الصور المدرعة المصرية Tag terrier LT 79 بحوزة ابطال الجيش الوطنى الليبى . pic.twitter.com/sqfA3vkvAwوبجانب عامل الجغرافيا، لفت منصور إلى مشاكل فنية لدى الطائرات المسيرة التركية خلال العلميات العسكرية، مثل محدودية وزن الذخائر التي يمكن لهذه الطائرات تحميلها سواء طائرات "بيرقدار" التي تشغلها تركيا في ليبيا أو سوريا، أو الطرز التركية الأخرى.ويتراوح وزن القذيفة من 45 إلى 65 كيلوغراما، كما أن المدى الإجمالي للطيران لا يتعدى 150 كيلومتر، مما يجعل الطائرة محدودة المناورة والفاعلية، بحسب منصور.وبمقارنة البيرقدار التركية مع طائرات هجومية أخرى، فإن "غراي إيغل" الأميركية على سبيل المثال، يمكنها الطيران لمسافة 400 كيلومترا بشكل متواصل، فيما تستطيع حمل ذخائر تتعدى حاجز الـ 300 كيلوغرام.ضعف إمكانياتأما المحلل العسكري والاستخباراتي، باباك تقوائي، فقال، إن أحد أهم أسباب سقوط عدد كبير من الطائرات التركية هو "زيادة عدد ساعات الطيران" حسبما جاء فى موقع الحرة الأمريكى.وأضاف تقوائي أنه مع تزايد أعداد الطلعات الجوية وأنشطة الطيران، فمن المؤكد تزيد فرص السقوط بالأنظمة الصاروخية التي لدى قوات حفتر والنظام السوري.ويرى المحلل العسكري الإيراني أن إسقاط الطائرات التركية المسيرة بهذا المعدل، يظهر الاستخدام المتزايد لها من جانب القوات التركية في ليبيا، في العمليات الهجومية.وفي مايو 2019، كشف موقع "نورديك مونيتور" عن رسائل عسكرية سرية تعود لعام 2016، حيث يظهر وجود عيوب في طائرات "بيراقدر" تتعلق بأنظمة الاتصال والقدرات الهجومية.مقطع يظهر تحليق طائرة من طراز "بيرقدار TB2"، والتي يصل سعر الواحدة منها إلى خمسة ملايين دولار.أما بالنسبة لسوريا فهناك أسباب إضافية، نظرا لامتلاك قوات الأسد خبرة طويلة في رصد وتتبع الطائرات المسيرة التركية التي تعمل منذ أشهر بشكل يومي فوق إدلب، كما يرى منصور.وأوضح منصور أن قوات الأسد لديها طيف واسع من الأسلحة المضادة للطائرات، خاصة الرشاشات الثقيلة، وقد ساهمت تلك العوامل في إسقاط الطائرات التركية.قوة الجيش الليبيى
الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد حسن، يرى وجود سبب آخر لسقوط الطائرات التركية في ليبيا، وهو التسليح الذي حصلت عليه الجيش الليبيى مؤخرا.وأوضح حسن ، أن قوات حفتر لديها دفاعات جوية روسية الصنع من طراز "بانتسير S-1"، والتي مكنتهم من إسقاط الطائرات المسيرة التركية بشكل دورى، حسبما جاء فى موقع الحرة.يذكر أن قوات مليشيات اردوغان قد منيت بخسائر عدة في المعدات التركية البرية، خاصة مدرعات "Kipri"و "Vuran"، التي استطاعت قوات الجيش الليبيى الاستيلاء على عدد منها فضلا عن تدميرها.وكان تقرير للنسخة التركية من صحيفة "إندبندنت" توجهت بالسؤال لمسؤول عسكري تركي حول سبب فشل المدرعة، مشترطا عدم كشف هويته، قائلا إن "المشكلة الحقيقية تكمن في عدم تمرس مرتزقة اردوغان في استخدام هذه المركبات.فقد تم منحهم مركبات تصل قيمتها إلى 200 أو 300 ألف دولار. وعندما يتعثرون يهربون من المدرعة للنجاة بحياتهم".إضافة إلى هذا، رصدت تقارير عسكرية ليبية عيوب في صناعة هذه المدرعات، وعدم ملائمتها للمهمات التي أرسلت إليها في ليبيا.كما نشر موقع "سول خبر" التركي تقريرا قال فيه إن حسابات تابعة لقوات حفتر تناقلت صورا عدة على الشبكات الاجتماعية تظهر فيها مدرعات تركية من طراز "BMC Kipri" بين أيديهم، بعدما أن استولت عليها من قوات حكومة الوفاق.وأضاف "سول خبر" أن حسابات مؤيدة لحفتر، سخرت من أداء المدرعة التركية، ونشر مستخدمون للمدرعة التركية بعض النقاط السلبية الخاصة بها، مثل: "البطء في المناورة، والتدريع السيء، ورد الفعل البطيء للبنادق الرشاشة، وضعف محاور الدوران الأمامية، وتسرب زيت علبة التروس، وتعثر الباب الخلفي، وتفويت التروس للنقلات أثناء تغيير السرعات".
pic.twitter.com/JHc3suGrM4 https://t.co/AxoFAV2fFL
— Mohamed Mansour 🇪🇬 (@Mansourtalk) January 6, 2020
حكاية الطائرات المسيرة
وفرضت الطائرات دون طيار نفسها في الآونة الأخيرة كسلاح فعال متعدد المهام في المعارك الحربية، وسعت الدول والجماعات المسلحة لامتلاكها، لأهميتها في توجيه ضربات موجعة للعدو بتكلفة منخفضة.
نظرة تاريخية:
يطلق اسم الطائرة دون طيار أو المسيرة أو باستخدام اللفظة الإنجليزية "الدرونز" على الطائرات التي يجري التحكم فيها من بعد، وأحيانا يكون التحكم ذاتيا.
- ظهرت أول طائرة دون طيار في إنجلترا عام 1917، ثم طُورت عام 1924.
- منذ الحرب العالمية الأولى، كانت الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة، أولى الدول استخداما لها في جيوشها، ثم لحق بها الاتحاد السوفياتي في ثلاثينيات القرن الماضي.
- أتاحت الحرب العالمية الثانية 1939-1945، والحرب الكورية 1950-1953، المجال لاستخدامها من قبل الولايات المتحدة في الأغراض التدريبية.
- كما استخدمت كصواريخ موجهة في تلك الحرب، وفي التصدي للطائرات الحربية المأهولة بالطيارين.
اعلان
- كانت الواحدة منها تُستخدم في كل غرض من تلك الأغراض مرة واحدة، لذلك أنتجت منها نحو 15000 طائرة عبر مصنع يقع جنوبي كاليفورنيا.
- دورها في المجال الاستخباري برز بعد حرب فيتنام 1955-1975.
- زودت لأول مرة بالصواريخ في الهجوم على كوسوفا عام 1999.
تصنيفها
تُصنَّف من حيث الشكل إلى ثلاثة أشكال:
- ذات أجنحة ثابتة.
- على شكل طائرة مروحية.
- على أشكال خداعية.
تطلعات للطائرة بدون طيار
- يُتوقع أن يقترب الإنفاق العالمي عليها من 100 مليار دولار مع نهاية عام 2019، نتيجة لتطويرها المستمر والطلب المتزايد عليها.
- تتطلع كثير من الدول إلى تطويرها لإحلالها محل الطائرات الحربية والقاذفات بما في ذلك القاذفات النووية.
- تهيمن كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على صناعتها، وتعتبر الأخيرة المُصدِّر الرئيس لها عالميا.
مشكلات وتحديات
رغم ما وصل إليه التطور في مجال الطائرات دون طيار، فإنها لا تزال تواجه مشكلات فنية وتقنية تسببت بكثير من الحوادث، فقد كشفت تقارير صادرة عن البنتاغون عام 2010، عن تحطم 38 طائرة منها خلال العمليات بأفغانستان والعراق.
تعزى أسباب هذه الحوادث ومثلها إلى ما يلي:
- تعرض الطائرات للإسقاط، وارتكاب الأخطاء البشرية والتنفيذية، وتعذر تتبعها.
- عيوب في التصميم وأخطاء في التجهيز.
- عدم موثوقية المعلومات المتلقاة من العملاء المحليين في مناطق الاستهداف.
- سوء الأحوال الجوية مثل السحب والأمطار.
مزايا المسير
لا يزال التصدي للطائرات دون طيار -خاصة الصغيرة منها- يواجه تحديات مختلفة، منها:
- يتعذر كشفها أو رؤيتها بواسطة العين المجردة.
- رادارات الدفاع الجوي مصممة أساسا للطائرات الكبيرة.
- التكلفة الباهظة التي تتطلبها أنظمة التصدي عند اللجوء إليها، فمثلا أنظمة باتريوت يكلف الصاروخ الواحد منها مليون دولار، في حين قد تبلغ قيمة الطائرة دون طيار نحو 500 دولار.