على الرغم من أن نتيجة تصويت مجلس الشيوخ الأمريكى فى محاكمة عزل الرئيس دونالد ترامب كانت شبه مؤكدة، وأنه سينجو من محاولة الديمقراطيين الإطاحة به قبل إكمال فترته الرئاسية، إلا أن البعد التاريخى للحدث جعله فى صدارة اهتمام وتغطية الصحف العالمية، التى أجمعت على أن إسدال الستار على المساءلة هو نهاية لمرحلة وبداية لأخرى، وتوقعت أن نيران المعركة السياسية بين ترامب وخصومه لن تهدئ خلال الأشهر المقبلة، لكن الفارق هو تبادل الأدوار، فأصبح الرئيس فى موقف أقوى بعد تحقيقه انتصار سياسى فيما سيسعى الديمقراطيين إلى الحد من خسائرهم لأقصى درجة قبل الانتخابات.
"انتصار سياسى للبيت الأبيض"..هكذا علقت صحيفة "واشنطن بوست" على نتائج محاكمة ترامب، ولم تجد مفرا من الاعتراف بهذه النتيجة رغم كل هجومها السابق عليه، ورغم حقيقة أن تسريباتها التى كشفت عن تعاملات ترامب مع أوكرانيا كانت السبب فى بدء تحقيقات العزل بالأساس.
وقالت الصحيفة إن النتيجة تمثل انتصارا سياسيا للبيت الأبيض ولزعيم الأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونويل الذى نجح فى جمع كل الجمهوريين تقريبا لمنع الاستماع إلى الشهود أو تقديم أدلة إضافية من الإجراءات، وكان جمهوريا واحدا فقط وهو سيناتور يوتاه ميت رومنى، قد صوت لإدانة ترامب بتهمة إساءة استخدام سلطته.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن ثالث محاكمة لعزل رئيس فى التاريخ الأمريكى قد أنهت واحدة من أشد الحلقات مرارة فى التاريخ الحديث فى واشنطن، والتى شابتها المعارك الحزبية حول ما يعد محاكمة عادلة، ومناقشات حامية حول مدى ملائمة تعاملات ترامب مع أوكرانيا، وضغط هائل على عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين كان لديهم تأثير كبير بشأن المحاكمة شهود رئيسيين من إدارة ترامب التى رفضت دعوات الظهور أمام مجلس النواب خلال التحقيقات.
لكن تصويت رومنى، الذى كان المرشح الرئاسى للحزب الجمهورى فى عام 2012، حرم ترامب من معارضة جمهورية موحدة ضد العزل التى كان يتمتع بها وتفاخر بها مرارا منذ بدء التحقيق فى سبتمبر الماضى، وأصبح رومنى أول سيناتور فى التاريخ يصوت للإطاحة برئيس ينتمى لحزبه.
وكان رومنى السيناتور الوحيد الذى لم ينشق فقط عن حزبه، ولكن قسم صوته حيث أدان ترامب فى التهمة الأولى لإساءة استخدام السلطة، بينما اختار تبرئة ترامب من تهمة عرقلة الكونجرس.
وتنتقل مسألة ما إذا كان ينبغى أن يظل ترامب فى المنصب الآن من مجلس الشيوخ إلى الحملة الانتخابية، حيث من المتوقع أن تظهر القضية فى سباقات مجلس الشيوخ التى بها منافسة شديدة، وسيستهدف الديمقراطيين أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لمساندتهم بجوار ترامب.
أما صحيفة "الجارديان "البريطانية فتناولت تأثير التطورات على الديمقراطيين، وقالت إن تبرئة ترامب تضع نهاية لمعركة لم ترغب بها أبدا نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب فى المقام الأول، ويمكن أن تمثل مشكلات فى المستقبل للحزب الديمقراطى مع سعيه الآن للإطاحة بالرئيس عبر صناديق الاقتراع.
وكانت بيلوسى قد قالت فى يناير الماضى إن العزل سيكون دائما وصمة فى سجله. لكن على المدى الأقصر، هناك مخاوف من أن الديمقراطيين الذين صوتوا بأن ترامب مذنب يمكن أن يواجهوا الآن تداعيات خطيرة فى الانتخابات المقررة فى نوفمبر المقبل.
وأكدت الصحيفة أن عملية العزل تركت ترامب على ما يبدو فى موقف أكثر قوة وليس ضعيفا.
ففى يوم الثلاثاء، سجل ترامب أعلى نسبة شعبية له على الإطلاق فى استطلاع للرأى، فى الوقت الذى تحول فيه سباق الديمقراطيين فى أيوا إلى حالة من لفوضى، ويستهدف الجمهوريون والمنظمات السياسية المرتبطة بها الديمقراطيين أملا فى الحصول على أصوات ناخبيهم، مما دفع البعض إلى القلق بشأن الانتخابات المقررة فى نوفمبر والتى ستشمل انتخاب الرئيس وعدد من مقاعد الكونجرس..فالسيناتور الديمقراطى دوج جونز، الذى يسعى لإعادة انتخابه فى ولاية ألاباما المؤيدة بشدة للجمهوريين، قد صوت لإدانة ترامب، هو الامر الذى لن ينساه الكثير من الناخبين هناك على ما يبدو.
وكان زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل قد قال عقب التصويت بتبرئة ترامب إن الجمهوريين الذين يسعون لإعادة انتخابهم فى وضع أفضل اليوم عما كانوا عليه قبل بدء محاكمة العزل.
وكان استطلاع مركز جالوب قد حدد نسبة الرضا عن أداء ترامب بـ 49%، وهى أعلى نسبة يصل إليها فى استطلاع المركز الأمريكى. فيما وجد استطلاع آخر نسبة شعبية ترامب بـ 43.5%، وهى أثل مما يحظى به الرؤساء عادة، لكن فى النهاية أعلى من معدلات شعبيته فى السنوات الثلاث السابقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة