كم هي جميلة أبيات أغنية كوكب الشرق "أم كلثوم" "اسأل روحك"، والتي تقول: "اسأل رُوحك، اسأل قلبك، قبل ما تسأل إيه غيرني، أنا غيرني عذابي بحُبك، بعد ما كان أملي مصبرني، غدْرك بيَّ أثر فيَّ، واتغيرت شوية شوية، اتغيرت ومش بإيديا، وبديت أطوي حنيني إليك، وأكره ضعفي وصبري عليك، واخترت أبعد، وعرفت أعند، حتى الهجر قدرت عليه، شُوف القسوة بتعمل إيه".
بالمُصادفة، مُنذ يومين استمعت لهذه الأبيات، والحقيقة أنها تُعبر عن فلسفة سيكولوجية داخل النفس البشرية، فالإنسان بالفعل قد يتحمل فوق طاقته؛ بسبب مشاعره، ويظل عنده الأمل في أن من يُوليهم مشاعره، ويأتمنهم على أحاسيسه، سوف يعودون لعهدهم، ويستعيدون صوابهم، ولكن اللامبالاة، وعدم الاكتراث، والاكتفاء بأن الإنسان يعلم ظروفه، ولا يهم إن كانت قرارته ستؤُثر بالسلب على الطرف المُحتمل، والفكر المُفعم بالذاتية، والغدْر بدون أسباب، هي كلها صُور للقسوة والعُنف، التي تتسبب في حُدوث تغير مُفاجئ في الأحاسيس ورُدود الأفعال، وبالتبعية يشعر هذا الشخص بأنه في حالة تغيير داخلي لاإرادي، فيبدأ في كُره مشاعره، وصبره وتعاطفه؛ لأن المشاعر مثل أي شيء في الحياة، تحتاج لمُقابل، وأنبل وأسمى مُقابل في الوجود هو التقدير، ومُقابلة الحنان بمثله، أما أن تُقابله بالقسوة، فهذا هو قمة الغباء؛ لأن هذا الشخص قد يحتملك شُهورًا، وقد تصل إلى سنين، ولكنها في النهاية أيام، وسيمنحه قلبه الضوء الأحمر، الذي يقول له: "قفْ، لا فائدة من مُحاولاتك، فهؤلاء ضلوا الطريق، ولا أمل في عودتهم، فهم في حاجة إلى مُعجزة لكي يشعروا بك، ويمنحوك قدْرك، أو على الأقل يعترفوا بأخطائهم في حقك".
في الواقع، ما أجمل كلمات تلك الأغنية، التي تُؤكد أن العاطفة لابد أن يكون لها نهاية، طالما أنها لا تجد الصدى الذي يُناسبها، وما أصعب أن تتعامل بقسوة وكِبْر، مع شخص مُمتلئ بالحنان والأحاسيس، وما أجهل أن تتعامل بعِناد مع عقل ناضج ومُفكر.
فقبل أن تجرفكم القسوة في تيارها العاتي، فكروا أولاً في نتائجها، التي لا يُحْمد عُقْباها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة