بعد أسابيع طويلة من المواجهة السياسية الأشد ضراوة فى التاريخ الأمريكى الحديث، أسدل الكونجرس الستارعلى جلسات محاكمة الرئيس دونالد ترامب، الذى يعد ثالث رئيس يواجه العزل، ليصبح ترامب أول رئيس أمريكى ينجو من المساءلة ويسعى إلى الفوز بفترة انتخابية ثانية ، وبرأ الكونجرس فى جلسته النهائية التى عقدت الليلة من تهمة إساءة استخدام مهام منصبه بأغلبية 52 صوتا مقابل 48.
ورغم أن ترامب كان الفائز في النهاية، الا ان المشهد لم يكن بالكامل في صالحه، فأصبح اول رئيس يصوت عضو من حزبه لصالح عزله، حيث أيد السيناتور ميت رومني، سيناتور يوتاه الجمهوري، إدانة الرئيس الذي قال إنه مذنب باساءة مروعة لاستخدام الثقة العامة.
لكن برغم ذلك العملية مثلت انتصارا سياسيا جاء لترامب على طبق من فضة من خصومه الديمقراطيين الذى انقلبت محاولتهم للإطاحة به من منصبه عليهم، فظل فى منصبه، لكن التبرئة تدعم حظوظه فى عام الانتخابات الرئاسية، والتى يسعى إلى الفوز فيها، وتزاد فرصه فى ذلك فى ظل حالة الانقسام الشديد بين الديمقراطيين، وعدم وجود مرشح قادر على ترسيخ نفسه فى المواجهة مع ترامب.
وتقول شبكة سى إن إن الأمريكية إن تصويت البراءة يمثل نهاية لإجراءات عزل تاريخية استمرت أربعة أشهر بدأت فى سبتمبر الماضى عندما أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى التحقيق مع الرئيس فى ظل مزاعم أنه قام بتعلق المساعدات الأمنية الأمريكية لأوكرانيا وضغط عليها للتحقيق عن نائب الرئيس السابق جو بايدن ونجله هانتر، وكان مجلس النواب قد صوت لصالح مساءلة ترامب فى ديسمبر الماضى بتهمتى إساءة استخدام سلطته وعرقلة الكونجرس.
ويأتى التصويت النهائى فى مجلس الشيوخ بعد معركة مريرة حول المحاكمة التى بدأت قبل أسبوعين، حيث سعى الديمقراطيون فى مجلس الشيوخ ومديرو العزل من مجلس النواب إلى الضغط على مجلس الشيوخ للاستماع إلى شهود فى المحاكمة بينهم جون بولتون، مستشار الأمن القومى السابق الذى زعم فى كتاب له ان الرئيس أخبره أن ربط المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بالتحقيقات مع الديمقراطيين.
لكن الجمهوريين، الذين يتمتعون بأغلبية 53 صوت مقابل 47 للديمقراطيين فى مجلس الشيوخ، رفضوا الحاجة الاستماع إلى شهود، وقالوا إنه كان على مجلس النواب أن يستمع إلى الشهود الذين يرغب بهم قبل التصويت بمساءلة ترامب، وأن التصويت لصالح استدعاء الشهود يمكن أن يثير مخاوف تتعلق بالامتياز التنفيذى الذى يمد أمد المحاكمة إلى أجل غير مسمى.
وفى محاكمتى العزل السابقتين فى التاريخ الأمريكى، للرئيسين أندرو جونسون وبيل كلينتون، تم الاستماع لشهادات الشهود..لكن الجمهوريين رفضوا تكرار ذلك فى المحاكمة الجارية، ويقولون إن القضية ضد ترامب معيبة للغاية، وأن جلسات العزل فى مجلس النواب العام الماضى قدمت شهادات كافية.
وتتوقع سى إن إن أن تظل الآثار الجانبية لهذه المواجهة لسنوات، ولعهود سياسية لاحقة، وقالت إنه سيكون هناك ضحايا بالتأكيد على المدى القصير سواء الرئيس أو من لاحقوه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية بعد نحو تسعة أشهر. لكن الأحداث الدرامية فى عامى 2019 و2020 ربما تغير أيضا الكيفية التى ستفهم بها الأجيال المستقبلية السلطة الرئاسية وتطهير إساءة استخدامها باستخدام العزل نفسه.
ورغم انتهاء العزل، فإن المواجهة الحادة بين ترامب والديمقراطيين لم تنته، حيث تفرض الانتخابات الرئاسية المقررة من نوفمبر المقبل على الطرفين البحث عن استراتيجية هزيمة الآخر، الفارق سيكون أن ترامب سيكون أكثر ارتياحا بعد هذا الانتصار وإن كان سيتوجب عليه توخى الحذر خلال الأشهر المقبلة، حتى لا يقع فريسة خطأ ولو صغير يمكن أن يلقطه الديمقراطيون لمحاولة الإيقاع به مجددا.
فى حين سيكون على الديمقراطيين إعادة حساباتهم من جديد، والتركيز على بناء وحدتهم الداخلية أولا قبل أن يبحثوا عن سبيل للتخلص من ترامب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة